قال مصدر أمني رفيع اليوم الاثنين ان الامن العام
اللبناني أعاد 39 من اصل 49 لاجئا سوريا وفلسطينيا الى
سورية، بعد ان تم توقيفهم بتهمة حيازة تأشيرات سفر مزورة عندما كانوا يحاولون مغادرة لبنان بشكل جماعي.
من جهتهم، قال حقوقيون ان "
الترحيل" شمل الجميع، وهو يخالف القوانين اللبنانية والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان التي وقع لبنان عليها.
وكان الامن العام اللبناني قد أعلن السبت الماضي في بيان عن توقيف 49 سورياً وفلسطينياً من القادمين من سورية في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، واحالتهم الى القضاء بتهمة محاولة مغادرة لبنان الى دولة عربية بتأشيرات سفر مزورة، للتحقيق معهم بهدف كشف افراد شبكات التزوير".
وقال المصدر إن
اللاجئين السوريين والفلسطينيين تم توقيفهم "بناء لإشارة من النيابة العامة التي أشرفت على التحقيقات" معهم "وأجراها قاضي التحقيق"، ثم إعادتهم الى خارج الحدود اللبنانية.
وشدد على أن الأمن العام "لم يقم بترحيل أحد بل إعادهم الى الحدود بناء على إشارة من النيابة العامة التي وضعتهم بتصرف الامن العام"، موضحاً أنه "لم يتم تسليم هؤلاء الى السلطات السورية" بل نقلوا الى المنطقة المحايدة بين البلدين من جهة المعبر الحدودي اللبناني في منطقة المصنع، شرق البلاد.
ولفت الى انه "يحق لجهاز الامن العام ان يفرض على اي شخص مغادرة البلاد إذا ارتكب مخالفة بحق نظام الاقامة"، معتبراً أن هؤلاء اصلاً "ليسوا لاجئين ولبنان أصلا ليس بلد لجوء".
وقال المصدر ان "8 من الـ49 بقوا في لبنان لانهم من لاجئي لبنان بينما هناك امرأتان بقيتا كذلك هنا لأن عائلتيهما هنا أيضاً".
وتطرق الى المعلومات عن الاجراءات الخاصة بفلسطينيي سورية، فلفت إلى أن "هناك تعميم قديم كان يجري التساهل في تطبيقه"، موضحاً أن الفلسطيني اللاجئ في سورية ممنوع من دخول لبنان لطلب اللجوء او للعمل وبالتالي فالهدف الوحيد من دخوله هو الزيارة ولذلك "يتم منحه أسبوع إقامة".
أما بالنسبة للوضع الخاص الحالي جراء الحرب في سورية، فأجاب المصدر الامني ان "ليس هناك من وضع خاص في سورية والأوضاع هدأت في مخيم اليرموك"، في إشارة الى مخيم اللاجئين الفلسطيينيين المحاصر من قبل قوات النظام السوري في العاصمة دمشق.
لكن المحامي والحقوقي نبيل الحلبي، مدير المؤسسة اللبنانية للديموقراطية وحقوق الإنسان (لايف)، لفت الى انه على الرغم من أنه "لم يجر تسليمهم الى السلطات السورية، لكن عملية الترحيل تمت وجرى تسليم هؤلاء الى قدرهم ليلاقوا مصيرا مجهولا في المنطقة المحايدة".
وقال الحلبي إن هناك عشرات الحالات المماثلة لقضايا تزوير تأشيرات دخول امام القضاء اللبناني "فلماذا جرى التعامل مع هؤلاء بطريقة استثنائية؟ ولماذا لم يحولوا الى القضاء؟".
وشدد على أنه "لم يحصل تحقيق امام المحاكم اللبنانية"، معتبراً أن الامن العام اللبناني "اتخذ قرارا مخالفاً للقوانين اللبنانية وتحديدا قانون العقوبات والمحاكمات الجزائية، وكذلك القوانين الدولية. لا اعرف خلفياته لكنه قد يكون في جزء منه مرتبط بطلب الامن العام اللبناني من السلطات السورية أخيراً عدم إعطاء تأشيرات الى فلسطينيي سورية الا بعد إذن مسبق منه".
