تستعد الولايات المتحدة لخوض
انتخابات رئاسية في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث تتجه
الأنظار إلى التنافس الشرس بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي.
ومع اقتراب موعد التصويت،
تشهد الساحة الانتخابية استقطابًا واسعًا وسط انقسام الناخبين بناءً على اعتبارات
متعددة تتراوح بين الانتماء العرقي، والتوجهات التعليمية، والفوارق
الجندرية، حيث
تعزز هذه العوامل من حدة المنافسة بين المرشحين وتعمق الفجوة السياسية بين
الناخبين، ما ينعكس على توجهاتهم في استطلاعات الرأي، ويجعل من توقع النتائج
النهائية أمرًا صعبًا في ظل التغيرات المستمرة.
وفي هذا السياق، تظهر
استطلاعات الرأي اختلافًا واضحًا في دعم الناخبين، حيث يتقدم دونالد ترامب بين
الناخبين الذكور، خصوصًا بين الرجال، بينما حققت كامالا هاريس دعمًا متزايدًا بين
الناخبات.
وكشفت هذه الاستطلاعات عن فروقات في التوجهات بين
المجموعات العرقية المختلفة، حيث يميل الناخبون البيض بشكل أكبر نحو ترامب، في حين
تحظى هاريس بتأييد واسع بين الناخبين من ذوي الأصول الأفريقية واللاتينية، ما
يعكس تأثير الديناميات الاجتماعية والثقافية في تشكيل خريطة الناخبين الأمريكيين
لهذا العام.
تبرز هذه الأرقام التوجهات
السياسية في المجتمع الأمريكي، حيث تتضح الانقسامات وفقًا للجنس والعرق والتعليم،
ويعد هذا الاستطلاع مؤشرًا مهمًا على توجهات الناخبين قبل الانتخابات الرئاسية،
حيث تتعمق التباينات بين مختلف فئات المجتمع، ما يضيف تعقيدًا للسباق الانتخابي
ويزيد من حالة الاستقطاب في الولايات المتحدة.
الشعبية بين الرجال والنساء
ورغم ظهور شعبية وتأييد متزايد
لكلا المرشحين بين أبناء جنسهما فقد حصل دونالد ترامب على تأييد متزايد بين الرجال،
وخاصة من أصول لاتينية، في حين تحظى كامالا هاريس بدعم قوي بين النساء، إلا أن الانتماء
العرقي كان له نصيب الأسد.
وأظهر أحدث استطلاع رأي تفوق
ترامب في أوساط الناخبين الذكور، بنسبة 48% مقابل 41% لهاريس، بينما تتقدم هاريس
بنسبة 50% بين النساء مقابل 38% لترامب، ويعكس هذا الفارق تأثير التوجهات الجندرية
على اختيارات الناخبين، ويظهر بوضوح ميل الرجال نحو ترامب والنساء نحو هاريس، بصفة
عامة.
التباين بين الناخبين البيض
والأقليات العرقية
ويبرز استطلاع الرأي الفروقات
الواضحة في التوجهات الانتخابية بين الجماعات العرقية المختلفة، حيث يميل الناخبون
البيض لدعم ترامب، في حين تظهر هاريس كخيار مفضل لدى الأقليات العرقية، خاصةً بين
الناخبين السود واللاتينيين.
ويُعزى هذا التوجه إلى السياسات التي قدمها
الديمقراطيون وتوجهاتهم نحو تعزيز العدالة العرقية وإصلاح النظام الجنائي، والتي
جذبت المزيد من الدعم من قبل الأقليات، حيث إنهم يرون في هذه السياسات استجابةً
لتطلعاتهم الاجتماعية. وقد ساهمت هذه المواقف في زيادة دعم الأقليات لهاريس، بينما
يبدو أن ترامب يحتفظ بجاذبية كبيرة لدى الناخبين البيض، خاصة الذكور.
