كتاب عربي 21

رؤساء النكسة

1300x600

في مثل هذا اليوم، الخامس من حزيران من عام 1967 منيت الأمة العربية بأقسى هزائمها، وكان يقودها مجموعة من العسكريين الذين استولوا على السلطة  بحجة أن الأنظمة الرجعية -الملكية- فرطت وأضاعت فلسطين وسلمتها للعصابات الصهيونية.

في مصر كان هناك "الزعيم الخالد" جمال عبد الناصر، وفي سوريا كان هناك وزير دفاع اسمه حافظ الأسد.

في مثل هذا اليوم استطاع الجيش الإسرائيلي القضاء على معظم سلاح الجو المصري الذي بذل العسكر كل مقدرات مصر لبنائه، وخلال حرب خاطفة لم تستمر أكثر من ستة أيام، سحق الجيش الإسرائيلي الجيش المصري والسوري والأردني، واحتل شبه جزيرة سيناء -تحتاج إلى خمسة أيام لقطعها دون حرب- ومرتفعات الجولان -تحتاج إلى خمسة أيام لتسلقها دون حرب-، والضفة الغربية والقدس، وتجول وزير الحرب الإسرائيلي موشيه دايان مع جنوده في شوارع القدس القديمة، وسيطر جيشه على المسجد الأقصى.

وقع آلاف الجنود المصريين أسرى، ووضعوا كالخراف في سيارات نقل كبيرة، ونقلوا إلى تل أبيب عبر الشوارع المكتظه باليهود المبتهجين بالنصر المؤزر، وقد كان الصهاينة "كرماء جدا" مع المصريين؛ إذ لم يريدوا فجيعتهم بنقلهم على أنغام صراخ خطابات زعيمهم الخالد، بل نقلوهم على أنغام أغاني "كوكب الشرق" أم كلثوم.

سمى العرب تلك الهزيمة "نكسة" تخفيفا على المصابين، لكن مع مرور الأيام، أخذ مصطلح النكسة يكتسب معاني القهر والذل والمهانة والهزيمة. 

في هذه الأجواء يحتفل الجنرال عبد الفتاح السيسي سليل ثورة العسكر في مصر، وبشار الأسد سليل "الدوحة الأسدية" في سوريا، بتنصيب نفسيهما رؤساء؛ الأول على بلد حطم آماله ووأد أحلامه وقسم شعبه. والثاني على بلد حطم كل شيء فيه، وقتل شعبه وشرد أهله.

في مثل هذا اليوم يحتفل النظامان، وريثا نظامي النكسة، بتنصيب زعيميهما في ذكرى النكسة، وكأنهما لم يجدا مناسبة أفضل من ذلك، لكنها إشارة لما ستكون عليه حال الأمة العربية.
في الحقيقة لا يوجد يوم في العام أنسب من يوم النكسة لتنصيب الرجلين.

عندما تعلم أن العمى وصل بهؤلاء أن يختاروا ذكرى النكسة وضياع القدس والمقدسات، للاحتفال بتنصيب نفسيهما رؤساء، فهذه نكسة أخرى.

 ألم يكن بمقدروهم -ولديهم من الأدوات الإعلامية والقضائية-، أن يقيموا انتخاباتهم الهزلية في شهر أكتوبر، وأن يجعلوا تنصيبهم يتزامن مع ذكرى نصر أكتوبر. لكن الله أعماهم، ولأمر ما أعماهم.