أرجأ رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري جلسة انتخاب رئيس جمهورية لبنان إلى الأربعاء 7 أيار/مايو، بسبب عدم اكتمال النصاب.
وقد سعى مجلس النواب الأربعاء، لانتخاب رئيس، وسط توقعات مسبقة بتكرار سيناريو الأسبوع الماضي، حيث فشلت جولة أولى من الاقتراع الذي أعاقته الخلافات الداخلية التي عمقت الانقسام بين صناع القرار الإقليميين المؤثرين في لبنان.
ولم يحضر "تكتل التغيير والإصلاح" النيابي بزعامة العماد ميشال عون (27 نائبا) وكتلة نواب "حزب الله"(13 نائبا) ونواب حزبي "البعث" و"السوري القومي الاجتماعي"، منعا لاكتمال نصاب الثلثين، بحيث
يتعذر إجراء دورة الاقتراع الثانية التي تتطلب أكثرية النصف زائد واحد من أجل فوز أي مرشح رئاسي.
ويجمع الفرقاء المتنافسون ومحللون على أنه لا توجد معطيات للتفاهم على رئيس، ويتطلب نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية حضور ثلثي أعضاء البرلمان على الأقل، أي 86 من أصل 128 نائباً.
وبحسب الدستور، فإنه يجب على المرشح الحصول على أصوات ثلثي عدد النواب المطلوب للفوز من الدورة الأولى، وإلا فستجرى عمليات اقتراع جديدة يحتاج فيها المرشّح الى 65 صوتا على الأقل ليفوز بالسباق الرئاسي، علما بأن مجلس النواب يستطيع انتخاب أي مسيحي ماروني من دون أن يكون قد أعلن ترشيحه.
وقد أكد المرشح الرئاسي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في مؤتمر صحافي في معراب أن لمحة تاريخية عن الانتخابات الرئاسية في لبنان تظهر أنه، منذ أيام الاستقلال وحتى الآن لم يتم تعطيل الانتخابات الرئاسية في أي مرة"، لافتا إلى أن المشرع أراد عدم تعطيل النصاب واليوم هناك اهتزاز كبير في الدستور.
ولفت إلى أن "النصاب وضع كي تتم الجلسة وتنظم الانتخابات وليس لتعطيلها".
وأضاف أن ما يجري اليوم غير دستوري وهذا ليس حقا ديموقراطيا. ثمة فريق ليست لديه أكثرية يضع النواب أمام خيار إما انتخاب من يريد وإما لا انتخابات. إذن، نحن أمام خطة واضحة جدا تقضي بـ "إما القبول بمرشح الفريق الآخر أو بالأخذ إلى الفراغ"، حسب تعبيره.
وقال: "لسنا مع استعمال المطالب العمالية لمآرب سياسية بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية".
وتساءل: "لا أفهم كيف أن فريقا مسيحيا قدم التزامات يكون في طليعة المعرقلين وتعلن هذه النية على لسانه".
وأشار إلى أن "بيان بكركي أكد ضرورة انتخابات الرئاسة بموعدها الدستوري، وأنا أستغرب أن بعض القيادات يوافقون على بيان كهذا، فيما أننا نرى الممارسة في مكان آخر".
واعتبر أن "الحل أن يختار الفريق الآخر مرشحه والذهاب إلى الانتخابات. ولمن يتحدث منذ عشرات السنوات عن أننا نريد رئيسا وطنيا بلا تعليب من الخارج، فهذه هي الطريقة الصحيحة للوصول إلى هذا الرئيس"، لافتا إلى أن "ما يجري هو 7 مايو بشكل آخر من خلال تظاهرات مفتعلة وتعطيل النصاب ومسرحيات مفتعلة"، وأن "الفريق الآخر حقه الدستوري تقديم مرشح وليس من حقه اختيار مرشح 14 آذار".
وتمنى على "البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن يكون أمينا لما سمعه ورآه في بكركي، لافتا إلى أن "برنامج عون يتناقض 180 درجة مع برنامجنا. ونحن سنضع كل الجهود للوصول لجلسة انتخابات بشكل طبيعي"، معتبرا أن "قوى 8 آذار تلجأ للتعطيل لأن حظوظي ليست قليلة أبدا".
وأكد أن "اللبنانيين أمام مسؤولية أن يبقى الخيار داخل لبنان، وألا يأتي رئيس باتفاقات خارجية لا نعرف خياراته".
ويرجح محللون ألا تتوافق القوى المحلية والإقليمية على رئيس قبل انتهاء ولاية سليمان. وصرح رئيس دائرة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان لوكالة فرانس برس: "أعتقد أنه لن يكون ثمة رئيس جديد من الآن حتى انتهاء المهلة الدستورية في 25 أيار/ مايو (...) فريق حزب الله لا يمكن أن يقبل بجعجع، وفريق قوى 14 آذار لا يمكن أن يقبل بعون".
ويرى خشان أن السعودية وإيران "لا تبدوان مستعجلتين للتوصل إلى اتفاق" في ما خص الرئيس اللبناني المقبل"، مشيرا إلى أن هذا الشأن "ليس ملفا ساخنا" بالنسبة للرياض وطهران، لا سيما في ظل التباين بين الجانبين حول ملفات إقليمية كبرى، كالملف النووي والعراق وسوريا واليمن.
وفي جلسة الأسبوع الماضي، نال جعجع 48 صوتا، في مقابل 16 صوتا للمرشح الوسطي هنري
حلو.
وإضافة إلى تباعدهما السياسي الراهن، يعد جعجع وعون من ألد الخصوم منذ الحرب الأهلية. وخاض عون الذي كان قائدا للجيش، وجعجع على رأس القوات اللبنانية معارك ضارية خلال الحرب، أبرزها "حرب الإلغاء" مطلع العام 1990.
وقال عون قبل جلسة الأسبوع الماضي، إنه لم يترشح رسميا، وهو أمر غير ملزم دستوريا، لأنه يريد أن يكون مرشحا "توافقيا".
ورغم هذه الانقسامات، يرى خشان أن "السعوديين والإيرانيين سيتوصلون في نهاية الأمر إلى اتفاق إقليمي (...) لكن الأمر سيتطلب وقتا".
ويشكل الملف السوري إحدى نقاط التباين الأساسية بين طهران والرياض. وانعكس النزاع السوري انقساما حادا وأعمال عنف في لبنان.