يرى مقاتلون في الجيش السوري الحر أن تهديدات الرئيس الأمريكي باراك أوباما بملاحقة تنظيم
الدولة الإسلامية "
داعش" وضرب مواقعه في
سوريا ما هي إلا "دغدغة" له وجهد جاء متأخرا.
ونقل موقع "ديلي بيست" عن مسؤولين في
الجيش الحر أن الضربة لن تنجح في تدمير مواقع التنظيم بل ستزيد الغارات الأمريكية الوضع سوءا، إلا في حالة وجود خطة منسقة وواضحة للتصدي لهذا التنظيم.
ويقول الجيش الحر إنه غير قادر على التحضير للضربة الأمريكية بعد فقدانه الثقة بالرئيس أوباما الذي يتقن إصدار التهديدات من جهة، وفي حالة عدم وجود خطة على الأرض تنسق عملية قتال وملاحقة للتنظيم فلن يكون للغارات أثر من جهة أخرى.
وبحسب حسام المري المتحدث باسم الجيش الحر فإن "الغارات الأمريكية ضد داعش في داخل سوريا لن تكون مفيدة، فالغارات لن تهزم داعش، وما هي إلا دغدغة له". وأضاف: "داعش ليس دولة حقيقية يمكنك الهجوم عليها وتدميرها، فهم بلطجية وسينتشرون في مناطق الصحراء السورية في الشرق، وعندما يدخلون المدن يقومون باستخدام البنايات المدنية، ولهذا فالغارات لن تكون كافية للتخلص من هؤلاء الإرهابيين، وفي نفس الوقت قد يقومون باستهداف المدنيين وهذه هي المشكلة".
وقال عدد من ممثلي الجيش السوري الحر والمجلس الأعلى للثورة السورية والائتلاف السوري في سلسلة من اللقاءات إن دعم الغرب لمواجهة داعش كان دائما غير منسق وبدون حماسة منذ بداية القتال بين الجيش الحر والتنظيم بداية العام الحالي، ونتيجة لهذا أصبح "داعش" قويا والجيش الحر ضعيفا.
وتقول "ديلي بيست" إن الجهود الدولية لمساعدة المعارضة السورية والتي قادتها الولايات المتحدة لم تقدم لها إلا القليل، حيث قامت بتدريب بعض المقاتلين في الأردن وتركيا، الأمر الذي لم يكن كافيا لتعزيز قوة الجيش الحر الذي كان يواجه "داعش" في شمال وشرق البلاد. وفي نفس الوقت حصل التنظيم على كميات كبيرة من المال والأسلحة التي غنمها من معاركه الأخيرة في العراق.
ويرتبط قرار ملاحقة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا بمقتل الصحافي الأمريكي جيمس فولي الأسبوع الماضي. ونقل الموقع عن قائدين في الجيش الحر قولهما إن مقتل فولي وقرب سقوط مدينة حلب بيد المقاتلين من داعش أدى بالقوى الغربية للطلب من الجيش الحر مواجهة داعش مع إمكانية دعم غربي قوي بما في ذلك قيام الولايات المتحدة بغارات جوية في داخل سوريا.
وكان بن ردوس نائب مستشارة الأمن القومي سوزان رايس قال "إن لاحقت الأمريكيين فسنلاحقك أينما كنت"، مضيفا أن الإدارة "تناقش ما يجب عليها القيام به لمواجهة التهديد، ولن توقفنا الحدود".
ولكن الجيش الحر سمع هذا الكلام من قبل -حسب الموقع- مما يدفع بقادته للشك بهذه التصريحات.
وبحسب قائد الجبهة الشرقية في الجيش الحر إياد شمسي "فقتل داعش لجيمس فولي وتهديدها بقتل صحافي أمريكي آخر يظهر كيف لم تلتفت الولايات المتحدة كثيرا لتهديد داعش في داخل سوريا"، "فكنا واضحين من البداية أننا نريد التعاون مع الأمريكيين ولكنهم لم ينصتوا لنا ولهذا دفعوا الثمن". وكان شمسي قد قاد مقاتلي الجيش الحر في مدينة دير الزور كبرى المدن السورية على الحدود والتي سقطت بيد "داعش" في تموز/ يوليو الماضي وبعد مناشدات حارة للمساعدة التي لم يستجب لها الغرب. ويحذر شمسي وقادة الجيش الحر الآخرين من إمكانية سقوط حلب التي تعتبر أكبر جبهة ضد "داعش".