وعند النظر في نتائج استطلاع بحسب العرق، يظهر أن ترامب يحتفظ بشعبية قوية بين الناخبين البيض، حيث يتقدم بنسبة
50% مقارنة بـ40% لهاريس، ويتجلى هذا الدعم بشكل خاص بين الرجال البيض، حيث بلغت
نسبة تأييد ترامب 54% مقابل 36% لهاريس، أما في صفوف النساء البيض، فقد تقاربت
النسب بواقع 46% لترامب و44% لهاريس.
في المقابل، تظهر هاريس دعمًا
ملحوظًا بين الأقليات العرقية، خاصة بين الناخبين من أصول لاتينية وسوداء. إذ
تتقدم بنسبة 50% لدى الناخبين من أصول لاتينية مقابل 38% لترامب، مع ميل كبير بين
النساء اللاتينيات اللاتي يدعمن هاريس بنسبة 53% مقابل 32% لترامب. أما الرجال
اللاتينيون، فتتساوى بينهم نسب الدعم تقريبًا بنسبة 46% لهاريس و44% لترامب.
وتتفوق هاريس بشكل ملحوظ بين
الناخبين السود، حيث حصلت على نسبة تأييد بلغت 68% مقابل 12% فقط لترامب. وفي حين
يحظى ترامب ببعض الدعم من الرجال السود (19%)، إلا أن النساء السوداوات يعطين نسبة
تأييد عالية لهاريس بواقع 73% مقابل 7% فقط لترامب.
التأثير التعليمي على
اختيارات الناخبين
وفي الوقت الذي شهدت فيه
الولايات المتحدة احتجاجات طلابية أطلق شرارتها طلاب جامعة كولومبيا في نسيان/ إبريل
من العام الماضي، احتجاجا على دعم أمريكا لحرب الاحتلال الإسرائيلي المتصاعدة في قطاع
غزة، والتي دخلت عامها الثاني وسط صمت عالمي وتزايد رفض سياسيات إدارة بايدن ونائبته
هاريس والدعم المطلق للاحتلال إلا أن الاستطلاع أظهر تفوق لهاريس في أوساط
الخريجين.
وبحسب الاستطلاع يميل خريجو
الجامعات إلى دعم هاريس بنسبة 55% مقارنة بـ34% لترامب، أما الناخبون من غير خريجي
الجامعات، فيميلون إلى دعم ترامب بنسبة 49% مقابل 39% لهاريس. يعكس هذا الاختلاف
مدى تأثير التعليم في تشكيل مواقف الناخبين وتفضيلاتهم السياسية.
الأقليات اللاتينية وتزايد
تأثيرها
مع تصاعد أهمية الأقليات
العرقية، تُعد الجالية اللاتينية من أسرع الفئات نموًا في الولايات المتحدة،
ويتوقع أن تلعب دورًا محوريًا في الانتخابات القادمة، خاصةً في ولايات رئيسية مثل
تكساس وفلوريدا، وبينما ظهر بعض التأييد لترامب بين الرجال اللاتينيين، إلا أن
النساء اللاتينيات يظهرن ميلاً أكبر لدعم هاريس، ربما بسبب مواقف الحزب الديمقراطي
الداعمة لقضايا مثل الرعاية الصحية وإصلاح الهجرة، وتعكس هذه التوجهات مدى قدرة
الأقليات اللاتينية على التأثير في نتائج الانتخابات، وخصوصًا في الولايات
المتأرجحة.
التأثير العرقي في الولايات
المتأرجحة
في ولايات مثل جورجيا
وأريزونا، التي تلعب دورًا حاسمًا في الانتخابات، يبرز تأثير الناخبين من الأقليات،
حيث تشكل تلك الجماعات العرقية نسبة كبيرة من السكان، ويمثل هؤلاء الناخبون صوتًا
مؤثرًا في تلك الولايات، ومن المتوقع أن يساهموا في قلب النتائج لصالح هاريس إذا
ما استمرت في التركيز على القضايا التي تتعلق بالعدالة الاجتماعية، والمساواة،
وإصلاح نظام الهجرة.