قالت صحيفة "الميدل إيست آي" في تقرير لها الخميس، إن
الجنود العراقيين الهاربين من الموصل، بعد سيطرة ثوار العشائر عليها، يلقون باللوم على
الحكومة العراقية في بغداد، بسبب عدم تنسيقها معهم ما أدى إلى انهيار دفاعاتهم.
وأجرت الصحيفة لقاءات مع بعض الجنود الفارين إلى
أربيل في كردستان العراق، حيث يقول جندي يدعى أحمد، إنه هرب من الموصل صباح الثلاثاء الماضي مع مئات من الجنود الآخرين، من كتيبته، مما أدى إلى استسلام ثاني أكبر مدينة في العراق.
وأوضح أحمد أن السبب في ذلك هو "رحيل قادتهم من الجيش، وإن الجنود لا يستطيعون فعل شيء بدون تلقي تعليمات من القادة".
ولم يتورع الجندي البالغ من العمر 32 عاما عن انتقاد سلوك الجيش، مؤكدا أن السبب في الهزيمة هو القادة، متهما إياهم بخيانة الجنود.
وقد تمكن ثوار العشائر من السيطرة على الموصل دون قتال يذكر، حيث قصفت في بداية الأمر مدفعية المالكي الأحياء السكنية قبل اندحارها، ما أدى إلى مقتل الكثيرين وتشريد آخرين نزح أغلبهم إلى كردستان العراق، وقد بذل ثوار العشائر حهودا لتأمين عودتهم بعدما استتب الأمر لهم.
وأضاف الجندي في حواره مع الصحيفة، أن قادته في الجيش عادوا إلى بغداد مستقلين طائرات هليكوبتر، ما اضطر الجنود ذوي الرتب الأقل إلى الفرار إلى أربيل بحثا عن الأمان.
من ناحيته، قال رئيس مجلس الشعب العراقي في بيان، إن القوات تركوا أسلحتهم، وإن القيادات هربت، تاركة خلفها الأسلحة والعربات المدرعة، مضيفا أن قوات الجيش "كانت فريسة سهلة في يد الإرهابيين" على حد وصفه.
وقال محمد البالغ من العمر 63 عاما، إن مقاتلي العشائر لم يستهدفوا المدنيين، وإنهم ليسوا خائفين منهم بل يخشون من الرئيس العراقي نوري المالكي، حيث عبر محمد عن قلقه من أن يهاجمهم المالكي بالبراميل المتفجرة مثلما يحدث في سوريا، وأضاف أنه إذا حارب المالكي فـ"سيكون المدنيين هم الضحية".
وأضافت الصحيفة، أن حكومة نوري المالكي تتعرض لانتقادات واسعة من مختلف الأطراف، بما في ذلك البيت الأبيض، وتكتل مقتدى الصدر في البرلمان، الذي حمل المالكي مسؤولية زيادة العمليات المسلحة في العراق، وكذلك الحكومة المحلية في كردستان، التي بدورها وجهت انتقادات
للمالكي.
واتهم مسؤول العلاقات الخارجية في كردستان، فلاح مصطفى في حوار مع "ميدل إيست آي"، حكومة بغداد بالإهمال وعدم التحرك في الوقت المناسب، وأكد أنهم هم المسؤولون عما آلت إليه الأوضاع.
وبالنسبة لإحدى النازحات من الموصل وتدعى رفاء، فإن الوضع في الموصل هو مجرد حلقة من سلسلة من الإحباطات مرت بها على مدار حياتها، حيث عادت رفاء مع زوجها وابنها للتو من أستراليا إلى الموصل للمرة الأولى منذ تسعة أعوام، بعد أن طمأنها أهلها أن الوضع قد استقر. وتأمل رفاء أن تساعدها جنسيتها الأسترالية في الدخول إلى أربيل.
ولا يتم السماح للعراقيين النازحين بالدخول إلى كردستان، إلا إذا كان لديهم أقارب أو كفلاء يتحملون مسؤوليتهم.
وربما نجح بعض النازحين في الدخول إلى أربيل الثلاثاء، ولكنهم اضطروا إلى المبيت في سياراتهم أو في الهواء الطلق، وفي صباح الأربعاء قرر البعض العودة إلى الموصل بسبب الإرهاق ونقص الموارد، حيث فضلوا العودة إلى منازلهم التي يتوفر بها ماء وكهرباء، حيث تقلص انقطاع الكهرباء كثيرا عقب خروج قوات المالكي ودسيطرة ثوار العشائر.
وتابعت الصحيفة بالقول، إن البديل أمام من لا يسمح لهم بدخول المدن، هو مخيمان تقوم الحكومة الكردية والأمم المتحدة بإنشائهما في منطقتي أربيل ودهوك، على قول زعم الصحيفة.
وقد تم تشييد 30 خيمة أمام معبر خزير بالقرب من العاصمة الكردية، وقال أحد المقيمين بالمخيم: "أنه فر مع عائلته من الموصل، ليس خوفا من داعش، ولكن خوفا من قوات الجيش العراقي، وأكد أنه يشعر بالأمان في المخيم".
وأشارت الصحيفة إلى أن عدد النازحين لم يتضح بعد، حيث أنهم ليسوا قادمين فقط من الموصل ولكن من مدن أخرى كذلك، مما يدل على أن العدد سيكون أكبر بكثير من المتوقع، على حد توقعات الصحيفة مع أن الثوار يبذلون جهودا لتأمين عودة النازحين والحفاظ على حياتهم.
فقد أجرت الصحيفة حوارا مع أسرة نازحة من مدينة بارتيلا، الواقعة بين الموصل وأربيل، وقد شعر رب الأسرة وهو أب لثلاثة أولاد، بأنه يجب عليه اتخاذ إجراءات احتياطية وترك مدينته متجها إلى أربيل.
وقال رب الأسرة الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الشباب معرضون للخطر أكثر من الآخرين، بسبب هويتهم المختلفة، وانضمام عدد كبير منهم إلى قوات البشمركة، وقد تم توجيه أسرته للنزوح إلى مدينة كابات، الواقعة على الجانب الآخر من نقطة تفتيش خزير، ويقطنها 40 ألف نسمة.
وفي حوار مع الصحيفة قال عمدة بلدة كابات، إن ما يقرب من 100 ألف نازح قد مروا عبر نقطة تفتيش خزير في يوم واحد، وقد أصر على عدم وجود خطر في كابات أو بقية المنطقة الكردية.
وختمت الصحيفة بالقول، إن المدنيين العراقيين هم ضحية الصراع المحتدم، لا سيما في ظل إصرار قوات المالكي على قصف المدنيين المتواصل بكل أنواع الأسلحة.