أدى الرئيس
الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة اليمين الدستورية، الاثنين، بعد انتخابه رئيسا للجمهورية بموجب انتخابات 17 نيسان/ إبريل، ليباشر مهامه رسميا على رأس الدولة، ومباشرة بعد أدائه اليمين، عين عبد المالك سلال وزيرا أولا، خلفا ليوسف يوسفي الذي أمسك بحقيبة الوزارة الأولى خلفا لسلال الذي كان "بوتفليقة المترشح" عينه مديرا لحملته الانتخابية.
الرئيس المنتخب، بنسبة 81 بالمائة من الأصوات، والمرسم رئيسا بموجب قرار المجلس الدستوري 22 نيسان/ إبريل، قرأ نص اليمين الدستورية، المتكون من 94 كلمة بصعوبة بالغة، قبالة حشد كبير من كبار مسؤولي الدولة وقادة الأحزاب وكبار قادة الجيش، ونشطاء المجتمع المدني، بقصر الأمم غربي العاصمة.
وأدخل الرئيس بوتفليقة مقعدا على نفس الكرسي المتحرك الذي استعمله خلال تصويته يوم 17 نيسان/ إبريل، وأعيدت المشاهد ذاتها خلال أدائه اليمين الدستورية الاثنين، في صور لرئيس يدفع به وهو يحيي كبار مسؤولي الدولة وسائر المدعوين لحفل اليمين الدستورية.
وبدت على بوتفليقة الذي انتقل إلى ولاية رابعة عبر كرسي متحرك، علامات التعب، دلت عليها مخارج الحروف وهو يعيد ما يطلب منه قوله رئيس المحكمة العليا القاضي سليمان بودي.
وقاطع أداء اليمين الدستورية ثلاثة من المترشحين الخاسرين الذين نافسوا بوتفليقة على كرسي الرئاسة، وهم: علي بن فليس وموسى تواتي وعلي فوزي رباعين.
رغم ذلك، فقد توجه إليهم بوتفليقة بكلمة، شكرهم فيها على "التنافس الديمقراطي". بينما حضر اثنان فقط من منافسي الرئيس، وهما: اليسارية لويزة حنون، وأصغر المترشحين السابقين سنّا، عبد العزيز بلعيد.
ورفض قادة "تنسيقية مقاطعة انتخابات الرئاسة" حضور أداء اليمين الدستورية كما أعلنت الأحد، وكذلك فعل "قطب قوى التغيير" المكون من 13 حزبا يقودهم علي بن فليس الذي حل ثانيا بانتخابات الرئاسة.
وقبل دخوله قاعة
قصر الأمم، هُيئ مجلس لبوتفليقة قبالة الشاطئ، حيث أدى له الحرس الجمهوري التحية، وفقا للتقاليد وباعتباره رئيسا منتخبا.
ورغم أن الرئيس بوتفليقة تمكن من قراءة نص القسم الدستوري وبصعوبة بالغة، إلا إنه لم يستطع قراءة خطابه الموجه إلى الشعب كاملا، ومن جملة 12 صفحة تضمنها الخطاب، لم يقرأ إلا مقدمتها، قبل أن يقول "والسلام عليكم"، علما بأن كتيب الخطاب وزع على الجميع قبل بدء الرئيس بقراءته.
وقال بوتفليقة: "بصفتي رئيسا للجمهورية الجزائرية الديمقراطية، سأسهر على حماية الدستور والحريات وحقوق الإنسان". وقال أيضا إن "الوفاق الوطني هو الأفضل لحماية وصيانة الجزائر من أية عملية مناوئة قد تهددها من الخارج".
كما أنه قال: "لا يمكن لا للديمقراطية ولا للتنمية ولا لأي مطمح وطني آخر أن يحقق له التقدم دون استقرار داخلي، بل ودون وفاق وطني وطيد يكون أفضل حماية للبلاد من أية عملية مناوئة قد تهدده من الخارج".
