مثل تصعيد
الاحتلال الأخير باغتيال الشهيد رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب إسماعيل هنية في طهران، والقيادي الكبير بحزب الله فؤاد شكر، نقلة نوعية في الهجمات خارج قطاع
غزة وكسرا لكل قواعد الاشتباك بالمنطقة.
ومع تأكيد
إيران أن الرد قادم لا محالة، ووعيد حزب الله كذلك، باتت المنطقة على شفا حرب إقليمية قد تندلع في حال كان الرد بحجم جرائم الاحتلال الأخيرة.
سيناريو الرد "وحدة الساحات"
وأطلق مصطلح "وحدة الساحات" بعد معركة "سيف القدس" في شهر أيار/مايو من سنة 2021، ويعني الاشتباك مع الاحتلال من جميع ساحات "محور المقاومة" في فلسطين غزة والضفة، وجنوب
لبنان وسوريا واليمن بالإضافة إلى إيران.
آنذاك، طبق المصطلح على أرض الواقع إلى حد ما من خلال إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وجنوبي لبنان وسورية، مع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية، واندلاع مواجهات في عدة مناطق في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.
ومع بدء معركة "طوفان الأقصى" طالبت حماس بتطبيق "وحدة الساحات" على الأرض، فدخلت ساحات لبنان والعراق واليمن بما يعرف حاليا "بجبهات الإسناد" من خلال هجمات ضد دولة الاحتلال وفق قواعد اشتباك منضبطة.
شيئا فشيئا تصاعد الموقف العسكري مؤخرا، بعد هجوم الحوثيين منتصف الشهر الماضي بطائرة مسيرة استهدفت "تل أبيب" ثم قصف بصاروخ مجهول استهدف بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، نفى حزب الله علاقته به.
وردا على تلك الهجمات، شن الاحتلال هجمات نوعية استهدفت مختلف الساحات، فقصف ميناء الحديدة باليمن، واغتال أكبر قادة حزب الله العسكريين بالضاحية الجنوبية في بيروت، ثم ختمها باغتيال الشهيد إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران.
وباتت الكرة الآن في ملعب "محور المقاومة" بعد أن تعرض لضربات من الاحتلال في ثلاثة بلدان، وهذا ما يحتم ردا من تلك الجبهات كما هو متبع في قواعد الاشتباك بين الطرفين.
هجوم شامل
ويمكن رسم سيناريو لحجم الرد وماهيته، استنادا إلى المعطيات على الأرض والتصريحات الرسمية التي تؤكد أن المعركة أخذت بعدا جديدا.
وقد يبدو سيناريو "الهجوم المشترك" الأقرب للواقع نظرا لمستوى التوتر في المنطقة، كأن تنطلق صواريخ ومسيرات من إيران وأخرى من العراق واليمن، بالتزامن مع هجوم مماثل من حزب الله.
وقياسا، على تجارب حالية وماضية، فإن هجوما كهذا سيجعل إمكانية اعتراضه صعبة خصوصا أن منظومات الاحتلال فشلت أمام 5 آلاف صاروخ أطلقتهم حماس خلال ساعات في معركة طوفان الأقصى.
كما أن اشتراك الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة بصد الهجوم الكبير المتوقع قد يدفع بعض الفصائل بالعراق لاستهداف القواعد الأمريكية هناك، وتلك نذر مؤكدة لحرب إقليمية شاملة.
واتفقت تصريحات كل دول "المحور" على حتمية الرد على خرق الاحتلال لقواعد الاشتباك، ما يرجح نظرية الرد الشامل من عدة ساحات في وقت واحد.
ومن الناحية العملية فإن إيران وحزب الله والحوثيين يمتلكون ترسانة من الصواريخ والطائرات المسيرة القادرة على تغطية كامل الأراضي المحتلة، وإيقاع خسائر في الأهداف المرصودة.
إيران
أكد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أن الثأر لدماء إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس واجب على طهران لأنه وقع بالعاصمة الإيرانية، مضيفا أن "الكيان الصهيوني المجرم والإرهابي مهد لنفسه بهذا العمل الأرضية لعقاب قاس".
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز، عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين مطلعين قولهم، إن "خامنئي أمر بضرب إسرائيل مباشرة رداً على اغتيال هنية في طهران، حيث أصدر خامنئي أوامره في اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني".
ويدرس القادة الإيرانيون "شن هجوم بمسيّرات وصواريخ على أهداف عسكرية بمحيط تل أبيب وحيفا، وأن من بين الخيارات هجوم منسق من إيران واليمن وسوريا والعراق لتحقيق أقصى تأثير"، وفق الصحيفة.
