كتاب عربي 21

من يبايعني؟!

1300x600
الآن، والآن فقط، عرفت مغزى الحكمة الشهيرة، التي كان يزين بها عم "محمد البقال" محله، وكنت أطالعها صغيراً، فلا أقف على مدلولها، وهي "الصبر مفتاح الفرج". فلقد "صبرت ونلت"، ومنذ وقوع الانقلاب، وفي "ظرف" ستة أشهر، جرى لي ترقي وظيفي، ومن خلية إخوانية نائمة، إلى قيادي في الجماعة "المحظورة"، وأخيراً صرت قيادياً في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.. تكبير!.

أصل الحكاية، أنني سافرت مؤخرا، وعدت تواً من فنزويلا، بعد أن شاركت في مؤتمر، شهد تدشين " التجمع المصري"، الذي كان مقدراً له أن يكون اسمه "التحالف المصري" فخشي البعض من أن يمثل اسمه تزاحماً لـ" التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" الذي يقود مسيرة الثورة على الأرض، والذي يدعو للتظاهرات التي تشهدها مصر منذ وقوع الانقلاب العسكري. وبينما كنا هناك، علمت أنه تم تحديد اسمي، من بين ثلاثة أسماء من بين المشاركين، على أننا ذهبنا للمشاركة في اجتماعات التنظيم الدولي، والبعض كتبها العالمي، لجماعة الإخوان المسلمين، على نحو يؤكد أنني "ضالع في التنظيم"، وأنني عضو فيه!

في مواجهة الاتهام بأنني من الإخوان، قلت أنني " المرشد العام" للجماعة، وعندما سمعت للاتهام بأنني من التنظيم الدولي، قلت أنني ذهبت إلى ماليزيا للحصول علي بيعة التنظيم الدولي، بأنني المرشد العام الجديد للجماعة بعد سجن مرشدها العام!

الذين يعرفونني، يعلمون أن بيني وبين الإخوان ما صنع الحدادون في مصر والشرق الأوسط ، فلما قامت الثورة اختلط العام بالخاص، وكنت من المعارضين الأشداء لحكم الرئيس محمد مرسي، لكن على قواعد ثورتنا المجيدة، وليس على قواعد النظام البائد، وقبل حكم الرئيس مرسي صدر لي كتاب "الإخوان المسلمون.. الوجه والقناع"، لكني مع هذا وقفت ضد الانقلاب قبل أن يقع، فمن يريد أن يسقط الرئيس مرسي فليسقطه عبر صناديق الانتخاب، وكنت من المؤكدين على أن الرئيس تم انتخابه لمدة أربع سنوات، وأن إسقاطه يكون في الانتخابات بعد استكمال دورته، ولم أكن بهذا منحازاً لشخص الرئيس، وإنما لإيماني بقواعد اللعبة الديمقراطية.

أعلم أن وجودي في المعسكر المنحاز للشرعية، يسبب للانقلابيين أزمة، وهم الذين يعيدون ويزيدون، ويلتون ويفتون في أنها معركة بين المجتمع المصري كله من جهة، وبين الإخوان والجماعات الدينية المتطرفة من جهة أخرى. ومبكراً أعلنت موقفي الرافض لحكم العسكر، وللانقلاب علي المسار الديمقراطي، على الرغم من خصومتي مع جماعة الإخوان، وعلى الرغم من خلافي مع سياسات الرئيس محمد مرسي واختياراته!

لهذا، فقد حرص الانقلابيون، علي وصمى وأمثالي، ممن أكدوا انحيازهم للشرعية أن المعركة بين الثورة والثورة المضادة، بأننا إخوان، فإذا كان هناك من لم يقفوا على إخوانيتنا في السابق، فانه يتم الرد عليهم بأننا خلايا نائمة!

وفي الأيام الأولى للانقلاب، شاركت في برنامج على قناة "الحرة"، وفوجئت بأن السياسي المستجد "محمد أبو حامد"، يتهمني بأنني من الإخوان وقررت تمرير الاتهام بعدم الرد، لكن "حسين جرادي" مقدم البرنامج قال له: ولكن سليم عزوز ضد الإخوان؟.. فرد أبو حامد في هدوء الواثق من نفسه: "إنه من الخلايا النائمة"، وهكذا جرت عملية الترقي الوظيفي فى حلقة تلفزيونية واحدة، إلى كوني من الإخوان، مع خلاف في التفاصيل بين كوني عضواً معلناً أو عضواً مستتراً.

