قال الباجي قايد
السبسي، زعيم "نداء
تونس" في مقابلة مع صحيفة "
واشنطن بوست" إن الخلافات بين حزبه و"حركة
النهضة" هي أيديولوجية بالدرجة الأولى، لإن النهضة كما يقول "تريد دولة دينية، ونريد دولة مدنية".
ودعا السبسي النهضة للرحيل عن السلطة بدون ضمانات، واتهم الحكومة بالعجز وأنها أدخلت البلاد في وضع غير مسبوق.
وقال إن النهضة "حاولت تغيير طبيعة المجتمع في الدستور، فهم يريدون مجتمعا إسلاميا ونحن ضده". وفي المقابلة التي أجرتها معه لالي ويموث تحدث السبسي عن مشاكل الحوار الوطني النابعة من اختلاف الأيديولوجيات التي تمثلها 23 حزبا تشارك في الحوار.
وقال إن تونس تعيش في مرحلة ما بعد الثورة، وهناك حاجة للتوافق على رئيس وزراء "لقد انتخبنا المجلس التأسيسي بهدف كتابة مسودة الدستور في مدة لا تزيد عن عام، ومضى الآن على المجلس ثلاثة أعوام، ولم يتم الانتهاء من الدستور ولم يعد لديهم أية شرعية".
وعندما سألته الصحفية عن ما يقال إنه يريد الرئاسة أجاب "لا شيء يمنع من مشاركتي في الانتخابات الرئاسية، لأن الرئيس ينتخبه الشعب، ولو شعرت في يوم الانتخابات الرئاسية بالرغبة والقدرة، عندها سأشارك، أنا مع النظام الرئاسي".
وقال إن النهضة مثل الإخوان المسلمين، "ولكنهم لم ينجحوا، فقد أوقفت منظمات المجتمع المدني عملية (تغيير المجتمع)، مثلا يريدون وضع الشريعة كمصدر للقانون، نحن ضد هذا، كما حاولوا أيضا تغيير وضع المرأة وجعلها تابعة بدلا من متساوية مع الرجل، ولم نقبل هذا". مضيفا أن حزبه والمعارضة احتجت وأدت إلى تراجع النهضة، "ولا نعرف ماذا سيحدث لأن الدستور لم يكتمل وكل السيناريوهات مفتوحة".
وأووضح السبسي إن حزبه احتج على بند 141 الذي يجعل من الإسلام دين الدولة قائلا "نحن ضد هذا، لقد قلنا لا نستطيع قبوله، لأن هذا سيجعل تونس دولة دينية، ولكنهم تراجعوا". ولكن الصحافية قالت له "أنت لا تعرف لأن الدستور لم يكتمل"، أجاب "هذه هي مشكلة المجلس التأسيسي". وردت عليه "لهذا لسبب تريد التخلص من المجلس التأسيسي؟" فرد قائلا "لقد انتخب المجلس لعام واحد، ومضى عليه الآن 3 سنوات، وانتخب اعضاؤه لتحقيق غرض واحد وهو كتابة مسودة الدستور، ولم يفعلوا هذا، وانتهى وقتهم، وفي النهاية نريد انتخاب رئيس للوزراء". وفي تعليقه على إمكانية تعيين رئيس وزراء جديد يوم غد، أكد "لو كان الأمر بيدي لكان لدينا واحد منذ 3 أشهر". وقال إن على النهضة أن تترك منصب رئيس الوزراء سواء حصلت على ضمانات بعدم الملاحقة أم لم تحصل "لا يمكننا منح ضمانات، لا أحد يمكنه تقديم ضمانات جادة". ويشير السبسي إن النهضة خائفة بسبب ما حدث في فترة حكمها"، ومهما كان الحال فلا يمكننا تقديم ضمانات لها، لإن العدالة يجب أن تأخذ مجراها". واتهم السبسي حركة النهضة بعدم النجاح في إدارة شؤون الدولة وبأنها "وضعت البلاد في حالة غير مسبوقة، بدون خطة إجتماعية ولا اقتصادية ولا أمنية".
وقال إن البلاد تفتقد الأمن لأن الاسلاميين لا خبرة لهم في إدارة شؤون البلاد "وهم عاجزون، ويحابون الجماعات الإسلامية المتشددة، ويعرفون أن هؤلاء المتشددين ارتكبوا جرائم في الماضي، لكنهم لم يقدموهم للمحاكمة"، مضيفا إن تونس "لم تعرف جرائم سياسية مثل هذه من قبل، حيث كانت آخر جريمة سياسية شهدتها البلاد في عامي 1952 و 1953". وعلق على اغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد براهمي واستهدافهما نظرا لشعبيتهما ولأنهما كانا ضد الحركة الإسلامية. وأكد أن الجهاديين لم تعد لديهم معسكرات تدريبية بعد أن لاحقتهم القوات الأمنية في جبل الشعانبي. وعندما سألته أن النهضة قررت قتالهم أجاب "نعم، قررت الحكومة وصف أنصار الشريعة بالجماعة الإرهابية". واتهم السبسي الحكومة بعدم التدخل في الوقت المناسب ومنع الهجوم على السفارة الأمريكية والذي قادته عناصر سلفية في تونس "هذا ليس مقبولا ولم يحدث هذا أبدا في تونس". وبرر هذا لأن الحكومة كانت متساهلة مع السلفيين "لقد سمحوا لعشرات الألوف من الناس التجمع حول السفارة وأرسلوا قوة شرطة صغيرة، ولم تكن قادرة على منع المتظاهرين للسفارة وتخريبها".
وعبر السبسي عن أمله من تأخر الانتخابات لعام تقريبا معللا هذا بالحاجة لإنشاء لجنة مستقلة للانتخابات ولكي يكون بمقدور تونس تنظيم انتخابات نزيهة بمعايير دولية، وبدون ذلك فأي انتخابات تجريها الحكومة "غير مقبولة". واتهم الحكومة بحل لجنة الإنتخابات المستقلة. وأكد إن مطالبهم بحل الحكومة ليست نابعة لكونها حكومة النهضة بل لأنها غير فاعلة. منتقدا تعيين 70 وزيرا فيها. وربط نجاح الربيع التونسي بالدعم الخارجي، حيث قال إن تونس مرشحة أكثر من غيرها لتحقيق النجاح، لأن أهلها متعلمون ونساؤها متحررات: "اليوم لا نستطيع القول أننا نجحنا في العملية الديموقراطية لكن هذا يمكن أن يحدث بدعم جيد".