ويقول "منذ أسبوع تلقينا اتصالات من القوى الغربية تسأل "ماذا يمكنكم فعله ضد داعش؟ و"سندعمكم" ويضيف: "علمتنا التجربة أنه عندما يتقدم داعش نحو الحدود التركية فهو جاد وعندما يتحول للقتال غربا قرب الحدود العراقية فهو ليس جادا".
ويواجه مقاتلو الجيش الحر في حلب خطرا من جانبين؛ حيث يحاصرهم داعش شمالا والنظام جنوبا.
وفي حالة نجح هذا التنظيم بقطع الممرات الموصلة للحدود مع تركيا، فسيتم قطع المساعدات الإنسانية عند المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب. ويقول قصي شاهبندر المتحدث باسم الائتلاف السوري إن داعش حاول السيطرة من جديد على حلب ويخوض الجيش الحر معركة غير متوازنة ضده، وفي حالة نجاح التنظيم فسيعرض خطوط الإغاثة الإنسانية للخطر و"سنرى مزيدا من الفظائع، وبالتأكيد سترى مزيدا من عمليات الخطف".
ويقول الموقع إن القوى الدولية أرسلت بداية هذا العام مساعدات عسكرية من مركز المساعدة في تركيا، بعد تهديد داعش بالسيطرة على حلب.
ولكن عندما قام الجيش الحر بمواصلة الحرب ضد "داعش" في مناطق أخرى من سوريا مثل الرقة، توقفت المساعدات. وفي الوضع الحالي فشحنات صغيرة من الأسلحة غير كافية لأن "داعش" لديه أسلحة ثقيلة وعربات أمريكية الصنع. ولهذا يحتاج الجيش الحر لأسلحة ثقيلة والتي يطالب داعمي الثورة السورية بها منذ زمن، ويقول المري: "يواجه الجيش الحر داعش منذ بداية العام الحالي، ولا نزال نواجه، والمشكلة أنه عاد للقتال من جديد ولكن بأسلحة متقدمة، أسلحة سرقها مقاتلوه من الأمريكيين، ونحن نخسر مقاتلينا الشجعان في المعارك ضده، وما نطلبه من الغرب هو تنسيق الجهود وبعض الدعم حتى نكون قادرين على مواجهة الوحوش وتحرير أرضنا بأيدينا".
وفي الوقت الذي تقول فيه إدارة أوباما إن معلوماتها عن داعش قليلة، يقول المقاتلون في الجيش الحر أن لديهم معلومات كثيرة عن داعش والمقاتلين الأجانب معه. ويقولون إن الولايات المتحدة لم تشاورهم أو تنسق معهم عندما حاولت تحرير فولي وبقية الرهائن في عملية القوات الخاصة التي نفذتها في 4 تموز/ يوليو.
ويقول مري إن الولايات المتحدة لو فكرت في تحرير بقية الرهائن الغربيين فيمكنها التعاون مع الجيش الحر، مشيرا إلى أن معظم الرهائن المهمين يحتفظ بهم "داعش" في سجن تحت سد الرقة. ويقول: "العمل مع الجيش الحر مفيد، نحن سوريون ونعرف متى وكيف نتحرك في البلد"، "نعيش في هذه البلاد ونعرف جغرافيتها وقبائلها وناسها، ونحن قادرون على معرفة مكان الأجانب، ولكننا نريد الدعم".
ويرى قادة المعارضة السورية أن السياسة الأمريكية والغربية لقتال داعش يجب أن تشمل على مساعدة الجيش الحر ودعم المجتمع المدني كي يستطيع مواجهة أيديولوجية "داعش". ويقول بسام بربداني، وهو ناشط الحركة من أجل التغيير -منظمة غير حكومية في أمريكا- "إن كانت الولايات المتحدة جادة في مواجهة داعش، وليس محاولة احتوائه، فهي بحاجة لسياسة قوية في سوريا". ورغم كل هذا فقد خفضت المعارضة المعتدلة من سقف توقعاتها من أوباما، وهو الذي قال الشهر الماضي إن فكرة قدرة جيش من مقاتلي المعارضة على هزيمة النظام السوري ما هي إلا "فنتازيا".