نشر موقع "
المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرًا تحدث فيه عن وجود العديد من النقاط الساخنة في جنوب آسيا ومنطقة آسيا الوسطى.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن حربًا داخلية واسعة النطاق تدور في
ميانمار، حيث سجلت السلطات هزائم مخيبة للآمال على يد جيش إنقاذ
روهينغيا أراكان.
ويضيف الموقع أن أفغانستان تظل المولد الإقليمي الرئيسي للمشاكل الأكثر إلحاحًا التي يمكن أن تؤثر على العديد من الدول. وبسبب الحصار الذي أعلنه الغرب مع تجميد جميع الحسابات الأفغانية، بعد سيطرة حركة طالبان على الوضع في كابول، فإن الحركة باتت عاجزة عن تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب في البلاد.
إن الانهيار النهائي للدولة الأفغانية، والذي من المحتمل أن يكون نتيجة لتعنت الجانبين هذا العام، قد يؤدي إلى نزوح الملايين من اللاجئين من أفغانستان مع امتداد حالة عدم الاستقرار إلى الدول المجاورة. وسوف تؤثر هذه العمليات على جمهوريات ما بعد الاتحاد السوفييتي في آسيا الوسطى وإيران، والأهم من ذلك على
باكستان، حيث يعيش ثلثا البشتون على مستوى العالم وهي المجموعة العرقية الرئيسية في أفغانستان.
في المقابل، فإن باكستان التي تمر بأوقات عصيبة في تاريخها بعد الإطاحة برئيس الوزراء عمران خان من السلطة، قد تنزلق إلى هاوية أزمة أكثر خطورة؛ حيث أسفرت الانتخابات الأخيرة عن فوز المرشحين من حزب حركة الإنصاف المنحل الذي يتزعمه نجم الكريكيت والمحامي المسجون عمران خان بأغلبية كبيرة، وإن كانت نسبية، في البرلمان الوطني.
وفقط من خلال تسوية هشة بين عشيرتي شريف وبوتو المتحاربتين عادة، فضلاً عن الجنرالات المسيسين، فإنه تم تشكيل الحكومة بدعم ضعيف للغاية بين السكان.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الشباب الباكستاني يقفون بالإجماع إلى جانب عمران خان، ويستعدون للاحتجاجات الحاشدة دفاعًا عنه، ما يهدد بزعزعة استقرار الوضع في البلاد، العامل الذي قد تحاول العشائر الحاكمة التملص منه من خلال تضخيم الخطر الخارجي القادم من
الهند.
وذكر الموقع أن إلغاء وضع الحكم الذاتي الخاص لولاية جامو وكشمير المتنازع عليها بمبادرة من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ومساره العام نحو "هندوسة" البلاد وتقييد معين لحقوق المسلمين، قوبل باحتجاج حاد في باكستان. وأثار افتتاح رئيس الوزراء مؤخراً لمعبد هندوسي ضخم جديد في أيوديا في موقع مسجد إسلامي مدمر، غضباً عارماً في إسلام أباد وتهديدات "باتخاذ إجراءات انتقامية".
في الحقيقة أن تصاعد الاتهامات المتبادلة بين الهند وباكستان، والتي يمكن أن تصل إلى حد الاشتباكات المباشرة على حدودهما أمر أكثر خطورة نظرا لامتلاك هاتين الدولتين أسلحة نووية.
ويبدو موقف باكستان في هذه المواجهة ضعيفًا رغم أن الصين باعتبارها حليفتها الرئيسية تواصل دعمها لأسباب جيوسياسية، لكن دون حماس، منذ أن أطاحت السلطات الباكستانية الحالية بالحكومة السابقة بتحريض من الولايات المتحدة.
وأورد الموقع أن باكستان حاولت الحفاظ على علاقات سلسة بنفس القدر مع الصين والهند، حيث عملت كجسر بينهما. ولكن كلما ضعُف موقف باكستان في أي مواجهة تقليدية مع الهند، ارتفعت احتمالات لجوئها إلى "وسائل خاصة" لحل كافة المشاكل إذا ما أتيحت لها الفرصة. ولذلك، فإن احتمال نشوب صراع شديد الحدة ينطوي على استخدام الأسلحة النووية في مرحلة ما في شبه جزيرة هندوستان يظل مرتفعاً للغاية.
وذكر الموقع أنه من المرجح أن الهند تحاول حل مشكلة جزر المالديف لصالحها، بعد أن طالبت حكومتها، التي اختارت التوجه الاستراتيجي الموالي للصين، بإزالة الحامية الهندية ومحطة المراقبة الرادارية الموجودة هناك منذ سنة 1988. وقد أعلنت نيودلهي عن نيتها إنشاء قاعدة بحرية وطنية على مقربة من جزر المالديف.
من جانبها، تحتاج الصين إلى وجود عسكري في بحر العرب لحماية قدرتها على الوصول إلى النفط من الخليج العربي. بينما تريد الهند، التي على خلاف مع الصين على طول حدودها في منطقة الهيمالايا، التأكد من أن جزر المالديف لا تقترب أكثر من بكين.
ومع ذلك، فإن قدرات الهند في المنطقة محدودة، ونشاطها في المنطقة محفوف بالتعقيدات بسبب علاقاتها مع الصين. وفي الحقيقة، فإن التطور الإجمالي للوضع في المنطقة من حيث الاستقرار والأمن سوف يعتمد بشكل كبير على قدرة مودي على مقاومة الضغوط المفرطة من جانب الصين.
وبين الموقع أنه من بين العواقب الأخرى غير المتوقعة لوصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان هي القضاء على إنتاج المواد الأفيونية في البلاد، بما في ذلك الهيروين. ونتيجة لذلك، فقد بدأ إنتاج المخدرات الاصطناعية مثل الفنتانيل بالازدياد بسرعة في العالم. وفي الوقت نفسه، توقفت شبكة توزيع المخدرات الأفيونية السابقة التي تضم عشرات الآلاف من التجار عن العمل.
وتابع الموقع قائلًا إنه نظرًا لكون هؤلاء الأشخاص لا يعرفون فعل شيء آخر يصبحون فريسة سهلة للمجندين من الهياكل الإجرامية الأخرى، بما في ذلك ممثلو نظام كييف. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تكيفهم مع الحياة الطبيعية أصبح صعباً بسبب الغرب الذي تعمد قطع الأموال المتدفقة إلى المنطقة.
ويخلق الوضع الراهن انطباعًا بأن الولايات المتحدة والغرب يدفعان أفغانستان عمدًا نحو الانهيار الكامل، بما في ذلك إثارة مشاكل خطيرة في منطقة ضعف روسيا في آسيا الوسطى. ومن الواضح أن الأمريكيين، بشكل مباشر أو من خلال قوات بالوكالة مثل المخابرات الأوكرانية، يستخدمون هياكل المخدرات السابقة لتحقيق مصالحهم.
وفي ختام التقرير فإن الموقع نوه إلى أن واشنطن، بسبب قصر نظرها، لا تدرك أن الأزمة التي تطلق لها العنان في هذا الفضاء محفوفة بالتصعيد إلى صراع عالمي يشمل لاعبين نوويين مثل الهند وباكستان والصين.