وفهم من كلام بوتفليقة أن السلطة تسعى للانفتاح على المعارضة التي تجمعت بشكل غير مسبوق ضد نتاج الانتخابات، ويتردد أن الرئيس بوتفليقة يسعى إلى إشراك أطياف المعارضة في بلورة الدستور القادم للبلاد.
يذكر أن مجرد سماع صوت بوتفليقة حول الأمر إلى حدث وطني، أغنى سامعيه عن التمحيص في مضمون الخطاب الذي لم يكتمل.
وقال المحلل السياسي نجيب بلحيمر، إن "بوتفليقة قرأ مقدمة خطابه المكون من 12 صفحة، ولم يستطع أن يقرأ خطابا يعد فيه بمراجعة الدستور مراجعة توافقية بالتشاور مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية. هذا يعني أنه لن يكون صاحب القرار في المرحلة القادمة. الجزائر تعيش تحت سلطة حكومة خفية".
وأفاد القيادي في "جبهة العدالة والتنمية" المقاطعة لأداء اليمين الدستورية الأخضر بن خلاف، لـ "عربي21" بأن "بوتفليقة واجه صعوبة جلية في أداء اليمين الدستورية.. أتساءل إن كان بمقدوره تسيير بلاد بأكملها وهو على هذا الحال".
بينما أفاد محسن بلعباس، رئيس "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض، والمقاطع أداء اليمين الدستورية لـ "عربي21": "ساخطون إزاء هذه اللحظة التي جرى فيها تنصيب الرئيس. إنه رئيس عاجز عن الحركة والكلام، ولا يستطيع حتى التعرف على الوجوه التي تقابله".
وقال موسى تواتي، الذي ترشح لانتخابات الرئاسة وحل بالمرتبة السادسة والأخيرة لـ "عربي21" الاثنين: "لقد تلقى بوتفليقة صعوبات خلال إلقائه لنص الخطاب. وأتساءل: كيف ستكون عملية اتخاذ القرار في البلاد والرئيس على هذه الحال؟ إن وضعه الصحي فعلا هش".
واعتبرت حركة "النهضة" المعارضة التي قاطعت انتخابات 17 إبريل/ نيسان، أن "مشهد أداء بوتفليقة اليمين الدستورية، فصل من فصول مسيرة سياسية خاطئة غيبت فيه الإرادة الشعبية مرة أخرى، وقد أرادت السلطة أن تُسوق هذا الحدث على أنه خلاصة لعملية انتخابية ـ سليمة ـ غير أن واقع مجريات رئاسيات 2014 تثبت غير ذلك".
وسجلت الحركة في بيان، الاثنين، أن "الخطاب الكتابي للسيد رئيس الجمهورية والموزع على الحضور في هذه المناسبة، أعاد عجلة الزمن إلى الوراء بالكلام عن قضايا تم استهلاكها في الماضي"، كما أنه ورد في البيان أيضا: "تسجل الحركة ازدواجية في الخطاب، إذ عشية الانتخابات اعتمدت السلطة أسلوب التخويف والترعيب للمشهد الجزائري وممارسة الضغط النفسي والإكراه المادي، أما اليوم فهي تتحدث عن العرس الديمقراطي".
وفي نفس المنحى، قال سفيان صخري، القيادي في حزب "جيل جديد" الذي قاطع انتخابات الرئاسة لـ "عربي21" الاثنين: "أعتبر تنصيب بوتفليقة محطة أخرى في المسار الانقلابي الذي نرفض الاعتراف به".
وفي المقابل، يرى ميلود شرفي، القيادي في "التجمع الوطني الديمقراطي" الموالي للرئيس بوتفليقة، أن "الشعب الجزائري تقاسم اليوم فرحته بمناسبة أداء بوتفليقة اليمين الدستورية". وأضاف: "نحيي مناضلينا الذين ساهموا في فوز الرئيس بوتفليقة بالانتخابات".