يشتهر
المصور الفوتوغرافي
البريطاني بلاتون بصوره المختلفة والمتنوعة التي يلتقطها للرؤساء، ونجوم هوليوود،
والمعارضين السياسيين، والناجين من سوء المعاملة، والمهاجرين، إلا أن أمر واحد
يوحّدهم جميعًا، لا يفرق بينهم
قال المصوّر
الفوتوغرافي بلاتون، خلال مقابلة مع
CNN: إن الأمر الوحيد الى يجمع تلك الصور هو
صندوق خشبي أبيض مخدوش قليلاً.
وأضاف بلاتون "جلس
زعماء العالم على هذا
الصندوق أكثر من أي كرسي آخر في التاريخ". بالنسبة
لبعضهم، فإنّ ندرة الأدوات التي يستخدمها المصور لالتقاط الصور، من خلال الجلوس
على الصندوق أمام ورقة سوداء أو بيضاء عادية، قد تخيفهم وتجرّدهم من عظمتهم
المعتادة. بالنسبة لآخرين، يشعرهم هذا التجهيز بالتحرّر، ويسمح للفرد بالتألق من
خلال عدسة المصور المحترف.
وأصبح الصندوق فرصة بحسب كتاب بلاتون الجديد "المدافعون"، حيث لفت بلاتون في
حديثه إلى أن "هناك قول شائع جدًا في مجتمع حقوق الإنسان مفاده: إعطاء الصوت
لمن لا صوت لهم". لكنه أردف أنه تعلم من خلال تجربته "أن ليس من الصواب
قول ذلك. لديهم أصوات جميلة ومؤثرة وقوية.
المشكلة تكمن بأن هذه الأصوات تم
تجاهلها". وأوضح من خلال عمله أن مهمته تتمثل بالمساعدة على تضخيم قصص الناس،
والتناغم مع إنسانيتهم كما لو كانوا في ’راديو قديم الطراز‘".
الإطاحة بالسلطة
ولد بلاتون
أنطونيو في اليونان في عام 1968، وانتقل إلى المملكة المتحدة عندما بلغ الثامنة من
عمره وأكمل دراسته في التصوير الفوتوغرافي بالكلية الملكية للفنون، قبل أن يغادر العاصمة
البريطانية لندن للعمل في مدينة نيويورك الأمريكية، وتحديدًا بمجلة
"جورج" مع جون كينيدي جونيور، وكمصور فوتوغرافي لصالح مجلة
"نيويوركر".
يتخذ كتاب "The Defenders" (المدافعون)
مسارًا مختلفًا عن أعمال بلاتون السابقة. وبصفته مصورًا شابًا، اعترف بأنه كان
منبهرًا بعالم السياسيين والمشاهير الذين كان يعمل معهم، حيث كان يسير في ممرات
الكرملين، وداونينغ ستريت، ويتحدث عن الحياة في حديقة جورج كلوني. وعلى النقيض من
ذلك، أدى توجيه عدسته نحو الضعفاء إلى تغيير أفكاره جذريًا حول مفهوم السلطة.
وقال:
"بعدما صوّرت كل هؤلاء القادة العالميين، فإن الأشخاص الذين أقابلهم في خنادق
حركة حقوق الإنسان هم غالبًا قادة مناسبون". وتابع أن "هؤلاء يحولون
محنتهم إلى تعاطف مع الآخرين. وهذا أمر نادرًا ما أراه على هذا المستوى في المجال
السياسي. لذلك، تيمنًا بهم، أسميت الكتاب ‘المدافعون‘"، مضيفًا أنه
"عنوان بطل خارق..هؤلاء أناس عاديون يقومون بأشياء غير عادية، وأنا أفكر فيهم
كأبطال خارقين. تغيير السرد مهم جدًا بالنسبة لي".
ويصوّر الكتاب
معارضين، وأعضاء فرقة البانك الروسية "بوسي ريوت"التي سجن أفرادها،
والناجين من العنف الجنسي في مستشفى بانزي التابع للدكتور دينيس موكويجي في
الكونغو، مثل إستير فراجا وهي إحدى الفتيات التي صورها بلاتون.
