قال مراسل صحيفة "الإندبندنت" البريطانية باتريك
كوكبيرن، إن واشنطن اشترطت تنحي رئيس الحكومة
العراقية المنتهية ولايته، نوري
المالكي، مقابل تقديم
الدعم الأمريكي للحكومة، والتدخل عسكريا لوقف تقدم مسلحين ثوّار مناهضين للحكومة باتجاه العاصمة بغداد.
وأضاف كوكبيرن أن واشنطن أبلغت مسؤولين عراقيين بارزين بهذا الأمر، مشيرا إلى أن السنة في العراق ينظرون للمالكي باعتباره مهندس القمع الذي مورس عليهم طوال الثمانية أعوام، التي تولى فيها رئاسة الحكومة بعد الغزو الأمريكي.
في حين يعتقد مناهضو الحكومة أن لا مصالحة استقرار سياسي ما بقي المالكي في السلطة.
ولكن المالكي لم يظهر أي ملامح عن استعداده للتخلي عن السلطة، وفق كوكبيرن، ويضيف أن كارثة أصابت الجيش العراقي بانهيار وحداته قبل عشرة أيام، عندما دخلت قوات مسلحة ثورية مدن الموصل وكركوك، وأخيرا تلعفر.
ويقول إنه "حصل كل ذلك رغم المليارات التي أنفقت على تدريب الجيش الحكومي وإعداده، حوالي 41.6 مليار دولار أمريكي دعم انفق عليه منذ عام 2011، ولكنه انهار أمام أعداد من المقاتلين".
ويقول كاتب التقرير كوكبيرن إن المالكي عينته الولايات المتحدة عام 2006، "ولكنها تنظر إليه اليوم كتابع لإيران".
وينقسم القادة الإيرانيون حول بقاء المالكي بالسلطة، وفيما إن كان رجلهم ويستحق الدعم، أم سحب الدعم عنه، وفق كوكبيرن.
وتخشى القيادة الإيرانية من أن يؤدي تقدم السنة إلى تراجع تأثير الشيعة على الحياة السياسية في العراق، وبالتالي تلاشي دور إيران.
ويقول الكاتب إن "القادة العسكريين الإيرانيين هم من يقودون ويوجهون الجيش العراقي، ولكن الجيش لا يعتقد أن لدى إيران خطة واضحة لإخراج حكومة المالكي من الأزمة".
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن "الأمة الإيرانية العظيمة لن تتردد عن الدفاع عن المزارات الشيعية المقدسة"، في إشارة لمقام العسكري في سامراء وكربلاء والنجف.
ويتابع كوكبيرن بأن "هناك طريقة دستورية للتخلص من المالكي، عندما يجتمع البرلمان نهاية هذا الشهر لانتخاب رئيس له وللجمهورية، والذي سيقوم بالطلب من أكبر حزب فائز في الانتخابات بتشكيل حكومة.. ومن غير المحتمل اختيار المالكي ليكون رئيسا للوزراء في وقت تتحد بقية الأحزاب ضده".
ونقل عن مسؤول عراقي قوله: "من المستحيل انتخابه لولاية ثالثة".
لكن الإجراءات البرلمانية عادة ما تكون بطيئة -وفق الكاتب- لإخراج المالكي من السلطة، وتعيين قيادة جديدة قادرة على مواجهة الانتفاضة التي أعلنها الثوار.
ويقول إنه "يحدث في هذا في الوقت الذي دخلت فيه قوات مسلحة بلدة حبحب قرب بعقوبة، قال شهود عيان إن أقل من 200 مقاتل وصلوا البلدة، وبعد ذلك تضاعف عددهم أضعافا ووصل إلى ألفين، وانضم إليهم الشباب وأقاموا نقاط تفتيش".
ويرى الكاتب أن "الدعم السني للثورة في الشمال يجعل من الصعوبة بمكان أمام الحكومة القيام بهجوم مضاد، حيث تواجه معارضين عديدين (..) ومن هنا تحتاج أي عملية طويلة كغارات جوية ضد مواقع المسلحين وقتا في العراق وسوريا أيضا".
ويشير كوكبيرن إلى أن نجاح وفشل الولايات المتحدة ومعارضي المالكي بتنحية الأخير عن السلطة سيكون مهما في تحديد مستقبل الصراع، "فالسبب الرئيسي الذي دفع إلى بناء تحالفات بين الجماعات السنية هو العداء المستحكم ضد المالكي المسؤول عن كل السياسات الطائفية، ومحاولاته تحويلهم لمواطنين من الدرجة الثانية، وسجن أكثر من 100.000 سني، حيث يتم اعتقالهم بناء على بيانات مزيفة، ويتم انتزاع الاعترافات منهم تحت التعذيب، ولا توجه أي اتهامات للكثيرين منهم، وفق ما يقول الثوار".
ومن هنا يرى الكاتب أن العداء للمالكي "هو مادة الغراء التي تجمع المكون السني".
ويعتقد الكاتب أن مشاكل الحكومة العراقية "ملحة"، وتحتاج لقيادة ذكية، "وهو ما تفتقده في الوقت الحالي".
وظهر هذا واضحا في الموصل عندما خلع جنرالان زيهما العسكري وهربا إلى إربيل عاصمة كردستان. ويعتقد أن 230 ألف جندي تركوا وحداتهم.
ويرى الكاتب أن فرصة نجاح المالكي وبقائه في الحكم تعتمد على الدعم الأمريكي والإيراني الذي يعتقد أنه قادم، مع استمرار زحف المقاتلين إلى العاصمة بغداد، "حتى لو كانتا راضيتين عنه، وحصل على دعم من المرجعيات الشيعية التي أصدرت فتاوى تدعو الشيعة للدفاع عن بغداد".
وختم كوكبيرن بالقول: "مسؤولية المالكي عن الكارثة الحالية تجعله غير قادر على لعب دور إيجابي في منع حدوث حرب أهلية".