أكد مؤرخ عسكري صهيوني بارز أن الحرب على
غزة أثبتت بشكل لا يقبل التأويل أن الجيش الصهيوني لم يعد قادراً على وضع حلول "إبداعية" للتحديات الأمنية التي تواجه تل أبيب.
وقال ميخائيل بارو زوهر، أحد أبرز مؤرخي الحروب إن سلوك الجيش "الإشكالي" وعجزه عن القيام بعمليات نوعية ذات تأثير كبير خلال مسار الحرب منح حركة
حماس الشعور بتحقيق الانتصار، محذراً من أن مثل هذا الشعور ينطوي على خطورة كبيرة، لأنه يعزز دافعية الحركة لمواصلة الحرب.
وفي مقال نشره موقع "يديعوت أحرنوت" اليوم، تساءل بار زوهر مؤلف كتاب "الموساد والعمليات الكبيرة"، قائلاً: "إن كانت قيادة الجيش تزعم أنها تعرف المكان الذي يتواجد فيه قادة حركة حماس وذراعها المسلح، فلماذا لا يرسلون وحدات خاصة عبر الإنزال من الجو أو عبر البحر، لتقوم بتصفيتهم، كما فعلت يوماً ضد قيادات حركة "فتح" والفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
من ناحيته واصل المعلق الصهيوني البارز بن كاسبيت هجومه على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو متهماً إياه بالجبن والتردد في اتخاذ قرارات حاسمة خلال الحرب.
وفي مقال نشره موقع صحيفة "معاريف" صباح اليوم، قال كاسبيت: "كل ما يعني نتنياهو هو الحرص على مستقبله السياسي ولا شيء آخر، وهو يخشى التورط في قطاع غزة حتى لا تؤثر نتيجة الحرب على مستقبله السياسي، وحتى لا يتم طرده من زعامة حزب الليكود".
وزعم كاسبيت أن نتنياهو عمل كل ما في وسعه خلال الحرب من أجل ألا يتم اتخاذ أي قرار عسكري يمكن أن يؤدي إلى تشكيل لجنة تحقيق في أعقاب انتهاء الحرب.
واتهم كاسبيت نتنياهو بشن حملة "تخويف ممنهجة" على الوزراء من أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، لإقناعهم بعدم التصويت لصالح قرار بإعادة احتلال قطاع غزة، بحجة أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى خسائر هائلة في صفوف جنود جيش الاحتلال.
وفي سياق متصل، قال البرفسور يغآل عيلام، الباحث البارز في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، إن
إسرائيل مضطرة لأن تعتمد على التعاطي السياسي والدبلوماسي لحل الصراع وتجنب خيار القوة، بسبب التحولات التي شهدها العالم.
وفي مقال نشرته صحيفة "هارتس" أمس، أوضح عيلام أن القيادة الصهيونية تتجاهل حقيقة أن العالم بات يمنح ثقلاً كبيراً للقيم التي نجحت العولمة بتكريسها، سيما حقوق الإنسان، منوهاً إلى أنه ليس بوسع الكيان الصهيوني الركون إلى قوته العسكرية.
وأوضح عيلام أنه حتى الولايات المتحدة، القوة الأعظم في العالم، لم تعد تركن فقط إلى قوتها العسكرية، محذراً من أن العالم يوصد أبوابه أمام "إسرائيل" ويقلص هامش المناورة أمامها من ناحية عسكرية، مشيراً إلى أن التعاون بين دول العالم بات يتأثر بمدى احترامها لحقوق الإنسان. وشدد عيلام على أن استمرار الاحتلال الصهيوني وإبقاء السيطرة الصهيونية على الشعب الفلسطيني لا ينسجم مع أنماط السلوك التي تفرضها العولمة.
وسخر عيلام من القيادات الإسرائيلية التي تراهن على عدم مبالاة العالم تجاه ما تقوم به إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، معتبراً أنه لا يوجد ثمة خطأ أكبر من هذا الخطأ.
ونوه عيلام إلى أن الحجج الفلسطينية تستند إلى القيم العالمية التي بات من المتعذر إثارة الجدل بشأنها، وبالتالي فإنه ليس بوسع "إسرائيل" أن تربح في سعيها للدفاع عن روايتها، مؤكداً أنه طالما استمر الصراع العنيف مع الفلسطينيين، فإن ما ينتظر "إسرائيل" هو العزلة والعقوبات الاقتصادية والسياسية والثقافية.