حاول وزير الخارجية الأميركي، جون
كيري، الجمعة، في أنقرة إقناع
تركيا بدعم التصدي لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وأبدى ثقته بالنجاح في تشكيل تحالف عالمي بهدف "القضاء" على التنظيم المتطرف.
ويقوم كيري بجولة في الشرق الأوسط، وتمكن من الحصول على دعم عشر دول عربية ضد "تنظيم الدولة".
لكن محطته في تركيا كانت أساسية، وخصوصا أن تركيا جارة العراق وسوريا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، وترفض مشاركة نشطة في العمليات المسلحة ضد التنظيم أو الجماعات المسلحة في كل من سوريا والعراق.
والتقى كيري في أنقرة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ووزير الخارجية مولود شاويش أوغلو.
وقال الوزير الأميركي في مؤتمر صحفي إن الحلفاء "توافقوا على القول إن تنظيم الدولة هي أحد أكبر التهديدات لأمن تركيا والمنطقة برمتها وخارجها".
وكرر "التزام الولايات المتحدة حماية أمن وسيادة ووحدة أراضي تركيا (...) والعمل من أجل أوسع تحالف ممكن يضم الشركاء الدوليين من أجل القضاء مرة واحدة وأخيرة على تهديد التنظيم تماما".
لكنه لم يحدد ما إذا كان نجح في إقناع أنقرة التي ترفض مشاركة كثيفة في العمليات المسلحة ضد "تنظيم الدولة"، والتي تنوي الولايات المتحدة مواصلتها في العراق، وتوسيع نطاقها نحو سوريا.
ولم توقع أنقرة الخميس في جدة السعودية على البيان المشترك الذي صدر عن عشر دول عربية والولايات المتحدة التي التزمت بمقاتلة التنظيم، بما في ذلك "المشاركة في حملة عسكرية منسقة".
ولا ترغب أنقرة أيضا في السماح للأميركيين باستخدام قاعدتها الجوية في انجرليك (جنوبا) القريبة من الحدود السورية، لشن الهجمات.
وتخشى تركيا من تعريض حياة 46 من رعاياها يحتجزهم التنظيم منذ حزيران/ يونيو في الموصل شمال العراق.
وعلّق دبلوماسي أميركي ردا على سؤال حول رفض أنقرة بالقول: "على ما يبدو هناك حساسيات في الجانب التركي نحترمها".
وفي المجالس الخاصة، قلل مسؤولون أميركيون آخرون من شأن التحفظات التركية، مؤكدين أن حليفهم يفضل التحرك من وراء الكواليس في الملف السوري بدلا من الظهور في تحالف مناهض للمتطرفين.
وأعلنت الرئاسة التركية إثر المحادثات مع كيري أن "تركيا والولايات المتحدة ستواصلان مكافحة كل المنظمات الإرهابية في المنطقة معا، كما كانت عليه الحال في الماضي".
ومن جهته، أفاد رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، أن الاستراتيجية التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة "تنظيم الدولة" المعروف بـ"
داعش"، وحل الأزمة في المنطقة ضرورية، لكنها ليست كافية لتحقيق الاستقرار.
وأضاف داود أوغلو، في لقاء بإحدى القنوات التلفزيونية المحلية، أن التطرف خطر كبير، وأن تركيا لا ترغب في تشكل أي منظمة إرهابية بالقرب من حدودها، وأنه يجب معرفة الأسباب الحقيقية لظهور جماعات متطرفة، وعدم السماح لهم بالتشكل مرة أخرى، قائلا: "يجب تحليل ومعرفة الأسباب الحقيقية لظهور الجماعات المتطرفة، إن قضيت على جماعة تظهر لك جماعة أخرى، أو نفس الجماعة باسم آخر، لذلك يجب منع تشكيل أجواء تساعد على ظهور هذه الجماعات".
وقال رئيس الوزراء التركي، إن سوريا "ربما لا تملك مصادر طبيعية وليست غنية بذلك، لكنها تملك موقعا استراتيجيا هاما في المنطقة، فهي تحد العراق ولبنان وتركيا وفلسطين وإسرائيل والأردن، وهي مناطق ساخنة، كالعراق ولبنان متعددة المذاهب، وفلسطين قضية احتلال ومشكلة دولية"، مشيرا أنه يجب أن تهيمن السياسة التي تستوعب وتمنع التطرف والتشدد.
وتابع داود أوغلو: "إن تم تجاهل الأزمة السورية، ولم يقم المجتمع الدولي بحلها، ربما تقع زلازل سياسية كبيرة في المنطقة. حاولنا إقناع الأسد لمد 8 ـ 9 أشهر في بداية الأزمة، لكنه ظن أنه يعيش في التسعينات أو الثمانينات، واعتقد الأسد أنه سيتمكن من حل الأزمة كما تم ذلك بالقبضة الحديدية في حماة وحمص في العام 1982، ولم يستمع إلينا".
وأفاد داود أوغلو أن تركيا أبلغت أصدقاء الأسد، روسيا وإيران، بأن الأزمة السورية تكبر، ولكنهما تعتقدان أن الأسد سيتمكن من السيطرة على الأحداث في فترة قصيرة.
وردا على سؤال عن سبب عدم توقيع تركيا على المشاركة في الحلف الذي سيواجه "تنظيم الدولة"، قال داود أوغلو: "ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية من الحلف واضح، والسبب من عدم توقيع تركيا على بيان قمة جدة واضح أيضا، أتمنى أن يعي الجميع ما أقول، لا أريد الدخول في تحليل ذلك، لأنني سأضر بالسبب وراء عدم توقيعنا على المشاركة في الحلف".
وبشأن المواطنين الأتراك الذين خطفهم "داعش"، في مدينة الموصل، أكد داود أوغلو أن تركيا تعمل على إطلاق سراحهم، وتتمنى عودتهم إلى أهاليهم سالمين، بدون التعرض لأي أذى، قائلا: "أولوياتنا في الوقت الحالي إعادة
الرهائن إلى عائلاتهم سالمين، أعدنا أحد المواطنين بعد خطفه في أفغانستان لمدة عام ونصف العام".
ومن جانبه، أبدى كيري ثقته بالنجاح في بناء
التحالف الدولي المأمول، وقال: "سيكون تحالفا واسعا مع دول عربية ودول أوروبية والولايات المتحدة وآخرين يساهمون في كل من أوجه الاستراتيجية التي عرضها الرئيس أوباما" في العاشر من أيلول/ سبتمبر الجاري.
لكنه نبه إلى أنه من السابق لأوانه "شرح المهمة التي سيقوم بها كل بلد" داخل هذا التحالف.
ورحب كيري بـ"العزم الواضح الذي أظهرته فرنسا للتحرك في العراق، واللجوء إلى القوة".
لكنه لم يعلق حول تردد أو رفض حلفاء أوروبيين القيام بعمل عسكري في سوريا.