قررت وسائل
الإعلام
الخاصة في
السنغال، التوقف عن العمل بشكل كامل اليوم الثلاثاء، وذلك احتجاجا على
إجراءات اتخذتها الحكومة تتضمن ضرائب على وسائل الإعلام الخاصة.
ومن ضمن هذه التدابير
التي اتخذتها الحكومة وأثارت غضب رؤساء القنوات والإذاعات والصحف الخاصة "حظر
الحسابات المصرفية للمقاولات الصحفية لعدم دفع الضرائب، والاستيلاء على معدات
الإنتاج، وفسخ عقود الإعلان أحاديا".
وقال الصحفي السنغالي
محمد جوب في تصريح لـ"عربي21"، إن غالبية وسائل الإعلام الخاصة في
السنغال توقفت عن العمل اليوم "فشاشات التلفزيون سوداء، والإذاعات صامتة،
والصحف لم تصدر، والمواقع الإخبارية لم يتم تحديثها".
من جهتها قالت الهيئات
الصحفية السنغالية، إنها دخلت اليوم الثلاثاء في
إضراب عن العمل تحت شعار
"يوم بلا صحافة" للفت الأنظار لما وصفوه بصعوبات يواجهها قطاعهم.
على حافة
الإفلاس
وقال رئيس مجلس
المذيعين والناشرين في البلاد، مامادو إبرا كان، إن قطاع الصحافة الخاصة يواجه
صعوبات، تتفاقم جراء الإجراءات التي تتخذها السلطات.
وأشار إلى أن النظام
الجديد في البلاد اتخذ "إجراءات عدائية ضد المقاولات الصحفية"، وأن معظم
هذه المقاولات اليوم "على حافة الإفلاس".
وأضاف أن المؤسسات
الصحفية في البلاد كانت تأمل أن تتخذ السلطات إجراءات تتضمن خطة لإنهاء الأزمة
"لكن النظام الجديد سعى إلى خنق الصحافة الخاصة اقتصاديا وماليا".
من جهته قال رئيس
الوزراء السابق ومرشح الرئاسيات الأخيرة أمادو با، في تعليق على قرار الصحافة
الخاصة خوض "يوم بلا صحافة"، إن "الوفاء بالمسؤوليات الضريبية يقع
على عاتق المقاولات".
وأضاف في تصريحات له:
"أتمنى أن يبقى هذا الملف فنيا، وأن تتمكن إدارة الضرائب من مناقشة المقاولات
الصحفية، وإيجاد حل للأزمة".
وشدد على أهمية الدور
الذي تلعبه الصحافة في ترسيخ الديمقراطية" مطالبا بتجنب التصعيد بين الحكومة
والصحافة وأن يجد المعنيون أنفسهم سريعا حول طاولة النقاش.
الأزمة بين السياسية
والاقتصادية
ويرى الصحفي السنغالي
محمد جوب، أن الأزمة الحالية بين وسائل الإعلام والحكومة، تتكون من شقين، سياسي
واقتصادي.
ولفت في تصريح
لـ"عربي21" إلى أن الرئيس الجديد للسنغال باسيرو ديوماي فال، مفتش
ضرائب، وكان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بالتصدي لكل أشكال التهرب الضريبي،
مشيرا إلى أنه ملزم بمنع تهرب جميع المؤسسات من دفع الضرائب بما فيها المؤسسات
الصحفية.
وشدد جوب، على أن
الكثير من المؤسسات الصحفية السنغالية، تراكمت عليها ضرائب كبيرة خلال فترة حكم
الرئيس السابق ماكي صال، حيث لم يعد بإمكان هذه القنوات والإذاعات والصحف تسديد
هذه الضرائب نظرا لأن المبالغ كبيرة.
وأشار جوب إلى بعد
سياسي في الأزمة، منبها إلى أن العديد من رؤساء المؤسسات الصحفية المضربة اليوم عن
العمل، من المقربين من نظام الرئيس السنغالي السابق ماكي صال، وكانوا داعمين له
خلال الحملة الانتخابية الماضية.
وأضاف: "هذه
المؤسسات الصحفية تحاول أن تصنف الأزمة على أنها استهداف للمؤسسات التي كانت مقربة
من النظام السابق وترى أن نظام الرئيس الحالي باسيرو ديوماي فاي، يريد الانتقام
منهم، لكن الحكومة الحالية تصر على أنها قضية تصدي لتهرب ضريبي".
وأشار إلى جوب في
حديثه لـ"عربي21" إلى أن بعض المؤسسات الخاصة المقربة من النظام الحالي
لم تشارك في الإضراب، ما يعكس حالة الانقسام الحاصلة ويؤكد على البعد السياسي في
الأزمة.
ونبه جوب إلى أن
الحكومة تتواصل مع إعلاميين من أجل "إصلاح قطاع الإعلام مع الصحفيين، فيما
تحاول إظهار رؤساء المؤسسات الإعلامية أنهم مفسدون".
وعرفت السنغال مارس
الماضي انتخابات رئاسية فاز فيها مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي بعدما حصد
54.28% من الأصوات، وهي المرة الأولى منذ استقلال السنغال عام 1960 التي يفوز فيها
معارض بالرئاسة من الجولة الأولى.
وبعد فوزه، فقد عيّن باسيرو ديوما فاي، أبرز داعميه في الانتخابات عثمان سونكو، رئيسا للوزراء، متعهدا بإجراء
تغيير منهجي على رأس الدولة.
وتشتهر السنغال بأنها
واحدة من الدول الأفريقية القليلة التي لم تعرف انقلابات عسكرية منذ استقلالها عن
فرنسا 1960.
ومن أبرز الموارد
الطبيعية في البلاد، الصيد البحري، والفوسفات، والحديد الخام، فيما تستعد البلاد
لدخول نادي الدول المصدرة للغاز، بعد اكتشاف حقل غاز مشترك مع جارتها موريتانيا
يتوقع أن تصدر أول شحنة منه نهاية العام الجاري.