مقالات مختارة

لا تحشدوا للاستفتاء

1300x600

كان المشهد في مثل هذه الأيام من العام الماضي بائسا ومؤلما‏، سلطة انقلبت علي وعودها وعهودها‏،‏ وقرر رئيسها أن ينصب نفسه حاكما  إلها لا يرد له قول عبر ما أطلق عليه إعلانا دستوريا، ثم هرع أعضاء تنظيمه للاعتداء علي المعتصمين احتجاجا على هذا الإعلان. 

وبالتزامن مع ذلك، وفي الجانب الآخر من المشهد نفسه، كان كهنة الجمعية التأسيسية التي تم تشكيلها في يونيو2012 يضعون اللمسات الأخيرة على دستورهم الخاص بعد انسحاب ممثل القوي الديمقراطية منها، ورغم أن انسحابنا أتاح لهم التحكم في مشروع الدستور بشكل مطلق، فقد أدى هذا الانسحاب إلي إسقاط شرعية الجمعية بعد أن أفقدها التنوع الجزئي الذي كان قد وفر لها قدرا من هذه الشرعية.

وكان أسوأ ما في ذلك المشهد السييء في معظم جوانبه هو ما قام به كهنة جمعية2012 التأسيسية من ترويج لمشروع دستور يعتبر الأسوأ منذ1923 رغم أنه لم يخل من ايجابيات وخاصة علي صعيد نظام الحكم والتوازن بين صلاحيات الرئاسة والحكومة. فقد انبري هؤلاء لدعوة الشعب إلي الاحتشاد وراء مشروع الدستور( عشان العجلة تدور). ولم يكن هذا السلوك غريبا على من يرون الناس قطعانا يتم تحريكها من أعلى.

ولذلك يبدو مزعجا أن يعلن بعض من يحسبون على القوي الديمقراطية ضرورة حشد الشعب للموافقة على مشروع الدستور الجديد، وكأنهم الوجه الآخر لـ كهنة الجمعية السابقة وأنصارهم. فالمفترض أن يكون البون شاسعا بين ثقافة من تربوا في تنظيم مغلق وتشبعوا بثقافة الحشد والامتثال والطاعة، ومن يؤمنون بثقافة الحرية ودور العقل وأهمية الحوار. وليت من يتحدثون الآن عن حشد للاستفتاء علي الدستور أن ينتبهوا إلي أنهم يخونون مبادئهم حين يجرفهم الصراع الراهن بعيدا عنها. ولتكن دعوتهم إلي المصريين هي ضرورة المشاركة في الاستفتاء والإدلاء بأصواتهم بحرية بدون حشد أو إرغام. وخير ما ينبغي النصح به هو قراءة مشروع الدستور، أو سؤال من نثق فيهم إذا لم تتيسر لنا القراءة، لتحديد الموقف منه بحرية والتصويت على هذا الأساس.

(عن الاهرام المصرية)