قال المعلق
الإسرائيلي المعروف جدعون ليفي في لقائه جمعه بغايلز فريزر من صحيفة "الغارديان"، في تل أبيب: "يجب أن لا تفاجأ بنسبة95% من الداعمين للحرب، بل عليك أن تصدم بنسبة 5%، فهذه معجزة؛ لأن الإعلام لعب دورا مهما، وقام لسنوات بشيطنة الفلسطينيين والتحريض على الكراهية، ولهذا لا تندهش من أن الإسرائيليين هم حيث كانوا".
وتعرض ليفي الكاتب في صحيفة "هآرتس" لحملة من اليمين المتطرف لمعارضته الحرب على غزة وانتقاده ممارسات الجيش المفرطة، فقد تعرض للمضايقات في الشوارع وبصق الناس عليه، فيما تجنب آخرون الجلوس قريبا من طاولته في المطعم، ولم يسلم حتى من مضايقات الحرس الذين استأجرهم لحمايته بعد التهديد بقتله. فيما طالب زعيم كتلة الليكود في الكنيست يارين ليفين بتقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى. ولهذا السبب لم يعد كما يقول فريزر يخرج من بيته إلا نادرا.
وتحدث الكاتب عن مشكلة حركات
السلام في إسرائيل التي لم تعد تستطيع حتى التلفظ باسمها في ظل الدعم الشامل الذي يتلقاه الجيش لضرب غزة.
وتشير استطلاعات الرأي أن الدعم لحرب غزة يصل إلى 87% بحسب القناة العاشرة وإلى 95% بحسب معهد الديمقراطية، وحتى من يعارضون الحرب فهم حذرون من التعبير عن موقفهم بشكل واضح. ولاحظ الكاتب أن مواقف حركة "السلام الآن" الإسرائيلية تميزت بالحذر، وابتعدت عن المشاركة في المظاهرات الرسمية.
وكانت الحركة قد ظهرت عام 1978 وأنشأها جنود سابقون دعموا السلام مع مصر، واستطاعت حشد أكثر من 400.000 إسرائيلي ضد اجتياح لبنان عام 1982 ولكنها ليست إلا ظلا لنفسها.
ويرى ليفي أن الفرق بين ما جرى في لبنان سابقا والحملة الحالية هي "النزعة المعادية للديمقراطية، وعدم التسامح مع أي نوع من أنواع التعاطف مع الفلسطينيين".
وفي مقابلة مع موسي راز، المؤسس السابق لحركة "السلام الآن" سأل فريرز عن مبرر وجود حركة سلام ترفض شجب الحرب في وقت وقوعها؟ ورد راز مؤكدا أن عددا من دعاة السلام خرجوا في تظاهرات، ولكنهم تعرضوا للسخرية ووصفوا من يمينيين متشددين بـ "الإسرائيليين القذرين" كانوا يشاركون في تظاهرة مضادة.
وبالنسبة للأحزاب الرئيسية وجماعات اليسار فقد التزمت بالصمت عندما انطلقت صفارات الإنذار، ويعتقد راز أن "الناس عادة ما يتظاهرون عند نهاية الحرب"، ويتوقع حدوث هذا في حالة غزة، مشيرا إلى دعم الغالبية الإسرائيلية لحرب لبنان عام 1982 بنسبة(86%) ولكنهم خرجوا بمئات الألوف بعد توقفها؛ لأن التظاهر أثناء الحرب يعتبر خيانة ووقوفا مع العدو.
وفي سياق آخر يتحدث الكاتب مع عاموس عوز، الروائي الإسرائيلي المعروف والمحسوب على تيار السلام، الذي قال إن "حركة السلام الآن" تلقت ضربة موجعة قبل ثمانية أعوام عندما قرر أرييل شارون الخروج من غزة حيث لم يحقق الانسحاب السلام، وأشار عوز إلى إطلاق 10.00 صاروخ على إسرائيل من القطاع وهو ما قاد الكثير من الإسرائيليين حسب رأيه للتخلي عن فكرة الأرض مقابل السلام.
ورغم أن عوز يرى في الحملة على غزة "إفراطا في استخدام القوة لكنها مبررة". وفي هذا المجال انتقد عوز الأوروبيين الذين تظاهروا ضد ضرب غزة قائلا "مشكلة الأوروبيين أنهم يصدرون عرائض ثم يذهبون للنوم ويشعرون برضا ذاتي".
ويحاول إجراء مقارنة تاريخية ونقد لأوروبا بقوله "لقد جعل تاريخ الحروب في القرن العشرين الأوروبيين ينظرون للأمور عبر منظور الأسود والأبيض، مثل أفلام هوليوود، هناك رجال أخيار وآخرون أشرار، لكن الوضع هنا أكثر تعقيدا من هذا".
ورغم انتقاد عوز لبنيامين نتنياهو إلا أنه يعترف باستخدامه القوة المفرطة في غزة؛ مطالبا بفهم الحرب عبر منظور أوسع قائلا "من منظور ما يبدو الأمر وكأنه قصة داوود وجالوت، حيث تلعب إسرائيل دور جالوت الشرس والفلسطينيون دور داوود المسكين، ولكن إن نظرت للنزاع على أنه بين إسرائيل وبقية العالم العربي فعندها من هو جالوت ومن هو داوود؟.
ويصف الكاتب وضع الإعلام في إسرائيل بأنه يلعب دور المطبل والمزمر لموقف الحكومة سواء كان صحافة أم قنوات تلفازية التي تقدم نشرات وجرعات دائمة من الخوف والحديث عن الجنود الأبطال الذين سقطوا في المعركة بدون الإشارة ولو من قريب للمذابح في غزة، والمشكلة أن الإسرائيليين العاديين ليس لديهم فكرة عما يجري في غزة، مضيفا "أعرف ما يجري في غزة عندما أكون جالسا في لندن أكثر مما أعرفه عندما أكون في تل أبيب، وفي ظل هذا المستوى من التلاعب بالحقائق كيف يمكن للإسرائيليين أن يكونوا ناقدين" للحملة.