كتب مارتن شولوف، مراسل صحيفة "الغارديان" في بغداد عن الطريقة التي يتخلى فيها حلفاء نوري
المالكي، رئيس الوزراء
العراقي، عنه بصفته المسؤول عن كارثة انهيار الجيش العراقي الذي دربته، لسلوكه الطائفي ومحاولته تهميش العرب السنة.
ويذكر الكاتب جذور توتر العلاقة بين
الولايات المتحدة التي لعبت دورا في وصول المالكي للحكم، قائلا إنها بدأت بالتوتر في تشرين الأول/ أكتوبر 2011 عندما جلس باراك
أوباما وفريقه من مجلس الأمن القومي لعقد مؤتمر عبر الفيديو مع المالكي في بغداد، و"كانت على طاولة المؤتمر في واشنطن ملفات، ودفاتر لكتابة النقاط. في بغداد كان المالكي جالسا مع مترجم، ولم يكن راغبا في أي نقاش حول بقاء الأمريكيين في العراق، ولا حتى المشاركة في التدريب والإشراف. ورحب بموقف المالكي الكثيرون ممن كانوا في الغرفة ممن رأوا في العراق مغامرة فاشلة". و"لكنهم عبروا عن دهشتهم كما الصقور من موقف الزعيم العراقي المتحدي. فبعد ثمانية أعوام من العمل المشترك وصلت الأمور لهذه النقطة: لا وقت للتفاوض، وعراق الماضي سيمضي في طريقه، ويمكن للولايات المتحدة إطفاء النور عندما تغادر".
وبعد تحول انتباه الولايات المتحدة عن العراق، بدأ العراقيون يبحثون عن دعم في أمكنة أخرى، ولكن البعض في واشنطن بدأ يتساءل عن الثمن الذي دفعته الولايات المتحدة، وهو تريليون دولار و4500 جندي قتيل.. وعما إذا كان العراقيون في الحقيقة يريدون شريكا استراتيجيا. ولكن الجواب عن هذا السؤال أجل بسبب ما أحدثه الربيع العربي من اضطرابات، فيما اندفع المالكي لتعميق العلاقة مع إيران.
ويشير الكاتب إلى أن المالكي في علاقته مع إيران، وضع مصلحة الشيعة فوق بقية العراقيين وابتعد عن السنة، واعتقل عددا من قادة العشائر، وحاصر مخيمات الاعتصام في الرمادي، وأصدر أمرا باعتقال نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي بعد خروج الأمريكيين من العراق.
وبدأ عملية السيطرة على المؤسسات التي تركها الأمريكيون، وأهمها مديرية المخابرات الوطنية التي ملأها بمسؤولين من حزبه (الدعوة)، وقوات النخبة العراقية التي تحولت لحراسته.
وبحسب دبلوماسي أمريكي، فإن خطوات المالكي قامت على
أساس طائفي و"كانت محاولة للتأكد من عدم خروج السلطة من يده أبدا". وقال مسؤول آخر عمل مستشارا للحكومة العراقية ما بين 2004 و2011: "الشيء الوحيد الذي شاهدته بأم عيني واعتبرته طائفيا هو تعييناته، وبخاصة في الجيش". ومع أنها ليست كلها طائفية، إلا أن معظمها كان حيث لم يتم الالتفات لمعيار الكفاءة.
وحاولت أمريكا القلقة التأثير والاحتجاج بشكل عال، لكن المحتل السابق فقد كل النفوذ أو ربما الإرادة لدفع المالكي لتوسيع حكومته.
واليوم، حيث تتداعى الدولة التي بناها خلال تعزيز شرس لسلطاته بجرعة قوية من الرهاب، يجتمع النقاد والأعداء حوله، خاصة الولايات المتحدة التي دهشت بعد ثلاثة أعوام من الإهمال حول الكيفية التي استسلم فيها الجيش العراقي، حيث أعربت الولايات المتحدة عن فقدانها الثقة بالمالكي. وشعر هذا الأخير بالوضع، وقال يوم الأربعاء، إنه لن يستقيل مقابل ضربة جوية أمريكية ضد المتمردين السنة. وعندما سئل أوباما يوم الأربعاء عما إذا كان على المالكي الرحيل، أجاب: "ليست مهمتنا اختيار القادة العراقيين، وليس سرا وجود انقسام عميق بين السنة والشيعة والأكراد في الوقت الحالي". وقال إن البيت الأبيض أخبر المالكي بأنه "طالما استمرت هذه الانقسامات أو ساءت فلن تكون الحكومة المركزية قادرة على وقف الأزمة الطائفية التي تغمر البلد".
ويرى الكاتب أن التحول عن المالكي واضح، مشيرا إلى شهادة قائد الأركان مارتن ديمبسي مام الكونغرس يوم الأربعاء، حين كرر أن الحكومة العراقية فشلت في مواجهة الطائفية. وأبلغ ديمبسي ووزير الدفاع تشاك هيغل لنواب الكونغرس أن أي تدخل عسكري سيكون عبثيا في حالة فشل المالكي في مد يده للسنة. وقال زلماي خليل زاد، السفير الأمريكي في العراق سابقا والذي ساعد في تنصيب المالكي، للصحافيين إن إيران يمكنها المساعدة في "استبدال المالكي".
ولم تعلن إيران عن رغبتها فيمن سيحكم العراق، لكن الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس وصانع الملوك في بغداد لديه رؤية سلبية عن المالكي، و"يقول عنه إنه أحمق" بحسب مسؤول عراقي بارز التقى مع سليماني الأسبوع الماضي، "وعندما سئل حول من سيحكم العراق لم يجب".
ويقول الكاتب، إن المالكي ولسنوات، حظي بدعم وثناء من إدارة الرئيس بوش، خاصة بعد قرار الأخير زيادة أعداد القوات الأمريكية عام ،2007 رغم مظاهر الديكتاتورية والنزعة الطائفية التي بدت من المالكي. كما وحظي على الثناء من إدارة بوش عندما قرر ضرب جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر في مدينة البصرة.
وأظهر المالكي نزعته الإقصائية نحو السنة في سلسلة من القرارات، منها رفضه دمج أو دفع أجور مقاتلي الصحوات الذين جندتهم القوات الأمريكية عام 2006 لمقاومة القاعدة، وطهرت حكومته المؤسسات من السنة رغم فوز كتلتهم في انتخابات عام 2010.
ونقل عن طارق الهاشمي، أحد ضحايا طائفية المالكي قوله لمجلة "فورين بوليسي"، أن دعم الولايات المالكي مفارقة ساخرة وتعبير عن تداخل مصالحها مع طهران، "فقد دعمت إيران المالكي بقوة، واكتشفنا في الوقت نفسه دعم الولايات المتحدة له". ويدافع مسؤول بارز في السياسات بوزارة الدفاع الأمريكية كان قد تسلم ملف العراق، عن موقف الحكومة الأمريكية التي وقفت على الحياد، بقوله إنها لم تقم باختيار فائزين ولا خاسرين ودعمت المالكي عندما صار انتخابه "أمرا واقعا". وأشار إلى ظهور أحمد الجلبي، المنفي العراقي الذي أقنع إدارة بوش بشن حرب على بلاده ولكنه أصبح منبوذا بعد الاحتلال. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فقد التقى الجلبي مع السفير الأمريكي في بغداد. وتؤكد "الغارديان" أنه التقى مع قاسم سليماني.