وأكد الحلبي انه "جرى ترحيل كل الموقوفين ولم يسمح لأي منهم بالبقاء في لبنان"، لافتاً إلى أنه إذا كان المدعي العام وضع هؤلاء بتصرف الامن العام فذلك يعني "انهم لم يرتكبوا أي جرم وإلا كان جرى الادعاء عليهم"، وبالتالي يصبح ما حصل "اجراء تعسفياً بمنع هؤلاء من مغادرة الاراضي اللبنانية للوجهة التي يريدونها".
وشدد على أن ذلك يخالف المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب ولبنان احد البلدان الموقعة عليها، وهذه المادة تحظر على اي دولة طرف ترحيل اي شخص الى بلده قسرا اذا كان يُخشى ان يتعرض للتعذيب او سائر صنوف المعاملة السيئة، موضحاً أن "بيان الامن العام لم يتضمن اي تفصيل قانوني ولم يصدر اي بيان عن النيابة العامة او وزارة العدل".
وطالب الحلبي المفوضية السامية لحقوق الانسان ان "تبدأ بتقصي حقيقة ما جرى بالتنسيق مع السلطات اللبنانية"، مضيفاً أن "46 شخصاً غادروا الى الاراضي السورية ونحن نجهل مصيرهم، بينما هناك 3 اشخاص فلسطينيين من لاجئي سورية ما زالوا في المنطقة المحايدة يرفضون العودة ونطالب الصليب الاحمر الدولي بالتدخل العاجل لانقاذهم بسبب ظروفهم الصعبة".
وفي هذا السياق، اتصلت "الاناضول" بأحد هؤلاء الشبان الثلاثة الذي يختبئون في المنطقة المحايدة في العراء وسط ظروف مناخية ومعيشية صعبة، الذي اوضح أن "هناك حكماً صادراً بحقي في سورية لتخلفي عن الخدمة العسكرية، والشابان الآخران لا يحملان بطاقات هوية وهذا يعني الموت في سورية".
وأوضح الشاب الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه يعيش في لبنان مع اهله منذ سنتين، والشاب الثاني، زوجته واولاده يعيشون في لبنان ايضاً "لكن ذلك لم يشفع لنا". ولفت الى انه "حين اخبرت المحقق بوضعي وبأنه لا يمكنني العودة الى سورية، تجاهل الشكوى باعتبار انها ليست ضمن مهامه".
وروى الشاب قصة هذه المجموعة، فلفت إلى أنه "كنا 49 شخصاً من لبنان وسورية، عائلات وشبان وبيننا 3 أطفال وامرأة حامل في شهرها السادس. تم توقيفنا الساعة 3 من فجر السبت. اخذوا جوازات سفرنا بحجة ان تأشيرات السفر مزورة ومن دون اي شرح اضافي".
وأضاف أنه تم احتجاز الجميع "في غرفة ضيقة من دون طعام او شراب، مع العلم ان معنا 3 اطفال عمرهم لا يتجاوز الـ10 سنوات وامرأة حامل"، معتبراً أن التحقيق معهم كان "شكليا".
وأضاف الشاب الذي يعيش ورفاقه في العراء لليلة الثانية على التوالي، "بقينا محتجزين في المطار حتى الساعة 6 من مساء السبت وعندها صعدنا الى حافلتين وتم نقلنا الى المصنع حيث حتى الرابعة فجرا، حين نقلونا الى المنطقة المحايدة بعد الحدود اللبنانية".
يرفض الشاب العودة الى سورية لأن ذلك يعني الموت، ويطالب مع رفيقيه بـ "تأمين لجوء الى أي دولة لأنه لا يمكننا الرجوع الى سورية او العودة الى لبنان".