واستنادا إلى ماضي الطرفين، فإن الهجوم الإيراني قد يكون موازيا لهجوم نيسان/أبريل الماضي عندما نفذت طهران عملية جوية بنحو 300 صاروخ وطائرة مسيرة استهدفت من خلالها دولة الاحتلال ردا على اغتيال سبعة من أفراد الحرس الثوري الإيراني، بينهم قائدان كبيران، في القنصلية الإيرانية، بالعاصمة السورية دمشق.
وتمتلك إيران ترسانة ضخمة من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي تصل إلى عمق الأراضي المحتلة.
ويعتبر صاروخ "سجيل" و"خيبر" من أسرع الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، حيث لها القدرة على ضرب أهداف على بعد 2000 كم من خارج الغلاف الجوي.
كما تتضمن الترسانة عائلة من الصواريخ الباليستية العابرة للحدود تبدأ بـ "عماد وشهاب بـ 2000 كم وقدر والحاج قاسم بـ 1500 كم".
وتمتاز إيران بامتلاك طائرات قادرة على التحليق لمسافات طويلة وحمل عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات، أهمها "شاهد وكرار ومهاجر 6، وسيمرغ، وكمان 22، وغزة".
لبنان
سلط تصاعد حدة المواجهات بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي الضوء على قدرات الحزب العسكرية وترسانته من الأسلحة، ومدى قدرته على إلحاق الضرر بدولة الاحتلال.
ويملك الحزب عشرات الآلاف من الصواريخ الموجهة وغير الموجهة، ومدفعية مضادة للدبابات، وصواريخ باليستية ومضادة للسفن، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار مجهزة بالمتفجرات.
وكشف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في أكثر من خطاب، عن امتلاكهم قدرات صاروخية دقيقة، فضلا عن صواريخ قادرة على تغطية مساحة فلسطين المحتلة كافة، من الشمال إلى الجنوب.
وتتنوع صواريخ حزب الله بين قصيرة المدى ومتوسطة وبعيدة المدى أشهرها فلق واحد وصاروخ فاتح 110 وصاروخ الطوفان.
بالإضافة لمنظومات صواريخ مضادة للدروع منها "ثأر الله" و"ماس" الإيرانية الصنع، وصواريخ موجهة ضد الطائرات أثبتت نجاحها بإسقاط عدة مسيرات إسرائيلية.
كما تتضمن ترسانة الحزب أسطولا من الطائرات المسيرة، وهي "هدهد 1″ و"هدهد 2" و"هدهد 3″، إضافة إلى "مهاجر 1″ و"مهاجر 2″ و"صماد" و"الصاعقة"، فضلا عن أنواع أخرى لم يتم الكشف عنها.
اليمن
توعد قادة جماعة أنصار الله (الحوثيين) في عدة مناسبات بالرد على غارات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت منشآت حيوية في مدينة الحديدة غربي اليمن.
وأكدوا أن المواجهة مع "العدو الصهيوني ستكون مفتوحة وبلا حدود ولا خطوط حمراء".
تضم ترسانة الحوثيين أعدادا كبيرة من الصواريخ الباليستية وصواريخ بحر بحر وأسطولا للطائرات المسيرة الهجومية، بعضها تم تطويره في البلاد والآخر جاء للحوثيين منها مباشرة، كما "يمتلك الحوثيون صواريخ استولوا عليها عام 2014″، وفق تقرير بصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.
ويعتبر صاروخ "طوفان" و"قدس-4″، الإيراني المطور من أهم ما في جعبة الحوثيين الصاروخية خصوصا أن الصاروخين ينتميان لعائلة غدير-إف وشهاب-3، المطورة.
ووفقا لتقرير مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية فإن الجماعة لديها تشكيلة غنية من صواريخ كروز، يبلغ مداها حوالي 2000 كيلومتر ووزنها نصف طن.
ويمتاز الحوثيون بامتلاكهم مخزونا كبيرا ونوعيا من الطائرات المسيرة، منها: "صماد 3″ التي يتراوح مداها بين 1500 و2000 كيلومتر، و"صماد 4" التي يصل مداها إلى أكثر من 2000 كيلومتر. ويضاف إلى ذلك الطائرة المسيرة "وعيد" التي يبلغ مداها 2500 كيلومتر، والتي يمكنها الوصول إلى تل أبيب.
العراق
تبنت الفصائل الموالية لإيران في العراق عدة هجمات استهدفت ما قالت عنه إنه "أهداف حيوية" داخل الأراضي المحتلة.
وعادة ما استخدمت "المقاومة الإسلامية في العراق" في هجماتها طائرات مسيرة وصواريخ كروز مطورة يعرف منها صاروخ "أرقب" و"أقصى 1" وغيرها.
وهددت تلك الفصائل باستئناف نشاطها ضد القواعد الأمريكية في العراق بعد قصف طال معسكرا للحشد في جرف الصخر جنوبي بغداد مساء الثلاثاء الماضي.