سياسة دولية

الانتخابات الأمريكية.. هل تكون نقطة تحول في أمن أوروبا؟

أمريكا بدأت في الأعوام الأخيرة تحويل تركيزها نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ - جيتي
أصبح وجود حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس ترومان" في بحر الشمال مؤخرًا رمزًا لقوة الولايات المتحدة واستعدادها للدفاع عن حلفائها، وإشارة واضحة لطمأنة الدول الأوروبية بشأن التزام واشنطن بأمنها، وذلك في وقت تشهد فيه أمريكا حالة من التوتر الداخلي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

وفي تحليل لمراسل بي بي سي لشؤون الدفاع جوناثان بيل، قال إن الانتخابات الأمريكية المقرر إقامتها في الخامس من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري تطرح تساؤلات حول مدى استمرارية دعم أمريكا لأوروبا، وسط تحول السياسات وتزايد المخاوف بشأن مستقبل العلاقات عبر الأطلسي.

وأشار التحليل إلى أن القادة العسكريين الأمريكيين عادةً ما يتجنبون التحدث في السياسة، لكن مع تسارع الأحداث والانتخابات الأمريكية على الأبواب، يتساءل كثيرون، خاصة في الأوساط الأوروبية، عن مصير التحالف الأطلسي إذا ما فاز الرئيس السابق دونالد ترامب بالانتخابات. فقد سبق لترامب خلال فترة رئاسته الأولى أن أبدى رغبته في تخفيف العبء الأمريكي في حماية أوروبا، ملوحًا بأن على الأوروبيين أن يتحملوا مسؤولياتهم الدفاعية.

وعبر الوزير الألماني بوريس بيستوريوس، عند سؤاله عن احتمالات تغير السياسة الأمريكية تجاه أوروبا بعد الانتخابات، عن شعوره بأن أمريكا قد تتراجع عن دورها، سواء بشكل جزئي أو شامل، خاصة إذا ما انتهجت القيادة الجديدة سياسة "أمريكا أولًا" التي تركز على تقليص التدخلات الدولية.

ولطالما كان دعم أمريكا العسكري لأوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ركيزة أساسية للأمن الأوروبي، لكن يبدو أن هذا الدور مهدد بتغير التوجهات، حيث تعكس المقارنة بين القدرات العسكرية الأوروبية والأمريكية هذا الاعتماد.

وبينما تتمتع "هاري إس ترومان" بقدرات حربية فائقة وطاقم يزيد على خمسة آلاف فرد، نجد أن حاملة الطائرات البريطانية "إتش إم إس برينس أوف ويلز" لا تضاهي قوتها، حيث تمتلك عددًا محدودًا من الطائرات والمعدات، ويرى المراقبون أن هذا التفاوت في القدرات يعكس افتقار أوروبا إلى البنية العسكرية القادرة على مواجهة التحديات الكبيرة دون دعم أمريكي.

تأثير الصين
وبدأت الولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة تحويل تركيزها نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث يعتبر البنتاغون الصين أكبر تحدٍ أمني، إذ باتت تمتلك قوة بحرية تتجاوز مثيلتها الأمريكية وتواصل توسعها العسكري بوتيرة سريعة. هذا التغير في الأولويات قد يدفع واشنطن إلى تقليل التزاماتها العسكرية في أوروبا والتركيز على التصدي للصين.

وقال القائد بيرني لوتز، الذي خدم سنوات طويلة في البحرية الأمريكية، إنه يدرك أهمية حماية الحلفاء الأوروبيين، لكن التركيز طويل الأمد يجب أن يكون في منطقة المحيط الهادئ حيث يتصاعد التهديد الصيني. ورغم بقاء "هاري إس ترومان" حاليًا في بحر الشمال، إلا أن خطط انتشارها تشمل التوجه إلى الشرق الأوسط قريبًا، وهي منطقة تظل مهمة لواشنطن رغم إعادة ترتيب الأولويات.

دعم واشنطن لأوكرانيا
وتؤثر الانتخابات الرئاسية الأمريكية أيضًا على الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا، والتي تعتبر حاليًا المستفيد الأكبر من المساعدات الأمريكية في مواجهة التدخل الروسي، حيث يتوقع مسؤولون في حلف شمال الأطلسي أن الدعم الأمريكي قد ينخفض نسبيًا بغض النظر عن هوية الفائز، حيث ترى الولايات المتحدة أن أوروبا ينبغي أن تتحمل قسطًا أكبر من عبء الدفاع عن أوكرانيا.

وتعكس قلة النقاش حول السياسة الخارجية في الحملة الانتخابية ميلًا متزايدًا لدى الأمريكيين لتجنب الانخراط في المزيد من الصراعات الدولية. تبقى مسألة استمرار واشنطن في دورها كمدافع رئيسي عن أوروبا موضع شك، ما يثير تساؤلات حول مستقبل التحالف الأطلسي ودور أوروبا في حماية نفسها، خاصة في حال تغير القيادة الأمريكية وجهتها بعد الانتخابات المقبلة.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع