قبل أكثر من 30 عاما فقدت الحاجة افتخار ابنها شكري فدعت ربها أن يرزقها بمولد فرزقت بولد أسمته ذات الاسم ليكون هو وعائلته قصة إنسانية شاهدة على الوضع الإنساني الكارثي الذي يحياه سكان قطاع
غزة المحاصرين من قبل الاحتلال الإسرائيلي والمدمر بآلية العدوان الإسرائيلي عبر ثلاثة حروب متتالية في فترة زمنية لا تتجاوز ست سنوات.
بعيون تملؤها الدموع وقلب يعتريه الحزن وبصوت منخفض تقول الحاجة افتخار العسولي "أم شكري"، "كان أولاد شكري دائما يلعبون معي يأكلون هنا والآن لا أجدهم ولا أعرف مصيرهم ولم يخبرني أحد أين هم"، مؤكدة أنها شعرت بارتياح عندما سمعت صوت ابنها شكري حينما تمكن من الاتصال بها، لكنها تنتظر بقلق كبير مصير باقي العائلة.
وكان شكري زكريا العسولي البالغ من العمر 30 عاما غادر غزة هو زوجته هيام شلاش العقاد 25 عاما وابنته رتاج 4 أعوام وابنه يامن 9 أشهر يوم الأحد 24 آب/ أغسطس 2014، وركب
البحر هو وعائلته يوم السبت 6 أيلول/ سبتمبر 2014.
من جانبه بين الأخ الأكبر لشكري أحمد زكريا العسولي 42 عاما أنه فوجئ بإبلاغه من قبل أخيه عن نية
الهجرة بحثا عن حياة أفضل مؤكدا رفضه لقرار أخيه بالهجرة رغم المأساة الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جراء الحصار والعدوان الإسرائيلي".
وقال: "هذا لا يعني أن أبدل غزلانها بقرودها".
وأكد الأخ الأكبر في حديث خاص لـ "عربي 21"، أن الاتصال انقطع مع شكري منذ أن ركب البحر، موضحا أن أخته تلقت اتصالا من شكري صباح الأحد 14 أيلول/ سبتمبر قال خلاله: "وصلت بالسلامة لكني لا أعلم عن زوجتي وابنائي أي شيء".
وبدا الحزن والقلق هو السائد على العائلة ولجئت لشركة الاتصالات المحلية لمعرفة الرقم الذي تم الاتصال من خلاله من أجل الرجوع إليه لكن الشركة أكدت لهم أن الرقم هو من اليونان وليس من إيطاليا مما زاد في قلق العائلة.
وفي اليوم التالي كشف أحمد أنه استقبل اتصالا من شكري أكد تواجده بمستشفى يوناني لتلقي العلاج إثر تدهور حالة الصحية والنفسية، وأنه لم ينجو أحد من القارب سواه – حسب اعتقاده- بعدما اصطدم بهم متعمدا قارب آخر وأغرقهم قبل نصف يوم من وصولهم لإيطاليا.
وأغرق القارب الذي كان يحمل على متنه قرابة 50 عائلة يوم الأربعاء الموافق 10 من ذات الشهر، ويقدر عدد من كانوا على متنه بـ 400 فرد وذلك بحسب بيان للسفارة الفلسطينية في اليونان.
واتهم العسولي المؤسسات الدولية بالتقصير في العمل على إنقاذ المهاجرين، متسائلا: "لو كانوا هؤلاء من جنسيات أوروبية هل يصمت العالم عليهم إلى الآن؟".
وطالب بالكشف عن مصير كل من كانوا على "قارب الموت"، مؤكدا سعيه لعودة أخية لأرض الوطن.
وكانت والدة شكري طالبت بفتح تحقيق مع الذين يدعون للهجرة وتطبيق القانون عليهم، متهمة إياهم بالارتباط بأجهزة مخابرات خارجية.
من جانبه أكد الصديق المقرب لشكري احمد البنا في حديثه مع "عربي21" والذي كان ينوي الهجرة أنه تخلي تماما عن هذه الفكرة بعدما رأى ما حدث.
ويستعين من يرغب بالهجرة بشخص يدعى "الحوت أبو حماده السوري"، يقيم بمصر ويقوم بالتنسيق لهجرتهم مقابل 2500 دولار أمريكي عن كل فرد وذلك حسب ما أفاد به البنا.
وحول الجهود المبذولة لانتشال الضحايا أكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدكتور رامي عبدو في تصريح خاص لـ "عربي 21"، "أن الجهود متعثرة ولا نستطيع تأكيد توجه خفر سواحل الإيطالية أو المالطية واليونانية بتجاه مكان
غرق السفينة على الأقل لانتشال الجثث"، موضحا أن تعاملهم "يتسم بالتلكؤ وعدم اعطاء الاهتمام الكافي".
ويؤكد عبدو نجاه ثمانية من الفلسطينيين ممن كانوا على متن القارب وصل منهم 3 لليونان و5 لإيطاليا، مبينا قيام سفينة بنمية كانت تمر بالقرب من القارب بإنقاذ اثنين من الغرقى وإعطاء إشارة عن مكان تواجد هذا القارب الغارق.
وشدد رئيس المرصد على "ضرورة تطوير عمل الوكالة الاوروبية لإدارة الفعاليات الخارجية ومراجعة أنظمة الهجرة والتدخل العاجل والإنقاذ لدى تلك الدول".