تعرضت الكثير من المناطق في أغلب المحافظات
العراقية من بينها بغداد إلى
الغرق نتيجة كميات الأمطار التي سقطت على مناطق البلاد، أمس الأحد.
وانتشرت المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لغرق المنازل والمحال التجارية والشركات، في عدة محافظات وسط استنفار لكوادر البلديات.
لكن اللافت، كان دخول
مياه الأمطار إلى صالات مطار بغداد الدولي، حيث تم تداول فيديوهات توضح دخول المياه إلى صالات استقبال الوفود والشخصيات الرسمية في المطار.
وقررت عدد من المحافظات تعطيل الدوام الرسمي فيها يوم الاثنين، بسبب الأمطار الغزيرة.
من جانبها، أعلنت هيئة الأنواء الجوية أن "محطة بغداد المطرية سجلت 68،8 ملم كمية الأمطار المتساقطة لغاية الساعة التاسعة من مساء اليوم".
وبحسب توقعات الهيئة فإن موجة الأمطار تستمر ليوم غد مع حدوث عواصف رعدية.
سيناريو مكرر
ومنذ 21 عاما يعاد المشهد كل عام حيث تغرق شوارع المدن العراقية بمياه الأمطار إذ لم تنجح هذه الحكومات المتعاقبة في إنشاء سدود تجنب السكان هذه الكوارث.
وتعود شبكات تصريف المياه في العراق “المجاري” لسنوات طويلة، ورغم مرور كل تلك المدة لم تشهد الشبكة تطويرا سوى بعض الترميمات البسيطة.
ويشار إلى أن شبكة تصريف المياه التي يعتمد عليها العراق أنشئت في وقت لم تكن البلاد بهذه الكثافة السكانية ولا الاتساع العمراني.
وتتسبب موجات الغرق كل عام بتلف ممتلكات الكثير من العراقيين خصوصا في المناطق الشعبية الفقيرة، كما أنها تعتبر ثروة مهدورة لعدم وجود سدود تحجز مياه الأمطار في وقت بات العراق من أكثر البلدان معاناة من الجفاف صيفا.
تهالك البنى التحتية
ومع كل منخفض جوي تغرق شوارع المدن العراقية بالمياه، لعدم وجود أنظمة التصريف وتهالك البنى التحتية، مما يتسبب بمضاعفة خطر
السيول والفيضانات المطرية.
وبالرغم من تخصيص مليارات الدنانير ما زالت المدن العراقية عرضة إما للجفاف والحر الخانق صيفا والسيول وغرق المدن في الشتاء.
وانتقد مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي إجراءات الحكومات المتعاقبة وعجزها عن إيجاد حلول لمعالجة الأزمة التي تتكرر كل عام.
مليارات مهدورة
وانتقد نشطاء عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي عدم قدرة أجهزة الدولة على التعامل مع هذه الأمطار، وتداولوا صورا ومقاطع توضح حالة الشوارع والبيوت، وتأثر عدد من العائلات.
وتساءل عراقيون عن مصير المليارات التي صُرفت على مشاريع إنشاء وتأهيل شبكات الصرف الصحي في البلاد طيلة السنوات الماضية، داعين الحكومة للالتفات إلى المشاريع التي تخدم المواطن.
الجفاف والغرق
ويعاني العراق خلال السنوات الأخيرة من موجة جفاف شديدة ودرجات حرارة عالية تجاوزت 50 درجة مئوية خلال فصل الصيف.
وتسجل البلاد بشكل متتال تراجعا في منسوب نهري دجلة والفرات، خصوصا بسبب قلة الإيرادات الواصلة من تركيا وقطع إيران لبعض الروافد المائية، بالإضافة لزيادة الاستهلاك المائي بما يتخطى المساحات المقررة من السلطات.
ويمثل ملف المياه إحدى أهم المشاكل الأساسية في العراق، إذ تزداد رقعة التصحر بشكل سنوي، بالتزامن مع جفاف مسطحات مائية ضخمة كان يعتمد عليها العراق مثل بحيرة حمرين والرزازة.
وتثار المخاوف من مصير مشابه لمناطق الأهوار في الجنوب ومزارع وبساتين وسط وشمال العراق.
العراق وتغير المناخ
يُفسر التطرف في مناخ العراق بأنه من تداعيات تغير المناخ في حيث يعد العراق خامس أكثر دول العالم تضررا منها وفق الأمم المتحدة.
وذكرت المنظمة الأممية أن تغير المناخ يعد من أكبر المخاطر التي تواجه العراق.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" وبرنامج الأغذية العالمي، إن العراق من أكثر دول العالم تأثرا بتغير المناخ، ما يستدعي الحاجة إلى مواجهة تبعات الأزمة.
وذكرت المنظمتان، أن العراق يعتبر من أكثر المناطق التي تتأثر بتداعيات تغير المناخ، ما يعني أن الزراعة في البلاد قد تكون عرضة لأجواء متطرفة صيفا وشتاء.
وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك في أيلول/سبتمبر الماضي، من أن ما يواجهه العراق من ارتفاع في درجات الحرارة وجفاف هو بمثابة "إنذار" للعالم أجمع، وإشارة إلى أن حقبة الغليان العالمي قد حلت.
سيول كارثية
والأسبوع الماضي، ضربت موجة سيول عنيفة محافظة دهوك العراقية في إقليم كردستان أقصى شمالي البلاد، إثر موجة الأمطار المتواصلة في المناطق الشمالية.
وأعلنت مديرية الدفاع المدني فقدان شخصين جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت على المحافظة وتسببت بفيضانات.
وذكر الدفاع المدني، أن عشرات المنازل غرقت في مدينة دهوك، كما أغلقت السيول والأمطار شوارع وأحياء كاملة في المدينة وضواحيها.
وطالب قائم مقام قضاء مركز محافظة دهوك، إسماعيل محمد، السكان بعدم الخروج من بيوتهم إلا عند الضرورة.
وقال مسؤول إعلام المديرية المقدم بيوار عبد العزيز إن "میاه السيول دخلت عددا من المنازل وسط مدينة دهوك".
وأضاف أن الأمطار تسببت بوفاة شخصين كانا فقدا بوقت سابق، وتم العثور عليهما في نفق نزاركي الواقع علی شارع بارزان الرئيسي في المدينة.
وأكد تضرر أكثر من 30 منزلا جراء السيول كحصيلة أولية، داعيا "سائقي السيارات والمواطنين القادمين من أربيل إلی دهوك بعدم المرور بشارع بارزان الرئيسي بسبب السيول".