سياسة دولية

متغيرات عديدة تضع نتنياهو بين فكي كماشة.. الحرب وصفقة التبادل

أزمات مركبة زادت من هشاشة مشهد الاحتلال- جيتي
مع دخول العدوان على غزة، شهره السادس بدا واضحا أن الخناق يضيق على الاحتلال جيشا وحكومة أكثر من أي وقت مضى.

وشهدت الساحة الدولية والمحلية تحركات بدا معها قرب نزول نتنياهو من على شجرة وعوده، تحت نيران المقاومة التي ما تزال تقاتل في شتى مناطق القطاع.

وكانت المعركة التي شهدها مجمع الشفاء الطبي ليل الاثنين، ضربة أخرى لرواية الاحتلال التي تتحدث عن تدمير كتائب القسام في تلك المناطق.

ولم يختلف كثيرا المشهد السياسي للاحتلال عن الواقع الميداني في غزة، سوى انتقال التوتر من شوارع وأنفاق القطاع إلى غرف الدبلوماسية وقاعات الاجتماعات.

حتى صار واضحا أن الاحتلال جيشا وحكومة، بات بين فكي كماشة، إما القبول بصفقة تبادل الأسرى وإيقاف العدوان، وتلاشي وعود نتنياهو السابقة، وإما المضي قدما بخيار الحرب وهذا يعني استمرار الدوران بحلقة مفرغة، وتعقد العلاقة مع واشنطن فضلا عن الضغط في الضفة والداخل المحتل والجبهة مع لبنان.

وطرأت على ميدان غزة والساحة الدولية متغيرات عدة خلال الفترة الماضية تكشف بلا مواربة موقف نتنياهو المأزوم.


مساعدات مؤمنة
ووصلت منذ الأحد وحتى الليلة الماضية إلى شمال قطاع غزة، العشرات من شاحنات المساعدات الإنسانية، حيث جرى تفريغها في أحد مراكز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) شرقي جباليا، لتوزيعها على أكبر عدد من المحتاجين.

وبعد أن ارتكب الاحتلال عدة مجازر ضد المدنيين الذين ينتظرون المساعدات، وصلت هذه المرة وبطريقة آمنة.

وعممت قوات الأمن في غزة تعليمات للفلسطينيين لضمان وصول المساعدات بشكل آمن وحفاظا على سلامة السكان، حيث منعت التوجه إلى دوار الكويت وسط مدينة غزة لتسلم المساعدات أو التجمهر في شارع صلاح الدين أثناء قدومها.

كما حذر التعميم من مخالفة التعليمات تحت طائلة المحاسبة، ودعا المواطنين في غزة إلى التحلي بالمسؤولية وعدم المشاركة في إشاعة الفوضى وتجويع أبناء الشعب الفلسطيني.

وعن ذلك قال مدير المرصد الأورومتوسطي رامي عبده، إن ورقة واحدة عممتها الأجهزة الأمنية في غزة اليوم قوبلت بالتزام كامل من السكان، لتنجح تلك الأجهزة وللمرة الأولى بتأمين إدخال بعض الاحتياجات الإنسانية لتصل إلى أقصى نقطة في الشمال.

الأونروا دحضت رواية الاحتلال 
لم يستطع الاحتلال تقديم دليل واحد مقنع، يثبت به مزاعمه ضد وكالة الأونروا والتي دفعت حينها عدة دول لوقف تمويل الوكالة الخاصة باللاجئين الفلسطينيين.

ودفع تفكك رواية الاحتلال أستراليا وكندا والسويد للعودة عن قراراتهم بشأن الوكالة، واستئناف تمويلها.

وعلى الصعيد الأمريكي، كانت النبرة أوضح فقد أكد السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين أن المزاعم حول تعاون وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مع حماس كانت "كذبة صارخة".

وأضاف، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وآخرين يكذبون لتعزيز أجندتهم الخاصة.

وتابع السيناتور: "شيطنة (الأونروا) فيما يتعلق بهجوم (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي كانت محاولة من قبل نتنياهو للتخلص من الوكالة".

تأجيل عملية رفح
أعلنت حكومة الاحتلال الجمعة، المصادقة على خطة اجتياح مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية، بالتزامن مع سعي عربي ودولي لإتمام هدنة ثانية بقطاع غزة.

