قال بشار الزعبي قائد كتيبة اليرموك في حديث له مع صحيفة "
نيويورك تايمز"، إن الوضع في جنوب
سوريا جيد، وتقوم السلطات الأردنية بالتحكم بالحدود مع سوريا ولا تدخل الأسلحة للمقاتلين السوريين بطريقة غير منظمة. ولكن دعم الأردن للمقاتلين لا يخلو من إحباطات، فعندما يريد
المقاتلون العودة لسوريا والقتال هناك تقوم المخابرات الأردنية بتحديد الوقت المناسب لهم لعبور الحدود مع سوريا. وعندما يحتاجون للأسلحة يقومون بتقديم طلباتهم لغرفة العمليات في عمان التي يعمل فيها عملاء للمخابرات من الأردن والسعودية والولايات المتحدة.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن هذا البلد الصغير – الأردن، لفت انتباه العالم خلال الحرب الأهلية السورية التي دخلت عامها الرابع بسبب تأثره بها وكفاحه لاستيعاب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. لكن الحكومة الأردنية تقدم للمقاتلين السوريين وبهدوء الساحة لكي يعمل من خلالها المقاتلون السوريون والدول الداعمة لهم. فمن خلال غرفة العمليات المشتركة، مثلا يقول المقاتلون إنهم تلقوا رواتب من أجل أن لا ينضموا للجماعات الإرهابية والمتطرفة.
ويظل الدعم الأردني والأمريكي محددا، ويُظهر - كما تقول الصحيفة- تردد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، التورط في حرب جديدة في الشرق الأوسط، إذ يشك المقاتلون في أن الولايات المتحدة تشاركهم في الهدف، وهو الإطاحة بالرئيس باراك أوباما. وفي الحقيقة يقول المقاتلون إن الإدارة الأمريكية تقدم لهم ما يكفيهم حتى يظلوا على قيد الحياة وليس كافيا لتحقيق النصر، فيما يعتقدون أنه جزء من استراتيجية خبيثة لإطالة أمد الحرب.
ويقول المقاتلون لإثبات هذه الاستراتيجية، إن الداعمين لهم يدفعونهم في بعض الأحيان لتجنب ضرب الأهداف الاستراتيجية كجزء من استراتيجية الإبقاء على الحرب ونارها المشتعلة. وتنقل في هذا السياق عن أسعد الزعبي، الجنرال الطيار الذي انشق عن النظام ويعمل في غرفة العمليات "الدعم الذي نتلقاه هو لإبقائنا على قيد الحياة ويغطي أدنى الاحتياجات التي نريدها". مضيفا: "يقولون إنه دعم ولكن لا أطلق عليه دعما"، و"أعتبره جزءا من لعبة شراء الوقت لإعطاء وهم أن هناك دعما، وفي الحقيقة لا يوجد شيء كهذا".
وتورد الصحيفة أنه في الوقت الذي يتم فيه التركيز على الجبهة الشمالية حيث يتحرك المقاتلون بحرية من وإلى تركيا، فإن الجبهة الجنوبية يتحكم الأردنيون بها. ورغم الحديث عن "إحياء" الجبهة الجنوبية إلا أن مقابلات مع مقاتلين وقادة ومسؤولين عسكريين أردنيين ومسؤولين أجانب تظهر صورة غير هذه؛ منطقة يسودها الجمود، منطقة تتأثر بشكل كبير بقرارات الدول الخارجية التي تطمح لتحديد صعود القوى المتطرفة وحماية استقرار الأردن. وعليه فإن زيادة الضغط العسكري على الأسد ليست جزءا من الاستراتيجية.
وتضيف الصحيفة أن الولايات المتحدة دعمت المعارضة السورية بمبلغ 260 مليون دولار في مساعدات قتالية غير فتاكة، فيما لم تكشف الدول الداعمة للمقاتلين عن حجم دعمها.
ولم يساعد أي من الدعم الذي قدم للمقاتلين على تقدم المعارضة أو على إنهاء الحرب، بل إنها -على العكس- علقت مفاوضات السلام، ومن المحتمل بقاء الأسد في السلطة في المدى القريب.
