ملفات وتقارير

ما قصة العلم السوري الذي ترفعه المعارضة وكيف تغير التصميم عبر السنوات؟

العلم الذي ترفعه المعارضة السورية له جذور وأصول متعلقة بثورة أخرى- جيتي
ترفع فصائل المعارضة السورية العلم السوري بتصميم ولون مختلف عن العلم الذي جرى اعتمادة خلال فترة حكم عائلة الأسد للبلاد، مع اختلاف أساسي يتمثل باستبدال اللون الأخضر بالأحمر، وزيادة نجمة خماسية في المساحة البيضاء.

وبدأ استخدام هذا التصميم مع بدء الثورة السورية ضد رئيس النظام المخلوع بشار الأسد في عام 2011، واستخدمه المتظاهرون على نطاق واسع بمختلف المحافظات خلال التظاهرات التي كانت تطالب بإسقاط النظام، إلا أن جذوره تعود إلى أقدم من ذلك وإلى أصول ثورة سابقة آخرى.

الثورة العربية 
يعتبر علم الثورة العربية أول علم رفع في دمشق بعد إنزال العلم العثماني، وفي خضم الثورة العربية التي كانت تواصل تقدمها إلى دمشق تم رفع العلم من قبل الأمير سعيد الجزائري، الذي كان قد كلف بإقامة حكومة مؤقتة في البلاد ريثما تصل جيوش الأمير فيصل إلى البلاد.

ورفع العلم في 27 أيلول/ سبتمر 1918 أي قبل انسحاب الحامية التركية من دمشق بثلاثة أيام على الرغم من عدم إنزال العلم العثماني حتى الـ30 من أيلول.

وبقي هذا العلم مرفوعا في سوريا حتى 8 آذار/ مارس 1920 وهو اليوم الذي أعلن فيه استقلال البلاد عن الدولة العثمانية رسميا.



المملكة العربية السورية
جرى إعلان الاستقلال عن الدولة العثمانية  في 8 آذار/ مارس 1920، وأقيم حفل في ساحة المرجة حيث دار البلدية، وكانت الساحة قد زينت قبل وصول الأمير فيصل، وعند وصوله قام المحتشدون بالهتاف لسوريا المستقلة.

وبعد انتهاء الحفل تم رفع العلم الجديد وأطلقت المدفعية مئة طلقة وطلقة. ولم يختلف علم المملكة المستقلة عن علم الثورة العربية إلا بالنجمة السباعية البيضاء التي أضيفت إلى المثلث الأحمر. 

وبقي هذا العلم لفترة قصيرة، لأنه جرى إلغاؤه من قبل السلطات الفرنسية التي قامت باحتلال البلاد عقب معركة ميسلون والتي كانت مقدمة لضم البلاد إلى الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية لما يزيد على الـ12 عاما، علما بأن وجود القوات الفرنسية على الأراضي السورية دام لحوالي 25 عاما.


الانتداب الفرنسي
انتهى علم المملكة العربية السورية في 24 تموز/ يوليو 1920 بعد  معركة ميسلون بين قوات من المتطوعين السوريين بقيادة وزير الحربية يوسف العظمة من جهة، وقوات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال ماريانو غوابيه من جهة أخرى. 

وألغي العلم وأعلن عن العلم الجديد الذي كان لونه أزرق ويحتوي في منتصفه على هلال أبيض وفي زاويته العليا علم فرنسي مصغر.




الاستقلال
جاء دستور عام 1930 والذي تولت وضعه لجنة برلمانية، الجمعية التأسيسية، برئاسة الزعيم السوري الذي قاوم الانتداب الفرنسي إبراهيم هنانو، ليحدد أوصاف علم الجمهورية السورية الأولى التي نشأت تحت الانتداب الفرنسي على سوريا. 

وأقرت الجمعية التأسيسية الدستور الجديد المكون من 115 مادة، إلا أنه رُفِض من قبل المفوض السامي الفرنسي هنري بونسو، بحجة مخالفته لصك الانتداب وحقوق الدولة المنتدبة، وقام بحل الجمعية التأسيسية في 5 شباط/ فبراير عام 1929.

وبلغت  الاضطرابات التي شهدتها البلاد فيما بعد أوجها في يوم 11 شباط/ فبراير عام 1929 في مدينة حلب، والتي شارك فيها طلاب المدارس، واستمرت حتى 14 أيار/ مايو عام 1930 حيث أقر المفوض السامي الفرنسي هنري بونسو الدستور بعد أن أضاف إليه بعض التغييرات.

وأصدر المندوب السامي الفرنسي هنري بونسو المرسوم 3111 والذي نص بموجبه على صياغة سورية لدستور الجمهورية السورية، وصدر الدستور فيما بعد والذي أشار إلى أوصاف العلم في المادة الرابعة من الباب الأول.

