يتوجه
التونسيون الأحد المقبل إلى صناديق الاقتراع في
انتخابات يرى مراقبون أنها ربما تحدد مصير عملية التحول الديمقراطي في تونس، في أعقاب الثورة الشعبية التي أطاحت بابن علي، لا سيما في ظل التنافس في تلك الانتخابات بين أحزاب محسوبة على الثورة وأخرى على نظام ابن علي.
ويرجح مراقبون أن تشهد الانتخابات التشريعية منافسة محتدمة لا سيما بين حزبي
النهضة ونداء تونس، الذي يضم وجوها من نظام ابن علي.
وفي لقاء مع موقع (CNN) قال لطفي زيتون المستشار السياسي لرئيس الحركة راشد
الغنوشي، إن على التونسيين أن يطمأنوا لأنهم أمام حركة (النهضة) قوية وعاقلة ويمكنها السهر على تطبيق القانون وحماية البلاد والتجربة الديموقراطية ومستعدة للعمل مع كل الأطراف واستيعاب كل الطاقات من مختلف الألوان السياسية في إطار حكومة وحدة وطنية.
وأضاف زيتون أن التجربة التي تخوضها الحركة في الملاءمة بين المرجعية الإسلامية وقيم الحداثة وعلى رأسها الديمقراطية، تفتح المجال أمام الحركة لمزيد من الاقتراب من الشعب والاتحاد بمشاغله وأن الشعب وخاصة الفئات المتعلمة منه ستقدر هذا الجهد الذي تقوم به النهضة.
وحول موقف الحركة من الانتخابات الرئاسية قال زيتون إن الحركة "لم تحدد موقفها من الانتخابات الرئاسية بعد وأجلت الحسم إلى ما بعد تبين نتائج الانتخابات البرلمانية حيث ينتظر أن تتوضح الخارطة السياسية الجديدة والتحالفات الممكنة، وليس لنا موقف مسبق من السيد المنصف المرزوقي، هذا لا يمنع ظهور بعض التباين في الاستراتيجية الانتخابية بين حركتنا التي تدعو الى الوفاق والوحدة وبعض الاستراتيجيات الأخرى سواء التي تدعو وتدفع إلى الاستقطاب بين أنصار 7 نوفمبر/ تشرين الثاني، ما نعتبره نحن عودة إلى الماضي الذي حسمت معه الثورة وتفتيت للوحدة، أو التي تدعو إلى تقسيم البلاد إلى مجتمعين مجتمع أصولي ومجتمع حداثي وهو تقسيم خطير في نظرنا لما يحمله من بذور التحارب الاهلي واستدعاء الارهاب الى بلادنا".
وتابع أنه "في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية، ستكون الحركة امام خيارات متعددة تتراوح بين البقاء على الحياد ومساندة مرشح بعينه. وفي هذه المرحلة كل المرشحين سواء وهم مرشحون محتملون، والذي سيحسم موقف الحركة كما ذكرت هو جملة من العوامل بينها الوزن البرلماني والاستعداد للعمل والتالف مع النهضة والموقف من الدستور والمكاسب السياسية التي حققتها الثورة".
وعن تجربة الإخوان المسلمين في مصر والاختلاف بين تونس ومصر أوضح زيتون أن الاختلاف يكمن في الاجتماع السياسي التونسي والمصري ففي تونس فشلت الديكتاتورية رغم شراستها في تصحير المشهد السياسي والأهلي، فاستمرت منظمات كبرى في العمل المدني وبقيت دائما على أطراف السياسي توفر مظلة للفاعلين السياسيين وأبرز هذه المنظمات الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية لحقوق الإنسان ونقابة المحامين واتحاد الصناعة والتجارة.
ولفت إلى أن "ما أرساه الزعيم بورقيبة من تحييد للمؤسسة العسكرية عن الصراع السياسي، ونجاح النخبة السياسية المنافسة للنهضة في تشكيل حزب سياسي كبير جعل من الممكن في نظرها اسقاط النهضة عبر صناديق الاقتراع وهو ما لم يحصل في مصر حيث لمم ينشا جسم سياسي كبير منافس للاخوان المسلمين فتركوا في مواجهة المؤسسة العسكرية التي اقصتهم في النهاية".
وعن الانتخابات القادمة قال إن الحركة ستتحالف مع كل من يقبل التحالف معها ويبدي استعدادا للالتزام بقيم الثورة والمكاسب السياسية التي حددتها ويساهم معنا في بلورة برنامج مشترك لمعالجة مشاكل البلاد.
وعن التحاق التونسيين بداعش قال زيتون إن الثورات العربية شكلت أملا في خروج المنطقة من الاستقطاب الذي حكمها في العشرية الماضية بين الديكتاتورية والإرهاب، ولكن عندما وصلت موجة التغيير الى منطقة شديدة الاضطراب والتوتر والتنوع الديني والعرقي وعندما تعطل قطار الثورة في سوريا وتحولت ثورتها إلى تمرد مسلح استدعى كل قوى التشدد في المنطقة كما أن اشتداد الصراع السياسي والاستقطاب الإيديولوجي في الدول الأخرى مثل مصر وتونس واليمن وخروجه عن الضوابط المتعارف عليها تسبب في عزوف المواطنين عن السياسة ويأس الشباب من الثورات وتصاعد إغراء العمل المسلح مع الانتشار الواسع للسلاح.
وتابع: "في خضم هذه الأوضاع حاولت النهضة خلال السنة الأولى من حكمها مستفيدة من التجارب السابقة في محاربة الإرهاب خاصة في الدول الديموقراطية بعدم الاقتصار على المعالجة الأمنية وإغراء هؤلاء الشباب بالتخلي عن العمل السري الذي يفضي إلى الإرهاب والاندراج في العملية الديمقراطية والعمل في إطار القانون كسياسة وقائية من الإرهاب الذي كنا نراه قادما من وراء الحدود وكان ذلك بالتوازي مع تفعيل القانون والمعالجة الأمنية بما كانت تسمح به الظروف وقتها حيث كانت المؤسسة الأمنية منهكة من أثر الثورة والمؤسسة العسكرية موزعة بين مواجهة التهريب وحماية الأمن ومقاومة الإرهاب فشلت هذه الاستراتيجيا بسبب المزايدات الايديولوجية وانفلات الصراع السياسي عن كل ضوابط. و ما تشهده تونس اليوم من تقدم العملية الديمقراطية وإمكانية نجاح اول بلد عربي في تجاوز مقولة الاستثناء العربي إذا لقي الدعم خاصة من أصدقائها التقليديين وعلى رأسهم الولايات المتحدة قد يتحول إلى سلاح فعال في مواجهة الإرهاب بقوة النموذج".