قالت الصحفية البلجيكية شذى الإسلام، في مقال نشرته "
الغارديان" البريطانية، إن على "مسؤولي الاتحاد الأوروبي الذن شاهدوا العنف العنصري في
بريطانيا في وقت سابق من هذا الشهر، أن يتعلموا الدروس من التجربة البريطانية، وينظروا نظرة طويلة لسجلهم الكئيب في معالجة التمييز العنصري ومكافحة كراهية الإسلام ومنع الكراهية ضد المهاجرين".
وأضافت في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أن "مثل هذا التأمل أمر مُلِح، بالنظر إلى المكاسب المذهلة التي حققها أقصى اليمين في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، ولأن حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في ألمانيا قد يفوز في انتخابات الولاية التي ستُعقد هذا الأسبوع في ساكسونيا وتورينغن".
وأشارت الصحفية، إلى أن "طعن شخص يشتبه في انتمائه لتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة زولينغن الألمانية الأسبوع الماضي أدى إلى زيادة الضغوط على ائتلاف المستشار الألماني أولاف شولتز المهتز أصلا، ما أضاف إلى مخاوفي من أن فوز حزب البديل من أجل ألمانيا سيدفع الاتحاد الأوروبي جماعيا إلى أبعد من ذلك في المساحات اليمينية المتطرفة التي كانت محرمة ذات يوم".
وذكرت أنه "بعد قضاء سنوات في محاولة إقناع مسؤولي الاتحاد الأوروبي بتحويل حديثهم المتغطرس عن بناء اتحاد المساواة إلى حقيقة، فقد أصبحت مقتنعة بأن زعماء
أوروبا الوطنيين وصناع السياسات الكبار في بروكسل، بما في ذلك أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية التي أعيد تعيينها مؤخرا، لا يبذلون ما يكفي من الجهد لصد
العنصرية المتجذرة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الإسلاموفوبيا. وفي كثير من الأحيان، من خلال استيعاب وجهات النظر اليمينية المتطرفة الأوروبية والمعادية للأجانب، فإنهم في الواقع يدمجونها ويضخمونها".
وبينت أن "رد شولتز بغضب على الهجوم بالسكين في ألمانيا والذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص أمر مفهوم. ولكن يشكل وعده بتكثيف عمليات الترحيل وفحص الحدود وتشديد القيود على الأسلحة صورة نموذجية لردود الفعل الانفعالية لزعماء الاتحاد الأوروبي المتمثلة في وصم جميع المهاجرين واللاجئين بشكل جماعي باعتبارهم إرهابيين محتملين".
وأكدت أنها "ما زالت تأمل في استجابة رسمية قوية بنفس القدر كلما كان هناك هجوم من اليمين المتطرف على مركز لجوء، أو كلما تعاملت الشرطة أو قوات أمن الحدود بعنف مع الأقليات. لكن الاستجابة المعتادة هي الصمت الإذاعي، أو التشهير بالضحايا الذي يجرد المهاجرين السود والسمر والمسلمين من إنسانيتهم".
واتهمت الكاتبة، "جزءا من وسائل الإعلام في أوروبا بأنها متواطئة في استرضاء نجوم وسائل التواصل الاجتماعي والسياسيين اليمينيين المتطرفين".
وتابعت بالقول: "قليلون هم الذين ينتبهون عندما تنتقد وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية مستويات صادمة من العنصرية ضد الأوروبيين السود، أو تحذر المفوضية الأوروبية لمكافحة العنصرية والتعصب التابعة لمجلس أوروبا من زيادة متعددة في حوادث الكراهية، بما في ذلك الإساءة عبر الإنترنت، التي تستهدف المسلمين الأوروبيين".
وقالت الصحفية، إنه "في أعقاب احتجاجات حركة ’حياة السود مهمة’ في حزيران/ يونيو 2020، فقد اعتمد الاتحاد الأوروبي خطة عمل لمكافحة العنصرية، وقد رأى الكثير منا أن هذه كانت لحظة حاسمة في بناء أوروبا الشاملة. لكن المبادرة التي تشتد الحاجة إليها بدأت تفقد زخمها بسبب المعارضة السياسية القوية، وضعف إنفاذ القانون والتدخل المتكرر من جانب الحكومات".