في المقابل شككت وسائل إعلام عبرية في صحة إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الجمعة، بشأن الموافقة على خطة عملياتية لاجتياح بري لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

وذكرت تقارير القناة "12" العبرية، "أن العملية البرية في رفح ليست وشيكة رغم تصريحات نتنياهو".

ونقلت عن مصادر مطلعة قولها، "إن حديث نتنياهو عن عملية وشيكة في رفح يبدو أكثر كأداة ضغط على حركة حماس للموافقة على صفقة الرهائن المتعثرة".

الجيش مستنزف
تلقى جيش الاحتلال خسائر فادحة خلال المعارك المستمرة في القطاع منذ أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث قتل 593 ضابطاً وجنديا، بينهم 249 منذ بدء الهجوم البري، فيما أصيب 3082 ضابطا وجنديا.

وعانى جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، خلال المعارك في خانيونس حيث تعرض لانتكاسات عدة كان آخرها في مدينة حمد، التي وصفها ضباطه بأنها الأصعب منذ بدء الهجوم البري.

والجمعة نقلت شبكة "إيه بي سي" الأمريكية، عن مسؤول "إسرائيلي" رفيع قوله، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لديه نقص في قذائف المدفعية وقذائف الدبابات، وحذر من أن إسرائيل قد تخسر الحرب على غزة إذا لم تتوفر الذخيرة والشرعية، قائلا إن كليهما بدأ ينفد.

وأضاف المسؤول، أن الجيش في حاجة إلى بعض معدات التوجيه الحساسة.

بدوره ذكر الكاتب "الإسرائيلي" عاموس هرئيل في مقال بصحيفة "هآرتس"، أن أحد أهداف نتنياهو من التهديد باجتياح رفح، كسب الوقت لانشغال لا نهائي يبعد نهاية الحرب ويؤخر النقاش العام والسياسي حول التحقيق في الإخفاقات التي سمحت بهجوم 7 أكتوبر.

وأضاف، "أنه لا توجد حتى الآن قدرة لدى الجيش الإسرائيلي لشن عملية عسكرية في رفح".

الموقف الأمريكي

عملية رفح
وفي أعقاب الضغط الذي يتعرض له بايدن بسبب دعمه المطلق للاحتلال، شهد الموقف الأمريكي تحولات خصوصا من العملية في رفح.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان الاثنين، إن عملية برية كبيرة في رفح ستكون خطأ وستعمق الفوضى في غزة.

وأضاف، أن بايدن أكد لنتنياهو سبب قلقه الشديد من أي عملية عسكرية كبيرة في غزة، خصوصا أن السكان ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه.

وتابع، أن عدد المدنيين الأبرياء الذين لقوا حتفهم في هذا الصراع أكثر من كل حروب غزة مجتمعة.

تعهدات خطية
ذكر موقع "واللا" العبري، أن وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت وقع على رسالة موجهة إلى الإدارة الأمريكية، تتعهد فيها حكومة الاحتلال باستخدام السلاح الأمريكي بموجب القانون الدولي وستسمح بمساعدات إنسانية لغزة تكون مدعومة من الولايات المتحدة.

وجاء التعهد، ردا على مذكرة أمن قومي وقعها بايدن مطلع الشهر الماضي، بسبب الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها بايدن من الديمقراطيين.

وقال الصحفي "الإسرائيلي" باراك رافيد إن مجلس الحرب صادق الأحد الماضي، على أن يوقع غالانت على رسالة التعهدات، لكن غالانت ماطل ووقع عليها أمس فقط، ثم تم تسليمها إلى السفير الأمريكي، جاك لو.


ضغط في واشنطن 
تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير لها حمل عنوان "الديمقراطيون يبيعون إسرائيل"، "إن الإسرائيليين يلاحظون أن الرئيس نادرا ما يتحدث عن هزيمة حماس بعد الآن وهو يهاجم إسرائيل بدلا عن ذلك وتحت غطاء تقريع رئيس وزرائها".

وأضافت، "هذه الرقصة هي طريقة السيد بايدن لتلبية احتياجات اليسار المناهض لإسرائيل دون تنفير الجزء الأكبر من الناخبين الأمريكيين الذين قد يجدون أنه من غير المعقول الانقلاب على الشعب الإسرائيلي في زمن الحرب".

وبدا أن الغضب في الولايات المتحدة آخذ في التصاعد، فقد انتقد السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز مرارا دعم الولايات المتحدة العسكري للعدوان على غزة.

