أعلنت حركة المقاومة الإسلامية
حماس، الثلاثاء، عن اختيار يحيى
السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة خلفا للشهيد
إسماعيل هنية.
وكانت سرعة اختيار خليفة للشهيد هنية خلال أربعة أيام فقط لحركة تخوض حربا ضروسا منذ 10 أشهر، ملفتة للنظر، مع الانضباط العالي في التصريحات من جانب قيادتها والمتحدثين باسمها.
مؤسساتية "حماس"
يقول الباحث والكاتب السياسي عزام التميمي، إن "حماس تدار من قبل مؤسسات، وأثبت اختيار السنوار أنها حركة شورية تمارس الديمقراطية في كل مستوياتها القيادية".
وأضاف في منشور على منصة "إكس"، أنه "في نهاية المطاف أياً كان المتولي لهذا المنصب فإن ذلك لن يغير من استراتيجية الحركة أو من مواقفها من القضايا الأساسية، رغم ما قد يمثله اختيار السنوار من رمزية هامة في أجواء الحرب الحالية".
ويقسم هيكل "حماس" إلى ثلاثة أقاليم: "إقليم
غزة وعلى رأسه السنوار وإقليم الضفة ويرأسه زاهر جبارين، بالإضافة إلى إقليم الخارج برئاسة خالد مشعل".
وأشارت "حماس" في بيانها عقب اختيار السنوار، أن اختياره جاء بعد بعد مداولات ونقاشات معمقة في مؤسسات الحركة القيادية.
وقال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، إن السنوار تم اختياره بالإجماع، وهذا يدل على أن الحركة تدرك طبيعة المرحلة، مبينا أن اختيار "حماس" بهذه السرعة للسنوار رئيسا بالإجماع يدلل على حيوية الحركة.
السنوار.. حاضرا من غزة
ويشير الإعلان إلى قوة التواصل والاتصال بين قيادة "حماس" في الخارج وكوادرها وقادتها في الداخل، ما يدحض مزاعم
الاحتلال عن انقطاع الاتصال بالسنوار أو انعزاله في الأنفاق.
وعن ذلك يقول القيادي في "حماس" أسامة حمدان، إن التفاوض كان يدار بالقيادة، والسنوار كان حاضرا دوما.
وأشار إلى أنه من المبكر الحديث عن ما ستؤول إليه عملية التفاوض، مبينا أن الفريق الذي تابع المفاوضات خلال وجود الشهيد هنية سيتابعها خلال وجود السنوار.
ويشير الكاتب الفلسطيني محمد العيلة قائلا: "شكل اغتيال رئيس حماس ونائبه في آن واحد، تحديا كبيرا ومتعدد الأوجه، ومع ذلك فقد تمكنت حماس من اختيار رئيسها خلال أيام، رغم جسد الحركة الكبير في غزة والضفة والخارج، ما أظهر فاعلية التواصل بين الداخل والخارج، في ظل وقوع غزة تحت رقابة مشددة من أحدث التكنولوجيا الاستخبارية الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية، والغربية عموما".
الكلمة "للبندقية"
يوصف السنوار بأنه الرجل الأمني والعسكري والسياسي في الحركة، كما أنه الأقوى خصوصا بعد طوفان الأقصى عندما بات المطلوب الأول للاحتلال برفقة محمد الضيف قائد كتائب القسام.
وقرأ الكثيرون إجماع حركة حماس على اختياره بمثابة التركيز على خيار المقاومة، والوقوف خلف المقاتلين في القطاع منذ اللحظة الأولى لعملية طوفان الأقصى وحتى الآن.
وقال القيادي أسامة حمدان، إن رسالة "حماس" أنها اختارت من يحمل أمانة القتال بالميدان في غزة منذ أكثر من 300 يوم.
وعن ذلك، يقول الكاتب والباحث السياسي لقاء مكي، إن "انتخاب السنوار لزعامة حركة حماس، تطور مهم في مسيرة الحركة، وسيكون له أثر مهم في مستقبلها".
وأضاف في منشور على منصة "إكس"، أن "هذا القرار يعني عمليا دمج الجناحين السياسي والعسكري في جسم واحد، وهو خيار يعني أت الحركة تأكدت بعد هذه الحرب القاسية، وما اظهرته إسرائيل من تطرف واضح، وانعدام شبه تام للخيارات السياسية، أن الخيار العسكري هو المحرك الأساس، في هذه المرحلة على الأقل وربما في الأمد المتوسط".
