غابت كثير من المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر في
الضفة الغربية ومناطق الـ48 الفلسطينية في ضوء استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة واستشهاد أكثر من ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين خلال 22 يوما.
فقد قامت العديد من البيوت بتوزيع القهوة السادة والتمر على المهنئين بالعيد، بدل الحلويات، ضمن خطوات التضامن مع قطاع غزة، ووزعت مجموعات شبابية القهوة والتمر على المواطنين في الشوارع.
بينما ارتدى مواطنون ملابس سوداء كتب عليها كلمات الدعم والمساندة لغزة، في مظهر يعكس حالة الحزن التي تسود الشارع الفلسطيني والتضامن مع قطاع غزة، بينما خفت الحركة الشرائية على الملابس وحاجيات
العيد، كما أوضح ذلك عدد من التجار لـ"عربي21"، في ظل أجواء الحزن والألم والحداد على أرواح الشهداء.
وقال الناشط الشبابي شادي جرارعة لـ"عربي21"، إنه منذ عدة أيام بادر خمسة شبان إلى إطلاق حملة ارتداء "تي شيرت" سوداء اللون مكتوب عليها "كلنا غزة"، وتم التنقل بها في الشوارع وتطورت الفكرة إلى طباعة مئات منها في ميادين المدن.
وأشار إلى أن الفكرة "انطلقت بشكل عفوي في البداية، والآن في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، تبلورت فكرة جديدة لتوسيع الظاهرة من خلال تشجيع أعداد كبيرة من المواطنين وخاصة الشبان على ارتدائها لتكون وسيلة لإظهار التضامن والمناصرة للأهل في قطاع غزة، وليكون لباس الشباب في أيام العيد هو الأسود المزين بعبارات المساندة لغزة".
بدوره قال الشاب مسعود عبد الله لـ"عربي21": "في كل مناسبة وطنية نشرع بإنجاز "تي شيرت" مكتوب عليها كلمة تعبر عن مشاعرنا تجاه ما يجري حولنا، ونحن كشباب نبحث عن الجديد للتعبير عن داخلنا، لذلك قررنا هذا الليلة الخروج الجماعي بزي أسود وبكلمة غزة ليكون أقل ما نقدمه للأهل هناك.
وأوضح أن الفكرة كانت فردية وسرعان ما انتشرت بسرعة كبيرة، ولا يوجد لها تمويل من أحد وإنما مجرد مساهمات من الأفراد حتى تكون رسالتها قوية".
وأضاف: "نسعى لأن يرتدي 5 آلاف شاب ملابس سوداء موحدة في اليوم الأول للعيد لتكون الرسالة أقوى وتظهر تلاحم أبناء شعبنا جميعا".
وأشار الباحث صلاح حميدة في حديث مع "عربي21"، إلى أن انتشار "تي شيرت" التضامنية يعتبر "أحد أشكال التضامن الشعبي مع غزة، وفي جزء منها ما يمكن أن نعتبره شيوعاً لـ "ثقافة غزة"، وفي نواحي أخرى هي أحد أشكال التضامن الشكلية مع غزة".
من ناحيته رأى الأخصائي الاجتماعي رائد سناقرة، أنه يمكن النظر لهذا التوجه لدى الشباب "بأنه شكل إبداعي مرتبط بالنفسية والعلاقات الاجتماعية المشتركة التي يشعر بها آلاف الشبان الفلسطيني تجاه أبناء شعبهم في قطاع غزة، وبالتالي هي تصرف طبيعي وتنسجم من الشعور الوطني العام المبني علي التلاحم والتعاضد".
ونوه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "ارتداء اللون الأسود للتعبير عن مساندة الأهل في قطاع غزة يعد لونا من ألوان التعبير عما يجيش في قلوب شرائح المجتمع الفلسطيني حيال ما يجري من مجازر ووحشية في غزة، وهذه سمة راسخة بين الفلسطينيين على مدار سنوات الاحتلال".
مواجهات وإصابات
على صعيد متصل، أصيب مساء الاثنين، عشرات من المواطنين بحالات اختناق وبالأعيرة المطاطية خلال مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في قرية العيسوية بالقدس، بعد قمع الاحتلال لمسيرة سلمية انطلقت وجابت شوارع المدينة، تنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
وذكرت مصادر إعلامية أن قوات الاحتلال اعتقلت شقيقين (49 عاما) و(47 عاما) بعد ضربهما، لأنها كانا يرتديان قمصان التضامن مع غزة.
وتشهد مختلف أنحاء الضفة الغربية والداخل الفلسطيني فعاليات متواصلة منددة بالعدوان على القطاع، استشهد خلالها ستة شبان وأصيب عشرات آخرون.
لا مظاهر للفرح بالعيد
وخصصت خطبة العيد، للحديث عن جرائم الاحتلال بحق سكان القطاع، والدعاء للشهداء والجرحى، وأقيمت صلاة الغائب على أرواح شهداء العدوان الإسرائيلي.
بينما شهدت عدد من مناطق الضفة مسيرات غاضبة ووقفات تضامنية ونصرة للقطاع.
وفي بلدة بلعين غربي رام الله، أقام المواطنون صلاه العيد بالقرب من الجدار الفصل العنصري المقام على أراضي البلدة، واندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال والشبان المشاركين في المسيرة أصيب خلالها العشرات بحالات اختناق.
وفي الداخل المحتل عام 1948، ألغى الفلسطينيون الاحتفالات والفعاليات بعيد الفطر لهذا العام، بناء على قرار من لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل، وغابت زينة العيد عن البلدات العربية ليلة العيد، وتم الاكتفاء بإقامة الشعائر الدينية للعيد.
وأدى فلسطينيو الداخل صلاة الغائب على أرواح الشهداء.
وأعلن عن حملة متواصلة لجمع التبرعات المختلفة لقطاع غزة طيلة أيام العيد، في المساجد وفي الجمعيات الأهلية العربية.