نشرت صحيفة
"
نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن
الانتخابات البرلمانية
والرئاسية المبكرة، التي يؤيّدها معارضو
أردوغان وعلى رأسهم زعيم حزب الشعب
الجمهوري أوزغور أوزيل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها
الذي ترجمته "
عربي21"، إن
المعارضة تقدّر القوة التي أظهرتها في
الدورتين الانتخابيتين الوطنيتين السنة الماضية وهذه السنة. وبالنسبة للمشهد
السياسي في
تركيا، كانت الانتخابات الرئاسية لسنة 2023 في غاية الأهمية. وفاز
الرئيس رجب طيب أردوغان خلال الجولة الثانية بفضل دعم ترشيحه من قبل سنان أوغان،
الذي حصل على المركز الثالث.
وأظهرت تلك الانتخابات مدى
أهمية الاختلافات الإقليمية في تركيا وقدرة السياسيين على أخذها بعين الاعتبار.
وفي الواقع، يصوّت الناخبون في المناطق والقرى الشرقية تقليديًا لصالح أردوغان،
بينما حققت المعارضة نتائج جيدة خاصة في المدن الكبرى. وفي المحافظات الـ11
المتضررة من زلزال شباط/ فبراير 2023، صوت أغلبية الناخبين لصالح أردوغان في
الجولة الأولى بفضل دعم الحكومة الحالية للضحايا. وقد أصدر أردوغان إعانات لمرة
واحدة ومدفوعات شهرية محددة والأهم من ذلك أطلق برامج الإسكان، الذي بموجبه سيحصل
جميع الضحايا على شقق في سنة 2024 برهن عقاري بشروط مناسبة.
وشكّلت الانتخابات البلدية
التي جرت في 31 آذار/ مارس 2024، والتي أجريت في جميع محافظات البلاد اختبارا جديدا لحزب العدالة والتنمية. كما انتخب المواطنون الأتراك رؤساء بلديات
المدن الكبرى أنقرة وإسطنبول وإزمير. يرى المراقبون أن الانتخابات المحلية تختبر
قوة المتنافسين المحتملين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية 2028 بعد تغير المزاج
السائد في المجتمع والتوازن في الحياة السياسية في تركيا.
وبلغت نسبة إقبال الناخبين
78.55 بالمئة. بالأرقام المطلقة، يزيد هذا العدد عن 48 مليون ناخب من أصل 61 مليون
مواطن يحق لهم التصويت. احتلّ حزب الشعب الجمهوري المركز الأول بحصوله على 37.77
بالمئة من الأصوات، حيث فاز في 35 مقاطعة و14 مدينة كبيرة و21 عاصمة مقاطعة في
البلاد. وحصد حزب العدالة والتنمية الحاكم 35.49 بالمئة من الأصوات وفاز في 24
مقاطعة في 12 مدينة كبيرة و12 مركزًا إقليميًا. وعليه، للمرة الأولى منذ عقدين من
وجود أردوغان في السلطة، احتلّ حزبه المركز الثاني في الانتخابات البلدية.
في الحقيقة، لم تنجح
محاولات حزب العدالة والتنمية بالفوز في أكبر مدينة وعاصمة في البلاد. في المقابل،
لم يحتفظ رؤساء البلديات الحاليون في إسطنبول وأنقرة، الذين يمثّلون حزب الشعب
الجمهوري المعارض - منصور يافاش وأكرم إمام أوغلو - بمناصبهم فحسب بل حصلوا أيضًا على
دعم أكبر من الناخبين مقارنة بانتخابات 2019. كانت هزيمة حزب العدالة والتنمية في
مدينتين كبيرتين في تركيا متوقعة تماما، بعد اعتبار المراقبين أن المرشحين الذين
قدمهم حزب العدالة والتنمية أقل شأنا مقارنة برؤساء البلديات الحاليين.
وتلقى أردوغان وحزبه ضربة
غير متوقعة من حزب الرفاه الجديد الإسلامي الذي تأسس سنة 2018، ويرأسه فاتح
أربكان، نجل الزعيم الشهير لحزب الرفاه الذي تم حظره في تركيا. بدأ أردوغان مسيرته
السياسية في حزب الرفاه، وبالتالي فإن ظهور منافس أيديولوجي جديد بمثابة ضربة له.
حصل الرفاه الجديد الإسلامي على 6.19 بالمئة من الأصوات وأصبح رسميًا الطرف الثالث
في البلاد. وفاز في محافظتي سانليورفا ويوزغات، اللتين كانتا تعتبران مراكز نفوذ حزب
العدالة والتنمية.
علاوة على ذلك، فاز حزب
المساواة الشعبية والديمقراطية المؤيد للأكراد، الذي يدعمه تقليدياً الناخبون في
جنوب شرق تركيا الذي يسكنه الأكراد، في أكبر ثلاث مدن وسبعة مراكز إقليمية في
المنطقة. في المقابل، فاز حليف أردوغان، حزب الحركة القومية، بقيادة دولت بهجلي في
ثمانية مراكز إقليمية فقط دون أي انتصار في المدن الكبرى. وفي مركز إقليمي واحد
فقط، فاز حزب الخير بزعامة ميرال أكشينار، حيث حصل على 3.77 بالمئة من الأصوات.
وذكرت الصحيفة أن حالة
الاقتصاد التركي لعبت دورًا مهمًا في هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات
البلدية. ويُشير هذا في المقام الأول إلى ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت في آذار/
مارس 2024 إلى 68.5 بالمئة على الرغم من محاولات البنك المركزي التركي الحفاظ على
سياسة نقدية متشددة للغاية.
لقد شكّلت السياسة النقدية
غير التقليدية التي ينتهجها أردوغان أحد أسباب تسارع التضخم، وكذلك انخفاض قيمة
الليرة التركية مقابل الدولار. وعند تسارع التضخّم، تقوم البنوك المركزية بزيادة
معدلات إعادة التمويل، مما يقلل من نشاط الإقراض وتجميد الاقتصاد، وهو ما يؤدّي
عادة إلى استقرار الأسعار. في سنة 2023 حاول البنك المركزي التحوّل إلى التدابير
التقليدية. وفي آذار/مارس قام فاتح كاراهان، محافظ البنك المركزي بالترفيع في سعر
إعادة التمويل للمرة الأولى منذ تسعة أشهر. وتمت زيادتها إلى 50 بالمئة وهي من
أعلى المعدلات في العالم.
كان لقضايا السياسة
الخارجية أيضًا تأثير على نتائج الانتخابات، إذ لم يتسبب هجوم حماس على
الإسرائيليين في احتجاجات بالإجماع في تركيا، لكن الحرب اللاحقة في قطاع غزة
والخسائر الجماعية في صفوف المدنيين، تسببت في احتجاجات الأتراك. ونتيجة لذلك،
أدان أردوغان بشدة التصرفات الإسرائيلية وطالب بإعلان إسرائيل دولة إرهابية.
ونوّهت الصحيفة إلى أن
أردوغان لم يكن ثابتًا على مستوى السياستين الخارجية والداخلية، وهو ما لاحظه
وتصرف وفقه الناخبون.