سياسة عربية

سفير "إسرائيلي" يشرح تداعيات توريط قبرص في العدوان على غزة ولبنان

حزب الله هدد قبرص من خطورة المشاركة بأي طريقة في العدوان على لبنان- جيتي
برز إلى السطح مؤخرا ذكر اسم قبرص كدولة منخرطة في العدوان الإسرائيلي الجاري على غزة ولبنان، عقب تحذير حزب الله لها من تقديم أي مساعدة للاحتلال في عدوانه المحتمل على لبنان، مع العلم أن العلاقة بين قبرص ولبنان وثيقة.

ويحرص البلدان على الحفاظ على أجواء مريحة بينهما، فقربهما الجغرافي يلزمهما بالحفاظ على علاقات طبيعية، سياسيا واقتصاديا، رغم أن نيقوسيا تتابع عن كثب تقلبات الساحة اللبنانية، مع أن مسألة الغاز تحتل أهمية في علاقاتهما، وقد وقعا اتفاقاً لترسيم المياه الاقتصادية بينهما عام 2003.

وأكد مايكل هراري السفير الإسرائيلي السابق في قبرص، والباحث في المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية- ميتافيم، وشغل مناصب عليا بوزارة الخارجية، أن "المخاوف اللبنانية من الدور القبرصي في التوترات الجارية ليس جديدا، وإن تم التعبير عنه مؤخرا فقط، لكن تخوفاته قديمة مع بدء تصاعد العلاقات الاسرائيلية مع قبرص واليونان في السنوات الأخيرة في ضوء التغيرات الاستراتيجية في المنطقة، والتداعيات الاستراتيجية للربيع العربي؛ وأزمة العلاقات الإسرائيلية مع تركيا، واكتشافات الغاز الطبيعي في المنطقة".


وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أنه "على هذه الخلفية، من السهل أن نفهم سبب تهديدات زعيم حزب الله ضد قبرص، في ضوء تعاونها الأمني مع إسرائيل الذي لا يُستقبل بحماس في منطقة الضاحية الجنوبية.

وتابع أن "الطريق إلى التهديدات لا يزال بعيداً عن هنا، فضلا عن أن القاعدتين البريطانيتين في الجزيرة تخضعان فعلياً لسيادة لندن كجزء من شروط استقلال قبرص في 1960، والقرار بشأن استخدامهما، وكيفيته، يقع في أيدي لندن وحدها".

وأوضح، أن "تهديدات حزب الله لقبرص تزامنت مع اللهجة غير المتفائلة التي أبداها المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، ما يجعل كلام الحزب موجها في الواقع إلى آذان أمريكية وغربية للضغط على إسرائيل، في حين ظهر الرد القبرصي هادئا ومدروساً، والإيضاح أنها ليست جزءا من المشكلة، بل جزء من الحل، والتأكيد على انخراطها البارز في السياق الإنساني حول الممر البحري من لارنكا إلى غزة، والإعلان أنها ستعمل عبر القنوات الدبلوماسية مع بيروت وطهران".

وأكد أنه "يمكن الافتراض أن القلق بشأن العواقب المحتملة للحرب في المنطقة يثير مخاوف قبرص، رغم إعلان الاتحاد الأوروبي الحازم بأنه سيقف بحزم في وجه التهديدات التي يتعرض لها أحد أعضائه، ما يضع علامات استفهام حول الأثر السلبي لهذه التطورات على علاقات الاحتلال بقبرص، رغم أنها أصبحت مبنية على مصالح استراتيجية متينة، وثقة كبيرة تم بناؤها بينهما، مع الحكومتين والرأي العام معا".

كما "أصبحت علاقة قبرص والولايات المتحدة قوية جدًا، وآخرها عقد حوارهما الاستراتيجي الأول في واشنطن، والتحضير لعقد اجتماع ثان في سبتمبر في نيقوسيا، ثم التوقيع على بروتوكول رسمي بينهما" وفق الكاتب.


واستبعد "تضرر علاقة قبرص ولبنان من هذه التطورات، رغم أن الفراغ السياسي لدى الأخير، والأزمة الاقتصادية المستمرة والمتفاقمة، تثير قلق القبارصة، فضلا عن المنطقة برمتها، ومن وجهة نظرهم فإن زاوية الطاقة في التعامل مع لبنان تشكل أهمية متعددة، عقب توقيعها في 2003 اتفاقية بحرية، دون المصادقة عليها بعد في البرلمان اللبناني بسبب الصعوبات السياسية لديه، مع أن الاتفاقية البحرية الإسرائيلية اللبنانية استقبلت بحماس واضح في نيقوسيا، وزادت من توقعات إتمام الاتفاق اللبناني القبرصي بسهولة نسبية، لكنه لم يحدث مرة أخرى في ظل الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان، ولا تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية".

رغم هذا السرد للتطورات السياسية والأمنية الإقليمية، والتورط القبرصي فيها، لكن لا ينبغي أخذ هذه التطورات بخفّة، خاصة على خلفية تاريخ الصراع في قبرص، رغم تركيز الانتقادات القبرصية بحذر وتكتم حول الحرب العدوانية الإسرائيلية المستمرة، والأزمة الإنسانية في غزة، والغياب التام للأفق السياسي، كما أن الحكومة العنصرية الحالية في تل أبيب لا تساعد نيقوسيا التي يصعب عليها الدفاع عنها في بروكسل، فضلا عن التعاطف العميق مع الفلسطينيين بين الجمهور القبرصي منذ عقود طويلة.