شائعة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب حادثة طعن في ساوثبورت
في مقاطعة ميرسيسايد البريطانية، قيل إن ثلاث فتيات صغيرات قتلن على يد مهاجر
مسلم، وهو ما كذّبته الشرطة بعد القبض على الفاعل، لكن الإشاعة، قد حققت هدفها،
واندلعت موجة من الاضطرابات العرقية، شملت عدة مدن مثل لندن، وبريستول، وليدز،
ومانشستر، حيث اشتبك مثيرو الشغب مع الشرطة وأحرقوا المباني وأحدثوا فوضى كبيرة،
وأضرموا النار في فندق يقيم فيه طالبو اللجوء.
الغاضبون وضعوا المهاجرين هدفا لهم، والمبرر تزايد أعداد المهاجرين إلى
بريطانيا، لا سيما من الدول الإسلامية، بحسب الرواية التي يتبناها
اليمين المتطرف
في البلاد، مع مزيد من البهارات، كمحاولة اللاجئين تغيير هوية البلاد، وخلق واقع
ديمغرافي جديد، يمنحهم الفرصة لتحويل بريطانيا وصناعة مستقبل، لا يسمح لسكان
بريطانيا الأصليين بالعيش فيه. وهي رواية تجافي الحقيقة، إذ إن الإحصائيات الرسمية
تؤكد انخفاض طلبات اللجوء إلى البلاد بنسبة 17 في المئة عن العام الذي سبقه، لكن
رواية اليمين المتطرف مدفوعة بوصول حزب العمال إلى سدة الحكم، ووعوده بإلغاء كل
المعوقات التي كانت تضعها حكومة المحافظين، لا سيما بعد حكم المحكمة العليا في هذا
الشأن.
العنوان العريض للعنف في بريطانيا هم اللاجئون، لكن الحقيقية تشي بأن المقصد الحقيقي لهذا العنف هو استهداف المسلمين.
حديث الإحصائيات لم ينته، إذ إن العنوان العريض للعنف في بريطانيا هم
اللاجئون، لكن الحقيقية تشي بأن المقصد الحقيقي لهذا العنف هو استهداف
المسلمين،
فبحسب صحيفة إندبندنت البريطانية، فإن ثلاث فتيات مسلمات تعرضن للبصق ولمحاولات
تمزيق حجابهن في مانشستر، فيما تعرض رجل مسلم للطعن في ليفربول، وتتكرر الحوادث في
سندرلاند وبريستول ولندن وغيرهم من المدن، التي شهدت أيضا اعتداء على منازل ومساجد
المسلمين. إذن، فإن استهداف المسلمين في الغالب، مع استهداف مهاجرين آخرين، لافت لا
شك، وهو ما يجعل القضية الفلسطينية حاضرة، بعد حالة الحشد غير المسبوق، الذي نجحت
هذه الجالية فيه خلال الأشهر الماضية، ما وضع الموقف البريطاني على المحك.
أصابع الاتهام تشير إلى بعض التنظيمات المتطرفة، كرابطة الدفاع الإنجليزية، التي توقفت منذ ما يقارب العقد من الزمن عن ممارسة أي نشاط لها، لكن ظهور بعض
الوجوه المحسوبة عليها خلال أعمال العنف الأخيرة، تجعل عودتها للمشهد محل تساؤل، فمن
الذي أحياها من بعد موات؟
تقول الأسطورة؛ إن المصالح تتوافق، حتى إنها تجمع الأضداد، فاليمين المتطرف
مصلحته إزاحة اللاجئين، والمعارضة مصلحتها إظهار ضعف الحكومة، أما
الصهيونية، فهي
الراكب الذي لا يترك مركبا إلا وامتطاه، فالصهيونية والعنصرية صنوان لا يفترقان.
اليمين المتطرف مصلحته إزاحة اللاجئين، والمعارضة مصلحتها إظهار ضعف الحكومة، أما الصهيونية، فهي الراكب الذي لا يترك مركبا إلا وامتطاه، فالصهيونية والعنصرية صنوان لا يفترقان.
الحركة الصهيونية هي أحد أبرز الحركات
العنصرية في التاريخ، عنصرية كانت وما
زالت، تدعو لبناء دولة قوية لها، من خلال تهديد العرب، وقلعهم من أراضيهم،
واستئصالهم من أجل تحقيق الحلم ببناء هذه الدولة المزعومة، ومن أجل هذا الحلم،
تتحرك الصهيونية في كل بقعة من بقاع الأرض يقع فيها ما يهدد تحقيق هذا الحلم،
وأدواتها في هذا دوما الاستئصال واستخدام العنف، سواء بشكل مباشر أو بالاستفادة من
العوامل والظروف المهيئة لهذا الاستئصال.
وعلى هذا النحو، فإنه ليس مستغربا؛ أن يطالب وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو،
بضرب غزة بالقنبلة النووية، كما أنه ليس مستغربا؛ أن يصرح وزير المالية الإسرائيلي
بأن تجويع سكان غزة أمر أخلاقي. وعلى مستوى الأفعال، فإن جريمة الإبادة الجماعية
تسير على قدم وساق في غزة، عبر كل ما تملك إسرائيل من آلات الحرب.
في العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1975، اعتمدت الجمعية العامة للأمم
المتحدة قرارها رقم 3379، الذي نصّ على أنّ "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية
والتمييز العنصري"، ومن ثم طالب القرار جميع دول المنظمة مقاومة الأيديولوجية
الصهيونية، التي تُشكل خطرا على الأمن والسلم العالميين، فبحسب قرار المنظمة
الأممية، فإن مناهضة الصهيونية واجب على كل الدول، والسبب هو أن هذه الأيديولوجية
إنما هي معول هدم في بناء الحضارة الإنسانية، وها هي بريطانيا تدفع الثمن، وها هم
البريطانيون يذوقون السم من كأس العنصرية الصهيونية، إذ إنها في سبيل حلمها لا تبالي
بسلامة وأمن المجتمع البريطاني، ولا الأمن القومي للدولة التي كانت سببا في وجود
دولته المزعومة، بل ولا تبالي بأن بريطانيا تحمي هذا الكيان إلى اليوم، لكن هذا
العمى الذي غشي أعين الصهاينة، جعلهم لا يرون إلا أنفسهم، وهو نذير خير، إذ إن ذلك
هو بداية النهاية.