كشف
المتحف البريطاني لغز سرقة قطع أثرية منه قبل نحو عامين، وبينت تفاصيل السرقة اختفاء عدد ضخم من القطع الأثرية التي بات مصيرها مجهولا.
وبعد سنتين من الشكوك حول الجريمة، أعلن المتحف أن نحو 2.4 مليون قطعة في المتحف غير مفهرسة، أو غير
مفهرسة إلى حد ما، من إجمالي مجموعته البالغة 8 ملايين قطعة.
واللافت أن جامع تحف دنماركي يدعى إيتاي غراديل، اشتبه في عام 2020، بسرقة القطع بعد أن اشتبه في بائع على موقع التسوق الشهير "إيباي eBay"، كان يشتري منه بعض المقتنيات، بأنه لص يسرق قطعا أثرية من المتحف البريطاني.
وبحسب، "
BBC NEWS"
رفع المتحف،
الآن دعوى قضائية مدنية على البائع ويدعى هيغز، والذي كان يعمل في المتحف، واتهم بأنه كان
يستهدف في الغالب هذه القطع الأثرية غير المفهرسة، وأنه ارتكب خطأ، إذ قدم وثائق إلى
المحكمة العليا يعتقد أن القطعة سُرقت من مخزن قسم الآثار اليونانية
والرومانية بواسطة كبير أمناء المتحف، بيتر هيغز، قبل أسبوع واحد فقط من عرضها
للبيع.
يقول غراديل إن الموقع
يعرض ملايين التحف المتنوعة للبيع يوميا، ولكن في السابع من آب / أغسطس عام 2016، عُرضت
قطعة من الأحجار الكريمة باللونين الرمادي والأبيض يظهر عليها الإله بريابوس، يعرضها
شخص يدعى "sultan1966" مقابل 40 جنيها إسترلينيا فقط، إلا أن
سعرها الحقيقي، يقدر قيمة القطعة بنحو 15 ألف جنيه إسترليني، ويقول المتحف إن
الثمن كان سيبلغ الضعف في حالة وجود الحامل الذهبي.
يصف غراديل، نفسه
بأنه وُلد بذاكرة فوتوغرافية، حيث تعرف على الاكتشافات النادرة، وفي هذه الحالة،
ساعدته أيضا في الكشف عن هوية اللص المشتبه به، وفي إحدى المرات كان يعلم غراديل
أنه رأى قطعة بريابوس هذه من قبل، وكان على يقين من أنها موجودة في كتالوج قديم
للأحجار الكريمة يملكه وكان المتحف البريطاني قد أصدره من قبل.
أثناء بحث
غراديل بدا أن مسيرة بيتر هيغز المهنية قوية، حيث يعمل القائم بأعمال رئيس قسم
الآثار اليونانية والرومانية، بسبب سمعته الطيبة وعمله في المساعدة في تعقب الآثار
المسروقة في جميع أنحاء العالم.
وأرسل غراديل
رسالة بالبريد الإلكتروني إلى إدارة المتحف في شباط / فبراير 2021 لإبداء مخاوفه بشأن هيغز، وتلقى امتنانا من نائب
المدير جوناثان ويليامز وهذا كل ما في الأمر.
وسمعت بالفعل عن
الاتهامات المنسوبة لهيغز قبل يوم واحد فقط، مصحوبة بتحذير من أنه قد يجري تلفيق
تهمة له وحقق المتحف بالفعل في مخاوف غراديل، ولكن أثناء ذلك، سُمح لهيغز بمواصلة
إدارة قسمه، ويقول المتحف إنه حاول تضليل زملائه من خلال تغيير سجلات الكمبيوتر والإيحاء
بأن القطع اختفت قبل عقود من الزمن.
ويذكر أن المتهم
هيغز بدأ عمله في المتحف البريطاني عام 1993 كمساعد باحث، بعد أن درس علم الآثار
في جامعة ليفربول.
ونفى هيغز جميع
التهم المنسوبة إليه أثناء دفاعه في الدعوى المدنية التي رفعها المتحف البريطاني
ضده.
واعتقد المتحف أن
هيغز وضع علامة على القطعة على أنها مفقودة في الكتالوج الخاص عن طريق إدراج
ملاحظة تبدو وكأنها كتبت في عام 1963، وقال رئيس المتحف البريطاني جورج أوزبورن إن
أدلة المحكمة التي قدمها المتحف تشير إلى أن اللص بذل "جهودا متقنة
للغاية" لطمس آثار جريمته.
وكشف تحقيق مفاجئ
روتيني عام 2021 عن اختفاء قطع من قسم الآثار اليونانية والرومانية، وبدأت تحقيقات
سرية للغاية مرة أخرى، وفي نيسان/ أبريل، تم تعيين أمينة متحف للتحقق من كل قطعة
على حدة، على الرغم من أن المهمة تحت إشراف رئيس القسم بيتر هيغز.
وعلى الرغم من
ذلك، أصبح من الواضح أن هناك خطأ، ويقول المتحف إن الأمينة المعينة اكتشفت أن ما
يزيد على 300 قطعة مسجلة، العديد منها مذهّبة، قد تعرضت للتلف أو السرقة، وعلى بعض
منها خدوش تبدو وكأنها علامات خلفتها كماشة.
وعندما واصلت
أمينة المتحف تحقيقها في القطع غير المسجلة الموجودة في مخزن معين، تقول وثائق
المحكمة إنها اكتشفت أن 1161 قطعة مفقودة، أكثر من ثلاثة أرباع المحتويات بالكامل،
سلمت أمينة المتحف التقارير الأولية إلى رئيسها هيغز، في أواخر كانون الأول/ ديسمبر
عام 2022، وتقول وثائق المحكمة إن بيتر هيغز حاول تأخير تقديم النتائج عدة مرات
لإدارة المتحف.
قررت إدارة
المتحف الاتصال بالشرطة على الفور وجرى إيقاف هيغز عن العمل.
ونفى هيغز أن
تكون العملات المعدنية سُرقت من المتحف، قائلا إنها تخص أحد أقاربه المتوفين، فيما
طُرد أخيرا من المتحف في تموز/ يوليو 2023، بعد أكثر من عامين من دق غراديل ناقوس
الخطر أول مرة.
وأعاد غراديل ما يزيد على 360 حجرا كريما يُعتقد أنها تنتمي إلى المتحف، بما في ذلك
بعض الأحجار التي باعها لتجار آخرين وتعقبها بغية إعادتها، وقال: "أشجع كل من
اشترى هذه الأحجار الكريمة على القيام بما قمت به وتسليم الأحجار الكريمة إلى
المتحف".