وأشارت إلى أنه "تم تعيين هيلينا دالي من مالطا كأول مفوضة للمساواة في الاتحاد الأوروبي في عام 2019. وأنها بدأت عملها ببراعة وحظيت بالثناء لالتزامها بأجندة مكافحة العنصرية. لكنها تعرضت لانتقادات من الحكومة الفرنسية بسبب اجتماعها بمنظمة الشباب المسلم Femyso، التي تزعم باريس أن لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين، وهو ادعاء نفته المجموعة بشدة. وعندما بذلت دالي محاولة شجاعة لوضع دليل لغوي شامل لاستخدامه من قبل جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، اقترح عدد من السياسيين اليمينيين في البرلمان الأوروبي - بما في ذلك أعضاء حزب الشعب الأوروبي المهيمن الذي تنتمي إليه فون دير لاين - أنها كانت تحاول إنكار جذور أوروبا المسيحية، وتم سحب الوثيقة".
وذكّرت الكاتبة أنه "بالتفتت والارتباك البيروقراطي، فإن ثلاثة من مبعوثي الاتحاد الأوروبي يتعاملون مع العنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية، ولكن الأخير فقط، الذي يعمل عن كثب مع نائب رئيس المفوضية مارغاريتيس شيناس - عضو حزب الشعب الأوروبي المكلف بتعزيز ’أسلوب الحياة الأوروبي’ - نجح حتى الآن في عقد اجتماعات رفيعة المستوى حول هذا الموضوع بحضور المفوضين".
و"على النقيض من ذلك، فإن آخر قمة رفيعة المستوى للاتحاد الأوروبي لمكافحة العنصرية كانت قد عقدت منذ أكثر من عامين، وتجرى المناقشات حول تنفيذ مبادرة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الكراهية ضد المسلمين مع الخبراء، وليس المفوضين"، وفقا للمقال.
وأشارت الصحفية، إلى أن "فون دير لاين تحدثت ضد الاستقطاب الشديد للمجتمعات الأوروبية عندما كانت تحاول الفوز بولاية ثانية كرئيسة للمفوضية الأوروبية. ومع ذلك، فإن من المؤسف أنها لم تكرر الوعد الذي قطعته في عام 2021 بإنشاء أوروبا منفتحة وشاملة عرقيا حقا. ومن خلال الاستمرار في إبرام صفقات مالية فظيعة مع المستبدين المجاورين مقابل منع وصول المهاجرين وتعزيز قوة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي، فرونتكس، التي تُتهم بعمليات صد غير قانونية للمهاجرين، أظهرت فون دير لاين التزاما ثابتا بتعزيز أوروبا الحصن"، بحسب المقال.
وقالت الكاتبة إن "هناك بصيص أمل، من الاحتجاجات العامة المتكررة ضد اليمين المتطرف في جميع أنحاء أوروبا إلى الجهود التي يبذلها التقدميون والناشطون المناهضون للعنصرية لبناء شبكات على مستوى الاتحاد الأوروبي والحفاظ على ضغوطهم الجماعية من أجل التغيير".
وعبرت عن "أملها في أن تعترف فون دير لاين وفريقها الجديد عاجلا أم آجلا بأن اقتصادات الاتحاد الأوروبي تحتاج إلى مليون عامل أجنبي كل عام بسبب الاتجاهات الديموغرافية. ويجب عليهم أيضا فضح العنصرية في أوروبا لتفاقم الانقسامات المجتمعية وإضعاف الديمقراطية من الداخل والتأثير على سمعة الاتحاد الأوروبي العالمية. وهذا من شأنه أن يدفع صناع السياسات في بروكسل إلى إيلاء نفس القدر من الاهتمام لمعالجة مشكلة العنصرية في أوروبا كما يفعلون لتعزيز الدفاع ورفع القدرة التنافسية للكتلة".
وأشارت إلى أن "فون دير لاين وعدت العام الماضي ببناء أوروبا حيث لا يهم شكلك، أو من تحب، أو كيف تصلي، أو أين ولدت. ولكي يكون هذا الوعد أكثر من مجرد كلام، يتعين عليها أن تبدأ ولايتها الجديدة التي تستمر خمس سنوات بسرد جديد وقوي لمكافحة العنصرية، واعتماد مخطط منقح لمكافحة التمييز، والأهم من ذلك، تعيين مفوض جديد للمساواة في الاتحاد الأوروبي يتمتع بالاستقلالية وتفويض سياسي أقوى للقيام بوظيفته".
وختمت الكاتبة بقولها إن "كل هذا قد يتعارض مع الرياح السياسية المعاكسة، لكنه ليس مجرد تفكير متفائل. ولكنه يتطلب شجاعة سياسية وبوصلة أخلاقية قوية وعزما على مقاومة تطبيع السرديات السامة والمعادية لأوروبا في نهاية المطاف من اليمين المتطرف".