للتذكرة، فإن هجومي علي الإخوان لم يكن من طرف واحد، فقد بادلوني قصفاً بقصف، وكانت لهم قبل الثورة جريدة تحمل اسم " آفاق عربية" كانت تسلخني بألسنة حداد، وعندما تم إيقافها بقرار أمني، وقفت مع الزملاء العاملين فيها في كل مظاهراتهم على "سلالم نقابة الصحفيين"، وكتبت تنديداً بقرار إغلاقها أكثر من مرة، ولم يتهمني أحد بأنني من الإخوان حينذاك، لأنه كان يوجد وعي بموقف أمثالي.
بعد الثورة، رد علي الإخوان الصاع صاعين، فقاموا باستبعاد اسمي من الترشيح لعضوية مجلس الشعب من قوائم "التحالف الوطني"، الذي كان يضم 44 حزباً، وهو الذي كان يهيمن عليه الإخوان، بعد الوعود، وكان الاستبعاد قبل إغلاق باب الترشيح بيومين، حتى لا أتمكن من ترتيب أوضاعي وحتى يفوتني الترشيح. وعندما تم تشكيل المجلس الأعلى للصحافة في عهد الرئيس محمد مرسي، واختارني مجلس الشورى عضواً بصفتي القانونية، كرئيس تحرير لأقدم صحيفة معارضة في مصر، ووقع الرئيس على قرار الاختيار ونشر بالجريدة الرسمية، تم تجميد عضويتي لأسباب سياسية كما قال لي الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة بعد مناقشته لرئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمي فك الله أسره، ولم يجد الأخير ما يقوله إلا تكراره لكلمة واحدة: " بعدين .. بعدين" فهو يريد أن يؤجل المناقشة لأنه لا يملك أسباباً موضوعية للتجميد!

إعلام الثورة المضادة، رفع عن الداعين لمؤتمر ماليزيا الحرج عندما لصق تهمة الإخوانية بمؤتمرهم، وقال إن أعضاء التنظيم الدولي هم من دعوا إليه، ونظموه. ومعلوماتي أن آراء اخوانية كانت ضد عقد المؤتمر، لأنهم نظروا إليه على أنه يمثل بديلاً لـ "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، ولأن الحال كذلك فقد وجدت في حضور الدكتور مجدي قرقر إلى ماليزيا، في هذه الأجواء، ما يمثل رداً علي ما يتردد، والبعض "سماعون للكذب.. سماعون لقوم آخرين"، ولأن الأجواء كما أسلفت فقد حرص كثير من المتحدثين على التأكيد على أن "التجمع المصري" يأتي على قاعدة التكامل لا التعارض، فهو ضد حكم العسكر ومع إقامة حياة ديمقراطية سليمة، وعندما تحدث البعض في المؤتمر عن أن يكون التوجه الجديد بكسر الانقلاب العسكري، وعدم العودة إلى ما قبل 30 يونية، على أساس أنه ليس في مقدور أحد أن ينكر حجم العداء لحكم الرئيس مرسي، جاء رأي الأغلبية بأن كسر الانقلاب لا يعني إلا أن يعود الرئيس إلى القصر، بعد ذلك يجرى الاختلاف حول التفاصيل، إن كان يكمل دورته، أو يدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، أو يعرض استمراره على الجماهير في استفتاء شعبي!

ولأن العنوان هو ما اتفقت عليه الأغلبية، والخلاف كان من نصيب المتن، فقد أعلن الأمين العام لـ "التجمع المصري" الدكتور باسم خفاجي عن نزوله لهذا الرأي الذي لم يكن من الداعين إليه.
وفي ظل هذه الأجواء الضبابية التي أحاطت بعقد المؤتمر، من منطلقات ثورية، فإن إعلام الثورة المضادة، وهو يسئ إلى مؤتمر ماليزيا قدم للداعين له خدمة جليلة، حتى وإن تطرف حد ادعاء أن من حضروا كانوا من التنظيم الدولي، أو العالمي، لجماعة الإخوان المسلمين.

فشكراً لكم يا عرب، ولا تنسوا أن تبايعونني على المنشط والمكره بصفتي المرشد العام الجديد للإخوان، وقد ذهبت إلى ماليزيا لأخذ البيعة من قادة التنظيم الدولي. وفي ظل صعوبة أن ألتقي بالجميع لأسباب أمنية، فاني أفتي بجواز البيعة بإرسال رسالة فارغة إلى رقم هاتفي الجوال.
فمن يبايعني؟!