وتابع، بأن "حركة حماس توصلت إلى قناعات كاملة أن العمل السياسي أصبح تابعا للجهد العسكري ومتفرعا عنه ومبنيا على إنجازاته، وأن أي قدر من التراجع أو الظهور بمظهر سياسي معتدل في هذه المرحلة سيكلف الحركة الكثير".
وأشار إلى أن "إسرائيل فرضت هذه المعادلة حينما اغتالت الراحل إسماعيل هنية، رغم أنه كان رجل سياسة وزعيما للحركة بما فيها الجناح العسكري من موقعه ودوره هذا، وبالتالي فقد كسرت نمطا معروفا في التعامل مع حركات التحرر، حيث يجري استثناء القادة السياسيين عادة من الاستهداف الجسدي، لأنهم أولا ليسوا محاربين، وثانيا أنهم مفاوضون محتملون، وهنية كان مفاوضا حاليا، وقد جرى قتله في خضم عملية تفاوضية، ودون مبرر استراتيجي من أي نوع".
وأوضح، أن "حماس اعتبرت أن اغتيال هنية رحمه الله، كان كسرا للقواعد العسكرية والسياسية والأخلاقية، التي يمارسها الأعداء فيما بينهم عادة بالحد الأدنى، فالقتل في الحروب لا يجري لغاية القتل، ولا يمارسه إلا المرضى والحمقى والمأزومون، ولذلك فإنه لم يعد هناك من مبرر باعتقادها لمنح الجهد السياسي الأسبقية في التعامل مع عدو لا يحترم القواعد، ويعتبر كل فلسطيني عدوا مرشحا للقتل".
ضربة لنتنياهو
وذكر محللون وخبراء عرب وفلسطينيون أن اختيار السنوار، يمثل ضربة لرئيس وزراء الاحتلال الذي ظن أنه باغتيال هنية قد يأخذ تنازلا من "حماس" أو يضعف موقفها.
وقال مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، إن ما جرى يمثل لطمة للاحتلال والدول الداعمة له خصوصا الولايات المتحدة.
وأضاف في مقابلة مع شبكة الجزيرة، أن هذه رسالة واضحة من حركة حماس، أنه لا تراجع عن نهج المقاومة ولا عن الكفاح من أجل نيل الشعب الفلسطيني حقوقه، لا تراجع في أي اتجاه يمكن أن يُفهم أنه تخلّ عن المسار الذي سارت عليه.
بدوره ذكر المحلل والباحث الفلسطيني سعيد زياد في منشور على "إكس"، أن "حماس اختارت الرجل الأخطر على إسرائيل، وقائد المسارات الاستراتيجية الكبرى في تاريخ المقاومة، ومحور الطوفان وهذا فيه من الرسائل البليغة الشيء الكثير".
وأضاف، أن حركة حماس ترسل رسالة تحدّ بأن اختارت من يقودها من داخل غزة، وكأنها تضع قيادة المقاومة والثقل العسكري والسياسي في يد غزة.
الاستراتيجي "المنفذ" لوعوده
وعقب إعلان "حماس" اختيار السنوار ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع مصورة لمقتطفات من كلمات سابقة للسنوار، كان أشهرها عندما توعد جيش الاحتلال بأنه سيواجه الموت في غزة.
وتداول ناشطون رؤية السنوار الاستراتيجية للصراع ضد الاحتلال، عبر معركة كبيرة تفضي لإرغامه على تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، أو عزله وإنهاء حالة اندماجه في المنطقة والعالم.
ويُصنف السنوار على أنه من قادة "حماس" المطلعين على أسرار عمل أجهزة الاحتلال الأمنية، وطريقة تفكير قادة الاحتلال خصوصا أنه قضى 23 سنة خلف القضبان.
كما أنه يتقن اللغة العبرية وقد ترجم عدة كتب داخل السجن، منها "ترجمة كتاب الشاباك بين الأشلاء"، وكتاب "الأحزاب الإسرائيلية عام 1992". فيما ألف كتاب "حماس: التجربة والخطأ"، وكتاب "المجد" الذي يرصد عمل جهاز "الشاباك".