في جولة لزعيم
حماس في
غزة إسماعيل هنية في بيت حانون في الحي الذي كان يعرف بحي بورة، سلم هنية على من قابله من سكان المدينة وعانق الكبار في العمر وقبل جبهة المقاتلين الملثمين. وكانت أعلام حماس ترفرف والأطفال يراقبون من على أكوام الأنقاض الإسمنتية، وقال هنية لأحد السكان "البنايات هي بوابات النصر".
وتقول جودي رويرن مراسلة "نيويورك تايمز" التي حضرت المشهد: "بعد أكثر من أسبوع على الوساطة المصرية التي أنهت 51 يوما من القتال بين
إسرائيل والمقاتلين الفلسطينيين في غزة، لم يتغير أي شيء على الأرض، فلا تزال الكهرباء نادرة، وعلى السكان الوقوف في طوابير للحصول على الماء النقي، ولا أخبار عن وقت وصول مواد البناء التي وعد الغزيون بها ومن سيشرف عليها".
ولكن حماس "الفصيل الإسلامي الذي حكم غزة لمدة سبعة أعوام وقاد المعركة وزعت 40 مليون دولار على السكان، وأعطت كل عائلة 2.000 دولارا أمريكيا حسب موسى أبو مرزوق، مسؤول حماس المقيم في القاهرة والذي رافق هنية في جولته، فبعد تسليم حماس الوزارات في حزيران/يونيو لحكومة فلسطينية جديدة من أجل إدارة الأمور في القطاع، لا تزال صورة هنية معلقة في مكتب مسؤول التعليم وحماس الآن في أقوى أوضاعها منذ سنوات".
و"تظهر الاستطلاعات صعودا غير مسبوق له في الدعم لها بسبب الحرب دون أن يلومها أحد على الدمار الذي خلفته الحرب، وفي الأيام الأخيرة قضى قادة الحركة وقتهم وهم يقومون بجولات انتصار، يلتقون بعائلات الضحايا ويتجولون بين الأنقاض، وفي أكثر من مقابلة تجنبوا الأسئلة حول ما سيحدث بعد قائلين: دعونا ننتظر ونر".
ونقلت رويرن عن محمود الزهار قوله: "هذه مسؤولية محمود عباس" مشيرا لرئيس السلطة الوطنية، مضيفا: "نحن لسنا مسؤولين".
ويقول زياد الظاظا، نائب وزير المالية الذي دمر بيته المكون من أربعة طوابق إن حماس "لا لوم عليها لأن قادتها كانوا على خطوط القتال وعانوا من الخسائر"، ولأن "من يقدم الإغاثة للناس هي حماس ومن يخرجون ويخففون عنهم هم رجال حماس".
وتضيف الكاتبة: "لا تزال حماس معزولة في المنطقة بشكل نسبي، وتراجع مخزونها من الصواريخ، وفشل اتفاق وقف إطلاق النار بالوفاء بالمطالب المتكررة لرفع الحصار وبشكل كامل عن حركة الناس والتجارة، ولهذا فشهر العسل قد لا يستمر، فكلما مر الوقت دون حصول تغير على الوضع في غزة، كلما بدأ الناس بلوم حماس كما يقول المحللون حيث سقط 2100 شخص وحصل دمار كبير على طول المناطق الساحلية".
وتنقل رويرن عن عمر شبانة وهو محلل اقتصادي ومرشح سياسي سابق قوله: "سيكون أعداء حماس حمقى بما فيه الكفاية لتحمل جزء من العبء". ويقول: "أنا مستقل، ولست مع حماس، ولست مع فتح، والآن أنا متأكد 100% أن عباس هو المخطئ، وهو لم يأت لغزة ولم أسمع أي شيء منه".
و"حتى وزير الأشغال العامة عبر عن إحباطه من عباس بعد لقاء جرى الأربعاء في الحي المدمر بالشجاعية. وقال مفيد الحساينة إن حماس تعمل حيث قدمت للناس 2000 دولار. وقال: "المال يعطيك القوة، يعطيك كل شيء، وهم أقوى منا نحن الحكومة".
وتؤكد إسرائيل أن حماس تلقت ضربة قوية، فقد دمرت 30 نفقا، ولدى مقاتلي حماس حوالي 3000 صاروخ على الأقل أي ثلث ما كانوا يملكونه قبل بداية الحرب. وقتلت الغارات الإسرائيلية 3 من قادة حماس الكبار ومئات من المقاتلين، مع أن مصير قائد كتائب القسام محمد الضيف غير معروف رغم قول أبو مرزوق والزهار إنهما التقيا به.
وتضيف أن ابن أخت هنية قتل فيما دمر بيته بالكامل، أما الزهار فقد كان في لقاء تحت شجرة إلى جانب ما تبقى من فراش بيته المدمر.
ويشير التقرير إلى أن الحركة أنشئت عام 1987 وخاضت حربين مع إسرائيل منذ عام 2008 ولكنها أدهشت إسرائيل في الحرب الأخيرة حيث قتلت 64 جنديا إسرائيليا. وأطلقت صواريخ قريبا من مطار بن غوريون مما أدى لوقف الطيران لمدة 36 ساعة.
ونقلت عن أبو مرزوق أن "شيئا استراتيجي حدث في المعركة" وهو ما دفع الفلسطينيين للتفكير بإمكانية تحقيق انتصار على الإسرائيليين معتمدين على قوتهم الذاتية، وتابع: "من حاولوا تحييد حماس، سواء من ناحية تأثيرها السياسي في داخل فلسطين أو على المستوى الإقليمي لم يحققوا ما أرادوا، وسيعيد الكثير منهم التفكير في كيفية التعامل مع حماس".
وفي استطلاع للرأي أجراه الأسبوع الماضي المركز الفلسطيني للسياسة والدراسات المسحية وجد أن هناك تحولا لصالح حماس منذ 2006 عندما فازت في الانتخابات التشريعية، وشارك في الاستطلاع 1270 شخصا قال ما نسبته 80% منهم أن حماس ربحت الحرب، فيما ترى نسبة 53% أن المقاومة هي الخيار الوحيد لتحقيق دولة فلسطينية.
وبحسب حمزة إسماعيل أبو شنب، المحلل السياسي ونجل زعيم بارز في حماس قتلته إسرائيل عام 2003 "عندما لا يحقق الطرف القوي النصر فهو مهزوم، وعندما لا يهزم الضعيف فهو منتصر".
ووجد الاستطلاع أن هنية ولأول مرة منذ 8 أعوام يمكنه الفوز على عباس في انتخابات الرئاسة وبدعم أكبر له في الضفة الغربية منه في غزة.
وكان عباس حذرا في دعمه "للمقاومة الفلسطينية" أثناء القتال ولكنه ومنذ وقف إطلاق النار وحسب تقارير في الصحافة العربية انتقد حماس لإطالتها أمد الحرب، واتهمها بإدارة حكومة ظل في غزة واتهمهما بالتخطيط لانقلاب ضده في الضفة الغربية.
وشكك قادة حماس في مبادرة عباس الأخيرة والتي وضع فيها موعدا نهائيا من ثلاث سنوات لإنهاء الاحتلال مما أدى لزيادة الشكوك حول استمرار المصالحة.
ويقول الظاظا معلقا على مبادرة عباس "ليست مفاجئة، وليست برنامجا، وهي عملية تأخير كل شيء لمدة ثلاثة أعوام أخرى".