ونقلت في هذا السياق ردا من الإدارة الأمريكية جاء فيه أن فكرة عدم رغبة الولايات المتحدة في أن تحقق المعارضة إنجازات غير صحيحة. ونقل عن كيتلين هايدن، أن "فكرة عدم رغبة الولايات المتحدة تحقيق إنجازات غير صحيحة، فنحن ملتزمون في تعزيز قدرات المعارضة المعتدلة والبحث عن طرق لوقف نزيف الدم ومعاناة الشعب السوري". وأضافت: "لا حل عسكريا للنزاع، وما يحتاج إليه هو حل سياسي يتم التفاوض عليه".
وتنقل عن القادة أنهم يسافرون للأردن لتقديم طلبات للمسؤولين هناك ويطلبون المال والسلاح لمقاتليهم. وبحسب عبدالله قرايز، الذي يقود مجموعة في بلدة نوى : "نذهب إليهم ونشرح ما نريد عمله، ويسألون بدورهم عن الهدف وكم لدينا من المقاتلين"، ويقول إن طلبه للحصول على سلاح رفض مرتين لكنه حصل على 25 ألف دولار، كي يدفع 50 دولارا لكل مقاتل من مقاتليه، معلقا: "ما نفع 50 دولارا لمقاتل له زوجة وأولاد، لا تكفيه حتى لشراء السجائر".
وتورد أيضا، أن المقاتلين الذين زاروا غرفة العمليات المشتركة، يقولون إن القرارات تعكس توازن المصالح للدول التي تدعم المقاتلين، فالسعودية توفر المال وتدفع باتجاه دور أكبر، والأردن يقوم بحماية الحدود ويدعو للحذر، فيما تمارس أمريكا الفيتو على شحن الأسلحة. وفي هذا السياق، وفرت غرفة العمليات المشتركة الذخيرة والبنادق والصواريخ المضادة للطائرات، لكنها رفضت توفير الصواريخ المضادة للطائرات التي يمكن أن توقف قصف المدن وقتل المدنيين.
وبحسب ما نقلت الصحيفة، فإن غرفة العمليات تعد أيضا مقرا تقوم من خلاله المخابرات الأمريكية (سي أي إيه) بتدريب المقاتلين السوريين، وهو البرنامج الذي وافق عليه الكونغرس الأمريكي وصادق عليه أوباما في نيسان/ إبريل الماضي. ويقوم البرنامج بتدريب 380 مقاتلا في الشهر ويزودهم بالسلاح والذخيرة التي تمكنهم من العودة لسوريا وتدريب زملائهم.
وتنقل عن قادة المعارضة، أن البرنامج أصغر مما تتحدث عنه الولايات المتحدة. وبحسب الجنرال الزعبي، فقد تم عقد ثلاث دورات تدريبية في الصحراء الأردنية وتلقى فيها ما بين 15 و30 مقاتلا. ويقدر مقاتلون عدد المقاتلين بالمئات ممن تم تدريبهم. ويقول فردريك هوف وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية ويعمل في المجلس الأطلنطي: "إن التدريب عادي وليس كافيا لتحقيق تغيير على ساحة المعركة".
وتضيف أنه في الوقت الذي ينتقد فيه المقاتلون الدعم الأمريكي وعدم تزويدهم بالسلاح المضاد للطائرات إلا أنهم يقولون إن مراقبة الأردن للحدود أدى لمنع حدوث الفوضى التي تميزت فيها منطقة الشمال.
وفي منطقة الجنوب لا تتمتع جبهة النصرة بنفس الحضور الذي تتمتع به في الشمال ولا يوجد للدولة الإسلامية – داعش- أي حضور. ورغم هذا فالدول الداعمة للمقاتلين يبدو أنهما مهتمة بإدارة النزاع، لا تحقيق النصر كما يقول الزعبي الذي يقول إنهم لو عقدوا العزم لأطاحوا ببشار الأسد في عشرة أيام.
وتخلص الصحيفة إلى أن الأردن تعامل مع الأزمة السورية بحذر وضغط أحيانا على المقاتلين للانسحاب من مواقع استراتيجية، خاصة أن الأردنيين منقسمون حول الحرب.