صحافة دولية

الإسرائيليون يفضلون قناة متطرفة تمارس التحريض ضد غزة والفلسطينيين

تفوقت القناة 14 الإسرائيلية على منصات الأخبار الرئيسية- جيتي
نشرت صحيفة "أوبزيرفر" تقريرا لكبير مراسلي الشؤون الدولية، جوليان بورغر، قال فيه إن "قناة تلفازية تابعة للقوميين المتطرفين في إسرائيل أصبحت من أكثر المصادر الإخبارية، والتي تشاهد من قبل الإسرائيليين".

وأضافت الصحيفة أن "القناة 14، التي تعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي واحدا من مؤيديها، أنكرت كل الاتهامات الموجهة إليها وأنها تحرض على جرائم الحرب"، مؤكدة أن القناة برزت في الآونة الأخيرة كواحدة من أكثر القنوات التلفازية مشاهدة في إسرائيل.

كل هذا على الرغم من مزاعم الجماعات الليبرالية بأنها تحرض على جرائم الحرب، ومزاعم الجيش بأنها تثير الكراهية ضد جنرالاته؛ لعدم ميلهم إلى اليمين بدرجة كافية.

وتفوقت القناة 14 أو المعروفة "ناو 14" على منصات الأخبار الرئيسية، وبخاصة القناة 12 من ناحية مواقف المشاهدين الإيجابية. وقد شاهد 343,000 مشاهدا برنامجها المعروف بخطاب العنف حول غزة "باتريوتس".

ويقول محللون إعلاميون إن صعود القناة 14 هو علامة على تحول الرأي العام في إسرائيل نحو اليمين، والذي تسارع منذ بدء الحرب ضد غزة قبل عام.



ونقل الكاتب عن أيالا بانيفسكي، الزميلة الرئاسية في قسم الصحافة بجامعة سيتي سانت جورج في لندن: "إن الأمر غريب للغاية، لأن الإسرائيليين يستهلكون الكثير من الأخبار من خلال القنوات التلفزيونية الكبرى، 12 و13، وبدرجة أقل من خلال هيئة البث العامة، ولكن القناة 14 لم تكن في اللعبة حتى وقت قريب جدا. ويبدو أن الحرب ساعدت هذه القناة على الاستفادة من تأثير "الاحتشاد حول العلم" ووقت صعود القومية لكسب المزيد من الدعم".

بل وطرحت القناة أسئلة حول ولاء الجيش الإسرائيلي؛ نظرا لغياب ما رأته الحماس الأيديولوجي من قادته. وفي الأسبوع الماضي، كتب المتحدث باسم الجيش، دانيال هاغاري، شكوى رسمية لهيئة البث الرسمي ووزارة الدفاع، متهما القناة 14 بأنها تحرض ضد قيادة الجيش.

وجاء احتجاج هاغاري بعد عرض القناة صورا مفبركة لرئيس هيئة الأركان هيرتسي هاليفي، والذي غطي وجهه، ولإظهاره بمظهر المجنون، والذي يصرخ عندما شاهد شعارا دينيا قياميا على زي أحد الجنود. وقال هاغاري إن الجيش يقبل النقد، لكن القناة "تجاوزت الخط الأحمر". 

وكتب قائلا: "إنه تحريض متعمد وإذلال للجيش الإسرائيلي وقادته في أثناء الحرب. وللأسف، ليست المرة الأولى التي تتصرف فيها القناة 14 بهذه الطريقة تجاه الجيش الإسرائيلي".


ونفت القناة 14 الادعاء بأن البث كان تحريضيا، ونصحت هاغاري بسخرية بعدم التحول إلى معلق تلفزيوني. ودعم وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو، شلومو كرعي، موقف القناة ضد الجيش. وأضاف بورغر أن ثلاث منظمات مجتمع مدني تقدمت قبل شهر بشكوى رسمية، دعت فيها
النائب العام الإسرائيلي إلى فتح تحقيق جنائي في القناة، متهما إياها ببث مواد تحرض على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية. وفي شكواها في 23 أيلول/ سبتمبر، قدمت المنظمات وهي زولات للمساواة وحقوق الإنسان والكتلة الديمقراطية وجمعية حق التجمع، قائمة تضم 265 اقتباسا من مقدمي البرامج الحوارية على قناة 14 وضيوفهم.