وكان وصف العلم السوري، أن "طوله ضعف عرضه، ويقسم إلى ثلاثة ألوان متساوية متوازية، أعلاها الأخضر فالأبيض فالأسود، على أن يحتوي القسم الأبيض منها في خط مستقيم واحد على ثلاثة كواكب حمراء ذات خمسة أشعة".



وجرى رفع العلم لأول مرة في دمشق في 11 حزيران/ يونيو في عام 1932، إلا أنه رفع سابقا في حلب في الأول من كانون الثاني/ يناير من عام 1932، بينما يعتقد البعض أنه رفع لأول مرة في دمشق في 12 حزيران/ يونيو 1932. 

واعتمد كعلم رسمي للبلاد عندما نالت سوريا استقلالها في 17 نيسان/ أبريل عام 1946، ويعتبر اللون الأخضر في العلم تمثيلاً للخلافة الراشدة، أما الأبيض فيمثل الدولة الأموية، أما اللون الأسود فيرمز للدولة العباسية، أما النجوم الحمراء الثلاث فهي كانت في أصلها تمثل ثلاث مناطق في سوريا وهي حلب ودمشق ودير الزور. 

وفي عام 1936 جرى ضم "سنجق اللاذقية" وجبل الدروز إلى سوريا، حيث تغيرت معاني النجوم الثلاث، فكانت النجمة الأولى تمثل حلب ودمشق ودير الزور، أما النجمة الثانية فتمثل جبل الدروز، وأما النجمة الثالثة فتمثل سنجق اللاذقية، بحسب موقع "فلاغس أوف ذا وورد".

ويبدو أن هذا العلم هو الذي سيعود مرة أخرى ليصبح العلم الرسمي للبلاد، في مرحلة ما بعد رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، لما له من أصول تاريخة متعلقة بالثورة والاتقلال عن فرنسا.

الوحدة العربية
تم اعتماد علم النظام السوري لأول مرة في عام 1958، بعد تأسيس الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، وحينها أخذ العلم الجديد الألوان الأحمر والأبيض والأسود من ألوان الوحدة العربية، كما أنه تم استبدال لون النجوم الموجودة على العلم من اللون الأحمر إلى اللون الأخضر في إحياء لذكرى الوحدة السورية المصرية، فالنجمتان ترمزان إلى كل من سوريا ومصر. 



أعادت سوريا استخدام علم الاستقلال بعد انهيار الجمهورية العربية المتحدة، في محاولة من الحكومة آنذاك للتخلص من آثار كيان الجمهورية المتحدة المنهارة، إلا أنه وبعد قيام انقلاب حزب البعث العربي الاشتراكي السوري في عام 1963، قرر مجلس قيادة الثورة اعتماد علم الوحدة (مع العراق ومصر) كعلم رسميّ للبلاد، حيث ظل العلم مستخدماً منذ 8 آذار/ مارس من العام 1963 حتى 1 كانون الثاني/ يناير من العام 1972.

في عام 1963، وصل حزب البعث إلى سدة الحكم في العراق أيضا، وبدأت كلا الحكومتين البعثيتين في سوريا والعراق بإجراء المفاوضات مع مصر في محاولة لتشكيل اتحاد ثلاثي مع مصر، إلا أن كل الجهود فشلت بسبب الإطاحة بالحكومة البعثية العراقية في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1963، إلا أن كلا من سوريا والعراق اعتمدتا علما جديدا لتمثيل الوحدة. 

لم يختلف هذا العلم كثيرا عن علم الجمهورية العربية المتحدة، إلا من حيث تغيير عدد النجوم من اثنتين إلى ثلاث نجوم، بهدف تمثيل العراق الذي انضم للاتحاد. 

والنجوم الثلاثة تمثل وحدة مصر وسوريا والعراق، فضلا عن أهداف حزب البعث العربي الاشتراكي وهي: "الوحدة والحرية والاشتراكية".



وفي عام 1972، اعتمد حافظ الأسد العلم الجديد في 1 كانون الثاني/ يناير من العام 1972، حيث كانت سوريا قد انضمت إلى اتحاد الجمهوريات العربية إلى جانب مصر وليبيا، واقتصر التغيير في العلم الجديد على استبدال طائر النسر بالنجوم الخضراء الثلاث وعليه شريط مكتوب عليه "اتحاد الجمهوريات العربية".



وخلافا لمصر وليبيا، فإنه لم يكن اسم سوريا مكتوبا على الشعار، وهذا العلم كان الرسمي خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973، حتى حلّ الاتحاد عام 1977.

 وعلى الرغم من هذا فقد ظلت سوريا تستخدم علم الاتحاد لثلاث سنوات أخرى حتى عام 1980، وأُلغي في يوم 29 آذار/ مارس من العام 1980 واستُبدل به علم النجمتين مرة أخرى، الذي تبناه النظام حتى سقوطه أخيرا.
الأكثر قراءة في أسبوع