تناول أندرو جونسون في صحيفة "إندبندنت" ما قيل إنها خطط سعودية لنقل
رفات النبي محمد (عليه الصلاة والسلام) إلى
مقبرة البقيع القريبة من المسجد ودفنها في مكان غير معلوم. وسبق للصحيفة أن فتحت غير مرة ملف توسعة الحرمين والآثار النبوية، الأمر الذي رده مراقبون إلى وجود جهات تدفع في هذا الاتجاه.
وبنى الكاتب تقريره على وثيقة كتبها
أكاديمي سعودي تدعو إلى هدم القبر الواقع تحت قبة خضراء في الحرم النبوي ويزوره الملايين من أنحاء العالم الإسلامي والعالم أجمع. وقال إنها ورقة استشارية من 61 صفحة توزع بين الأكاديميين تتعلق بتوسيع الحرم النبوي.
ويقول التقرير إنه لا توجد إشارات عن قيام الحكومة بتغييرات في الحرم حيث أكدت مرارا أنها تتعامل مع أي تغييرفي الحرمين النبوي والمكي بجدية شديدة.
ونقلت الصحيفة عن باحثٍ انتقادَه عمليات التوسعة للحرمين في مكة والمدينة، والتي تم بسببها تدمير العديد من المعالم التاريخية.
والباحث هو عرفان علوي الذي حذر من أي خطوة تقترحها الورقة، وقد تؤدي إلى اضطرابات في كل أنحاء العالم الإسلامي.
ولطالما حارب أتباع محمد بن عبد الوهاب المظاهر الشركية من زيارة القبور والتبرك بالموتى.
ويقول عرفان علوي الذي تقول الصحيفة إنه مدير مؤسسة التراث الإسلامي للأبحاث في لندن إن الزوار يذهبون لزيارة القبر والبيت الذي عاش فيه النبي مع عائلته لكن بعضهم يتوجه للصلاة للقبر. مضيفا: "والآن يريدون منع الحجيج من الدخول للمكان وتعظيم القبر لأنهم يرون فيه شركا، والطريقة الوحيدة لمنع الزوار من زيارته هي نقل رفاته إلى المقبرة".
وتدعو الخطة إلى تدمير القبة الخضراء.
وكانت الصحيفة قد كشفت عن أن طريقة توسيع الحرم المكي قد أدت إلى تدمير حوالي 95% من مكة القديمة، وتم استبدالها بسلسلة من الفنادق ومراكز التسوق.
وتقول الحكومة
السعودية إنها مضطرة لتلك التوسيعات من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج سنويا.
ويقول علوي إن الورقة الإستشارية كتبها الباحث علي بن عبدالعزيز الشبل من جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، وتم توزيعها على رئاسة شؤون الحرمين. ونشرت أجزاء من الورقة في مجلة شؤون الحرمين وتدعو إلى هدم الغرف المحيطة بالقبر (الحجرات).
ولم تتمكن الصحيفة من الاتصال مع السفارة السعودية في لندن، ولكنها قالت في بيان لها العام الماضي إن "تطوير الحرم المكي مهم جدا وواحد من الموضوعات الذي تتعامل معها السعودية بجدية عالية بصفتها خادمة للحرمين، وهذا الدور هو ما قامت من أجله الدولة السعودية".
والدراسة المشار إليها هي بعنوان "عمارة مسجد النبي عليه الصلاة والسلام ودخول الحجرات فيه .. دراسة عقدية.. تاريخ عمارة المسجد النبوي ابتداء من عمارة الوليد بن عبدالملك الخليفة الأموي في آخر المئة الأولى الهجرية وما بعدها".
ودعا الشبل في الدراسة إلى "المطالبة بهدم الجدار القبلي (العثماني المجيدي) وتوسيع مقدمة المسجد إلى الجنوب، طمس الأبيات الشعرية من قصائد المدح المكتوبة في محيط الحجرة وعلى الاسطوانات، وعدم تجديدها بالرخام الحديث حماية لجناب التوحيد، ودرءا لشر الشرك والتوسل والاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم في قبره وهو ميت". ثم "طمس أسماء الصحابة والأئمة الاثني عشر دفعا للمفاسد المترتبة على وجودها، وعدم تجديد طلاء القبة الخضراء وإزالة النحاس الذي عليها كحد أدنى".
وأكد أن دراسته جاءت استقراءً لهذه العمارة وما بعدها من العمارات على مدى التاريخ، مشددا "على المآخذ العقدية التي قامت بإدخال حجرات أمهات المؤمنين إلى المسجد، ومنها حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، المشتملة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكذا المبالغة في تشييد بناء المسجد وزخرفته مشابهة لأهل الكتاب"، مؤكدا أن "موقف التابعين من عمارة الوليد كان النكارة وعدم الرضا بهذا الصنيع".
واختتم الباحث توصياته بالمطالبة بتشكيل لجنة متخصصة من أهل العلم المعروفين بسلامة المعتقد وصدق التوحيد، لدراسة حاجة المسجد النبوي الشريف وتتبع ما فيه من البدع المحدثات ذات الخطر على الدين والعقيدة، ومتابعة منفذ مشروع توسعة خادم الحرمين في تجديداته داخل المسجد المجيدي وفي التوسعة الجديدة. وحسب صحيفة "مكة" السعودية التي نشرت الدراسة، رفض المهندس عبدالحق العقبي، الباحث في تاريخ المدينة المنورة والخبير في العمارة الإسلامية، ما انتهت إليه الدراسة، معتبرًا أن توصيات الباحث "مطالبة غير منطقية".
وأوضح العتيبي: "تؤكد التوصيات عدم إلمام الكاتب بأبسط معارف تاريخ المسجد النبوي الموجودة في شواهد البناء العثماني، والتي توضح المواقع الشرعية وفق اجتهاد الفقهاء في تحديد موضع الروضة، وتقول بعض الآراء إن آخر حدود بيوت النبي صلى الله عليه وسلم تابعة للروضة؛ لذلك ميزوها بالأسطوانات البيضاء التي تمتد إلى نهاية الحجرة جهة الشرق. كما أن جدار القبلة الحالي هو الحد النهائي الذي وقف عنده سيدنا عثمان رضي الله عنه فلم يتجاوزه، ولم يتجاوزه كل من جاء بعده حتى يومنا هذا، فهو ينتهي عند حجرة أم المؤمنين السيدة صفية رضي الله عنها، وهي نهاية حدود الحجرات".
ونُشرت الدراسة في 61 صفحة في العدد الأول للمجلة العلمية المحكمة الصادرة عن مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي التابع للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وهي مجلة دورية تصدر كل أربعة أشهر، وتعنى بالأبحاث والدراسات المتعلقة بالحرمين الشريفين.