وشملت التعليقات الواردة في الشكوى على عبارات استخدام مقدمو البرامج أو ضيوفهم مثل "الإبادة الكاملة" أو "المحو" فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة. وجاء في الشكوى القانونية أن 50 اقتباسا بالقائمة "تدعو لدعم ارتكاب الإبادة الجماعية".

وفي رد على صحيفة "الغارديان" من محاميها المقيمين في الولايات المتحدة، نفت القناة 14 الادعاءات بأن تغطيتها للأحداث تحرض على الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية.

وقالوا إن الشكوى "لا أساس لها من الصحة وتشهيرية للغاية". وأضافوا أنها مقدمة ضدها من مجموعة متطرفة في إسرائيل، وأن المحكمة العليا رفضتها في آب/أغسطس.

وتزعم الشكوى أن النائب العام، غالي بهاراف ميارا، ملزم قانونا بفتح تحقيق على أساس أن إسرائيل وقعت على اتفاقية الإبادة الجماعية، ولأن محكمة العدل الدولية أصدرت أمرا مؤقتا في كانون الثاني/يناير يأمر الحكومة الإسرائيلية بمنع ومعاقبة التحريض على الإبادة الجماعية.

وزعمت المجموعات في شكواها القانونية أن "الدعوات الصريحة لارتكاب جرائم مروعة ضد ملايين المدنيين وجدت محلا لها وتكتسب الشرعية داخل الجمهور الإسرائيلي، ويرجع ذلك جزئيا إلى التصريحات التي صدرت على القناة".



وردت القناة 14 أن الدعاوى المقدمة تشبه بشكل جوهري أو مماثلة لشكوى ضد القناة 14 في محكمة العدل العليا الإسرائيلية والتي تم رفضها.

وقال محامو القناة: "نظرا لأن الشكوى السابقة اعتبرت بلا أساس فقد أوصت المحكمة العليا بسحب المدعين لها حتى يتم حذفها".

وقالت زهافا غال -أون، زعيمة حزب زولات والزعيمة السابقة لحزب ميريتس إن الحالة المقدمة للمحكمة العليا تتعلق بموضوع مختلف، وهو "في المقام الأول يتعلق بالأخبار الكاذبة وحملة التشهير ضد النظام القضائي".

وأضافت غال -أون: "معظم هذه الشكاوى كانت في الأشهر التي سبقت 7 تشرين الأول/أكتوبر. ولم تتعلق أي من الشكاوى في الاستئناف بجرائم ضد الإنسانية"، مضيفة أن التوصية بالسحب "كانت تستند إلى سياسة محافظة تثني المحكمة عن تجاوز حكم الهيئة التنظيمية".

كما وأرسلت المنظمات الثلاث رسالة مماثلة إلى هيئة تنظيم الإعلام في إسرائيل. لا تصدر الرسالة حكما بشأن ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وهو ادعاء تنظر فيه محكمة العدل الدولية في أعقاب إجراء قانوني بدأته جنوب إفريقيا في كانون الأول/ديسمبر والذي يناقش التحريض بالتفصيل. ومن بين الأمثلة المقدمة في الشكوى القانونية، تهديدا من مذيع في قناة 14 "بإبادة" الفلسطينيين، وقتل "أعداد لم يسبق لها مثيل في التاريخ العربي".

وقال مذيع آخر واسمه شيمون ريكلين في 7 تشرين الأول/أكتوبر واصفا الفلسطينيين في غزة: " يجب أن نحرمهم من الماء والكهرباء. دعهم يتساقطون موتى هناك"، وكتب تغريدة " يجب محو غزة عن وجه البسيطة".

