التزمت
إيران أشد مؤيدي رئيس الوزراء
العراقي نوري المالكي الصمت فيما تزايدت الضغوط على المالكي كي يتنحى عن منصبه كرئيس للوزراء الشهر الماضي بينما عمل مسؤولون إيرانيون كبار على إخراجه من منصبه.
وبقيت طهران هادئة عندما بدأت الولايات المتحدة التي يصفها كبار المسؤولين الإيرانيين عادة بـ "الشيطان الأكبر" قصف مناطق داخل العراق الشهر الماضي.
وهذا التحول الملحوظ في نهج إيران تجاه العراق جاء ردا على المكاسب التي حققها "تنظيم الدولة" الذي اجتاح شمال العراق وأصبح على مسافة مؤثرة من الحدود الإيرانية.
ويقول خبراء إنه نتيجة لهذا التهديد تعين على إيران تبني نهج أكثر مرونة في سياستها في العراق مما أدى إلى سلسلة من التحولات المثيرة.
ولم يتخل المسؤولون في طهران عن دعم للمالكي وتجاهل تجدد الهجمات الأمريكية في العراق وحسب وإنما تواصلوا أيضا مع السعودية عدوتهم اللدود وشاركوا في محادثات عن الوضع الأمني في العراق.
وقال مساعد الشؤون الدولية في جامعة هاريسبرج للعلوم والتكنولوجيا مهدي نوربخش: "هناك تغير مثير في
السياسة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالعراق".
وأجرى علاوي محادثات مع رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي حول دور محتمل في الحكومة الجديدة لكنه لا يزال منتقدا للنفوذ الإيراني في ذلك الوقت. وقال إن ذلك حرمان للعراقيين من حقهم على أيدي قوة أجنبية معتبرا ذلك إهانة للعراقيين.
وقال مسؤول عراقي كبير طلب عدم الكشف عن شخصيته "كانت إيران مؤيدة للمالكي وتقول ليذهب الآخرون للجحيم حتى انهار جيشه (المالكي)".
وأضاف المسؤول "الإيرانيون واقعيون بشدة وصبورون للغاية. يقيمون مصالحهم الوطنية بحرص شديد. لا يريدون جبهة مع "تنظيم الدولة" تمتد من إيران وحتى سواحل البحر المتوسط".
وجرى تسليط الضوء على أهمية الموضوع عندما سافر قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليمان إلى بغداد في حزيران/ يونيو الماضي. وقوة القدس فرع من الحرس الثوري مكلف بالعمليات خارج إيران وكثيرا ما تضم جماعات مسلحة تابعة في المنطقة.
ويقول مسؤولون عراقيون محليون وسابقون إن سليماني اجتمع مع مسؤولي أمن عراقيين كبار للمساعدة في إعداد هجوم عسكري مضاد لتقدم "تنظيم الدولة".
واشتملت الخطة على استخدام آلاف رجال الميليشيا الذين سلحتهم إيران ودربتهم وكذلك آلاف المجندين الجدد الذين تطوعوا بعد أن أصدر آية الله علي السيستاني أكبر مرجع شيعي دعوة لحمل السلاح ضد "تنظيم الدولة" في حزيران/ يونيو الماضي.
ولكن "سليماني" اجتمع كذلك مع المالكي لبحث منصب رئيس الوزراء. وخاب أمل الإيرانيين لعجز المالكي عن حشد الجيش لمواجهة مقاتلي "تنظيم الدولة".
وقال مسؤول سابق طلب عدم الكشف عن شخصيته إن الإيرانيين "صبوا غضبهم على المالكي".
وتبعت زيارة سليماني زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شامخاني الذي اجتمع مع السيستاني وعدد من كبار رجال الدين الشيعة وسياسيين من السنة في منتصف تموز/ يوليو.
ويقول خبراء إن زيارة "شامخاني" مهمة ليس فقط لكونه مسؤولا أمنيا كبيرا وإنما أيضا لأنه معتدل نسبيا ومقرب من الرئيس حسن روحاني ومن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. وبعد أسبوع من الاجتماع مع شامخاني أصدر السيستاني -الذي كان يضغط بشكل ضمني على المالكي كي يتنحى- بيانا يدعو فيه الزعماء السياسيين لعدم التشبث بالسلطة.
وعندما أعلن الرئيس العراقي أن العبادي هو المرشح ليكون رئيس الوزراء الجديد أرسل شامخاني برقية تهنئة حتى قبل أن يعلن المالكي ما إذا كان سيتنحى.
وقال نوربخش " كانت إيران من بين الدول الأولى التي أيدت العبادي".
أرادوا أن يقولوا من خلال شامخاني إن كل الجهاز الأمني في إيران يؤيد العبادي.
وكذلك أشادت السعودية التي طالما انتقدت ما ترى أنها سياسات طائفية للمالكي بترشيح العبادي. وبالرغم من الخلافات العميقة بين السعودية وإيران بسبب الحرب في سوريا في السنوات القليلة الماضية فإن البلدين يواجهان الآن تهديدا مشتركا من "تنظيم الدولة".
وهدد مقاتلون من الجماعة المتشددة بمهاجمة السعودية في تسجيلات مصورة وضعت على شبكة الإنترنت.
وكسرت إيران الجمود الدبلوماسي الأسبوع الماضي وأرسلت حسين أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية في زيارة رسمية إلى جدة في أول اجتماع على هذا المستوى منذ أن أصبح روحاني رئيسا للجمهورية قبل عام. وبحث عبد اللهيان نمو "تنظيم الدولة" في العراق إلى جانب موضوعات أخرى مع نظيره السعودي.
ولكن الأكثر مفاجأة من دفء العلاقات بين البلدين هو قبول إيران الضمني للقصف الأمريكي في العراق بعد مرور ما يقرب ثلاث سنوات على انسحاب القوات الأمريكية من العراق. وهنا أيضا تراجع إيراني عن موقف تقليدي في سياستها الخارجية في مواجهة تهديد مشترك.
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن "تنظيم الدولة" عدو مشترك لكل من الولايات المتحدة وإيران. وأشار إلى أنه كان يقول دائما إن هناك مصلحة مشتركة بين البلدين حتى في أصعب الأوقات وحتى لو لم يعترفا بذلك.
ولم ينتقد المتشددون في إيران الهجمات الأمريكية في العراق والتزمت الصحافة المحافظة التي كثيرا ما تهاجم الولايات المتحدة الصمت. قال نوربخش "لم يكن هناك انتقاد من أي نوع".
وتابع قائلا "لا يمكن أن تجد شيئا في خطب خامنئي تنتقد ما تفعله الولايات المتحدة داخل العراق الآن".
وخلافا لذلك انتقد خامنئي الولايات المتحدة بخصوص مجموعة كبيرة من القضايا الأخرى في خطبه التي ألقاها في الآونة الأخيرة بما في ذلك الموقف الأمريكي من المحادثات بين إيران والقوى الخارجية بخصوص برنامج إيران النووي.