سياسة عربية

قضاة لـ "عربي21": سنتان على مجزرة الإعفاء ونضالنا مستمر والقضاء اليوم بائس وفي رعب

قيس سعيد حل مجلس القضاء الأعلى في شباط/ فبراير 2022- جيتي
‌شدد قضاة تونسيون على أن وضع المرفق القضائي بالبلاد في أحلك فتراته، وأن القضاة يعملون في مناخ من الرعب والخوف، مؤكدين أنهم أبدا لن يستسلموا، وسيسترجعون حقهم بالنضال السلمي.

واعتبر القضاة بمناسبة مرور سنتين على عزل 57 قاضيا، أن هذا القرار كان سياسيا، بغاية السيطرة على السلطة القضائية وجعلها مجرد وظيفة تابعة.

واليوم يمر العام الثاني على صدور الأمر الرئاسي القاضي بعزل 57 قاضيا بتهمة شبهات فساد، وهو قرار لاقى رفضا واسعا داخليا وخارجيا، وما زال قيد النظر لدى المحكمة الإدارية، على الرغم من صدور حكم استعجالي يقضي بإيقاف تنفيذه بحق 49 قاضيا من أصل 57.


سنتان من الإعفاء
قال القاضي المعزول حمادي الرحماني، إن ملف القضاة المعزولين ما زال يراوح مكانه، وإن المحكمة الإدارية ما زالت تتباطأ وتتأخر في إصدار الأحكام، رغم مرور سنة وثمانية أشهر على صدور حكم استعجالي بإيقاف تنفيذ العزل.

وكانت المحكمة الإدارية في تونس قد قررت في العاشر من آب/ أغسطس 2022، في حكم استعجالي، إيقاف تنفيذ عدد من قرارات إعفاء قضاة ( 49 من أصل 57) .

وتابع القاضي الرحماني في تصريح خاص لـ "عربي 21" قائلا: "المحكمة الإدارية يجب عليها أن تنصف القضاة، وألا تنسى دورها في إرجاع الحق لقضاة مظلومين ويخضعون إلى المساءلة والملاحقة والتنكيل"، على حد تعبيره.

وأضاف الرحماني: "عليها أن تتخذ قرارا منصفا بحقنا، وألا تنتظر تغير الموجة السياسية والهوى السياسي لتعطينا أحكاما بعد الوقت، وتركب إثر ذلك على الأحداث، وتقول إنها مستقلة".

وأضاف "أن كانت المحكمة الإدارية مستقلة، فعليها إنصافنا من أحكام باطلة وغير قانونية، ونؤكد أننا مستمرون في النضال السلمي واسترجاع حقوقنا كاملة".

يشار إلى أن قرار عزل 57 قاضيا سبقه قرار بحل المجلس الأعلى للقضاء في الخامس من شباط/ فبراير من سنة 2022.

وواجه القضاة حينها عزل 57 قاضيا وحل المجلس بإضرابات احتجاجية عن العمل استمرت لأسابيع طويلة، مع إضراب عن الطعام، ورفع شكاوي قضائية.

واعتبر الرحماني، أن "القضاة اليوم في رعب وخوف، ولا يملكون القدرة على الإمساك بزمام قراراتهم، وكل ذلك انعكس على الوضع السياسي بالإيقاف والتصفية لكل المعارضين".

ولفت الرحماني: "نحن الآن في وضع قضائي بائس جدا، وتابع للسلطة، باستثناء بعض القضاة والدوائر التي تخضع للعقوبات والهرسلة".


"ترهيب وعدم استقلالية "

وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي: "الجديد في ملف القضاة المعزولين أنهم ما زالوا يعانون من هذه المظلمة، والهشاشة الاجتماعية، والبطالة القصرية، والوضعية النفسية الصعبة".

وأفاد الحمايدي في تصريح خاص لـ "عربي 21": "السلطة التنفيذية ترفض تطبيق أحكام المحكمة الإدارية بعودة القضاة لعملهم، في خرق صارخ لمبدأ سلطة القانون، وكذلك هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعزولين بالمحاماة".

وتابع: "الهيئة ترفض التحاق القضاة، على الرغم من أنها قبضت من كل واحد منهم مبلغ 20 ألف دينار ( قرابة 7آلاف دولار)، ولكن وبعد عامين من المجزرة ما زال الملف على طاولة عميد المحامين، ونحن ندعو بكل إلحاح أن يتم الحسم في الملف".

وحذر القاضي الحمايدي قائلا: "المجزرة بحق القضاة لم تتوقف عند العزل، بل هي مستمرة عبر الإعفاءات وإخضاع القضاة وترهيبهم، وتطويع المرفق القضائي لميولات السلطة".


وشدد الحمايدي بالقول: "تمت السيطرة على القضاء، والفاتورة تدفع من حرية التونسيين ومحاكمة السياسيين والإعلاميين و النشطاء المدنيين".

يشار إلى أن حملة ملاحقات قضائية واسعة تشهدها البلاد منذ أكثر من سنة، شملت العشرات من المعارضين والمدونين.

ونبه الحمايدي: "لا بد من الاستفاقة العاجلة بأن غاية السلطة التنفيذية ليست الإصلاح الحقيقي والتطهير كما تدعي، وإنما التوجه واضح، وهو إخضاع القضاء والسيطرة الكاملة عليه"، وفق قوله.