وقال داني نيومان، من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو في حلقة نقاش على القناة 14 "كان ينبغي لنا أن نقتل 100,000 من سكان غزة في أول يومين". وفي بث مباشر في السادس من أيار/مايو، قال نيومان: "يمكن اعتبار عدد قليل منهم بشرا هناك. 90% منهم إرهابيون و"متورطون"!".

وقال محامو القناة 14 إن العديد من التصريحات المشار إليها في الشكوى "أدلى بها ضيوف ومراسلون على القناة 14 في أعقاب الهجمات الإرهابية المروعة في 7 تشرين الأول/أكتوبر". وأضافوا أن التصريحات "تكررت على محطات إخبارية متعددة في إسرائيل".

وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع ملحوظ في خطاب الكراهية في إسرائيل بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، وظهر في محطات إخبارية وتلفزيونية أخرى. ونقل أيضا عن نيومان دعوته إلى "إبادة" الفلسطينيين في غزة على القناة 13 على سبيل المثال. فقد بثت القناة 12 تقريرا من لبنان في نهاية الأسبوع، حيث سمح الجيش لداني كوشمارو، المراسل الرئيسي، بالضغط على زر لتفجير مبنى في قرية في جنوب لبنان.

وتزعم المجموعات التي تقف وراء الشكوى المقدمة إلى النائب العام، أن مثل هذا الخطاب يتركز بشكل أكبر في القناة 14.

وتقول بانيفسكي: "لا توجد أي مقارنة بين ما يحدث على القناتين 12 أو 13، وسائل الإعلام السائدة في إسرائيل، وما تراه على القناة 14، فهذا عالم مختلف تماما". ورفض محامو قناة 14 هذا الكلام، وقالوا إن الشكاوى قدمتها مجموعات صغيرة مرتبطة عادة باليسار الإسرائيلي المتطرف.

وقالوا إن هذه المجموعة حريصة على تشويه سمعة القناة 14 وتقاريرها، وإنه يجب طرح أسئلة حول دوافع المجموعات، التي كانت "تسيء استخدام النظام القانوني الإسرائيلي على أمل تقديم صورة سلبية عن القناة 14".

وقال المدعي العام الإسرائيلي، أميت أيسمان، في آب/ أغسطس إن مكتبه فحص دعوات للتحقيق مع شخصيات عامة مثل المغني إيال غولان بتهمة التحريض، لكنه قرر عدم المضي قدما. ولم يذكر أيسمان سبب اتخاذه هذا القرار.

وتقول الصحيفة إن نتنياهو كان من المؤيدين المتحمسين للقناة 14، وزعم انه قاتل من أجلها "كالأسد" ووافق على منحها مقابلة معه، وهي المقابلة الوحيدة التي أعطاها لمحطة تلفزيونية محلية ومنذ سنوات.

ويملك القناة يتسحاق ميريلاشفيلي الروسي المولد والبالغ من العمر 40 عاما، وشارك في تأسيس منصة التواصل الاجتماعي الروسية، فكونتاكتي.

بدأ مشروع ميريلاشفيلي التلفزيوني كقناة 20، وهي محطة متخصصة بقضايا "التراث"، ولكن بدعم من نتنياهو، أقر الكنيست تعديلا في شباط/ فبراير 2018 يسمح للمحطة بالبث كقناة 14 وتغيير صفتها كمحطة إخبارية.

ومنحت لاحقا ملايين الشواكل على شكل امتيازات حكومية، ولكن تم تعريفها رسميا على أنها "قناة صغيرة"، ما أعفاها من العديد من القواعد والقيود المطبقة على منافستيها الرئيسيتين، القناتين12 و13.

وتقول زهافا غال- أون من زولات: "يحصلون على الكثير من المنافع دون الخضوع للتنظيمات" مضيفة أن القناة لها نسب متابعة عالية في الجيش وبين الجنود الذين يتعرضون لخطابها.