يُعتبر كتاب
"المدافعون"، محاولة لسرد عشرات القصص المشابهة لقصتها، تم التقاط كل
منها في جزء من الثانية. وقال بلاتون: "أنت تحاول تجميد لحظة تساعدنا على فهم
الماضي، وستظل على صلة بالمستقبل. ومع ذلك، كانت تلك لحظة في الحاضر. لقد كانت
جزءًا صغيرًا من اللحظة، إذا رمشت بعينك، فلن تراها حتى".
يقدم اثنان من
عمالقة السياسة أمثلة واضحة على التأثير الغريب للوقت. كان الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، الذي صوره بلاتون لشخصية العام في مجلة "تايم" خلال عام 2007،
معجباً بداية بالصورة التي أنتجها بلاتون، لكن منذ نشرها، تم التقاط الصورة ذاتها
وتحريرها وتوزيعها من قبل المنشقين السياسيين للسخرية من بوتين والتقليل من سلطته.
التقط بلاتون
صورة للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، نُشرت على غلاف عدد ديسمبر/ كانون الأول
2000 من "Esquire".
يتذكر بلاتون
قائلاً: "في ذلك الوقت، كانت تلك الصورة تمثل مستويات جنونية من
الكاريزما"، مضيفًا: "لقد كان رائعاً مع الناس، الجميع يقول إنه لا يوجد
شخص أكثر كاريزمية من بيل كلينتون. نحن ننظر إليها عبر عدسة مختلفة الآن، لكنها
الصورة عينها. وعندما أقوم بالأمر بشكل صحيح، فإن الصورة ذاتها تناسب الجميع".
مسؤولية كبيرة
استخلاص قصص
إنسانية واسعة ومعقدة وعاطفية في لحظة عابرة واحدة يشكل محنة لجميع أنواع التصوير
الفوتوغرافي، ضمنًا التقاط صور قادة العالم، لكنه صعب بالتحديد عندما يتعلق الأمر
بالمواضيع الحساسة التي تم طرحها في كتاب "المدافعون".
وأوضح بلاتون:
“العديد من (الأشخاص الذين تم تصويرهم) يخاطرون بحياتهم، وأمنهم، وهم يخبرونني
بهذه القصص. لا أستطيع أن أكون متهورًا. لا أستطيع أن أكون، ولا يجب أن أكون
باحثًا عن الإثارة".
أما إعطاء
العناية الضرورية والتعامل مع المواضيع الحساسة بدقة أمر يعترف بلاتون بأنه ترف
للوقت، إذ لديه القدرة على قضاء أشهر في مشروع ما، وإنتاج الصور الأكثر إثارة. ومع
ذلك، على نحو متزايد، يتم التقاط الكثير من الصور الفوتوغرافية التي تغمر وسائل
التواصل الاجتماعي على عجل، بواسطة الهواتف، ومشاركتها بكثرة ومن دون توقف.
ذكر بلاتون أنّ
"الجميع أصبح مصورًا الآن، والجميع صانع أفلام. من نواحٍ عديدة، هذا رائع.
الناس يمسكون بالصلاحيات التي يمكن من خلالها فرض المساءلة بطريقة جديدة"،
مضيفًا أن "الخطر يكمن بوجود الكثير من المعلومات التي تجعلنا نشتت انتباهنا
باستمرار. من الصعب جدًا الحصول على لحظة للتأمل، والتوقف، والتراجع، والتفكير
بنفسك. وأثناء قيامك بذلك، يصدر هاتفك رنينًا، إنه ضجيج مستمر".
وكان بلاتون
قادرًا على ربط التحركات التي كان يوثقها ببعضه، إذ أدرك أنها لم تكن صراعات
معزولة، بل متصلة، قائلًا: "من الواضح أن كل وضع جيوسياسي يختلف بطبيعته، لكن
الجميع يقاتلون من أجل مبادئ إنسانية أساسية للغاية. لقد قمت بتصوير المدافعين عن
مجتمع المثلية الجنيسة في بورما وروسيا. هاتان دولتان مختلفتان للغاية، وتعملان من
أجل قضية واحدة”.