وأضاف في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن هناك قلقا متزايدا بين الشعب الأمريكي وفي الكونغرس من أن ما تفعله إسرائيل الآن ليس حرباً ضد حماس، بل حرب ضد الشعب الفلسطيني.

https://www.nytimes.com/2024/01/16/us/politics/senate-israel-aid.html

وتابع، "أن حقيقة أن الأطفال يتضورون جوعا حتى الموت بفضل المساعدات العسكرية الأمريكية أمر مشين".

ولم يقتصر النقد على ساندرز فقد تبعه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور تشاك شومر، الذي انتقد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبين أنه "ضلّ طريقه، وعلى إسرائيل إجراء انتخابات جديدة".

وذكر شومر خلال كلمة ألقاها بقاعة مجلس الشيوخ الجمعة، "أعتقد أنه لتحقيق هذا السلام الدائم، الذي نتوق إليه بشدة، يجب على إسرائيل إجراء بعض التصحيحات المهمة في المسار"، مبينا "أن رفض إسرائيل حل الدولتين خطأ فادح".

وشدد شومر، وهو أعلى مسؤول يهودي منتخب في الولايات المتحدة، على ضرورة إجراء دولة الاحتلال "تصحيحات كبيرة في المسار لتحقيق السلام مع الفلسطينيين".

وأضاف: "بعد 5 أشهر من المعاناة على جانبي هذا الصراع، يجب أن يتحول تفكيرنا بشكل عاجل إلى كيفية تحقيق السلام الدائم واستدامة وضمان الرخاء والأمن للشعبين اليهودي والفلسطيني في الشرق الأوسط".

إمداد الأسلحة
تحدث المسؤول "الإسرائيلي" لشبكة "إيه بي سي"، عن تأخير الولايات المتحدة في بعض المساعدات العسكرية لإسرائيل، مشيرا إلى أن أي تأخير في تسليم المساعدات الأمريكية يثير القلق، لا سيما أن الدول الأوروبية باتت مترددة في بيع الأسلحة لدولة الاحتلال.

وأوضح المسؤول، أنهم ليسوا متأكدين من سبب تأخير المساعدات، لكنهم يدركون مدى إحباط الولايات المتحدة من الحرب.

صفقة التبادل
وصل أمس الاثنين وفد التفاوض "الإسرائيلي"، إلى العاصمة القطرية الدوحة، لتقديم الرد على مقترح حركة حماس بشأن صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ونقلت القناة "12" العبرية عن مصادر قولها، "إن الوفد سيغادر بعد أن حصل من المجلس الوزاري المصغر على تفويض بإجراء مفاوضات عامة".

كما نقلت عن مسؤول "إسرائيلي" قوله، "ستكون عملية طويلة ومعقدة، المفاوضات تتجه لتكون مع زعيم حماس في غزة يحيى السنوار".

وقال إن "التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي يتيح فتح مفاوضات حقيقية وفريق التفاوض عازم على التوصل إلى اتفاق".

من جانبها نقلت هيئة البث العبرية عن مصادر قولها، "إن فريق التفاوض حصل على تفويض واضح من الكابينت".

وبينت، "لم يحصل الفريق على كل ما طلبه، لكنه حصل على ما يكفي لتحريك المفاوضات التي ستُجرى بين إسرائيل والسنوار، وليس مع الوسطاء، ولذلك، فإن أي تغيير سيستغرق وقتا".

الكرة في ملعب الاحتلال
على غير عادته بتبني رواية الاحتلال، قال البيت الأبيض إن مقترح حركة حماس يقع بالتأكيد ضمن إطار الصفقة التي تم العمل عليها خلال الأشهر الماضية.

وعبّر البيت الأبيض عن تفاؤل حذر بأن محادثات وقف إطلاق النار في غزة تتحرك في الاتجاه الصحيح.

وقال مسؤول أمريكي لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن رد حماس كان ضمن الإطار المتفق عليه في اجتماع باريس الأخير.

وذكر وزير الخارجية أنتوني بلينكن الجمعة، "أن بلاده تعمل بشكل مكثف مع مصر وقطر وإسرائيل لسد الفجوات المتبقية بشأن اتفاق تبادل الأسرى".

وأضاف بلينكن أن هناك محادثات تجري الآن بشأن الصفقة، وأن "إسرائيل" ترسل فريق تفاوض لمتابعة هذا الأمر، مما يعكس إمكانية وضرورة التوصل إلى اتفاق، بحسب تعبيره.


مقترح حماس
وشمل مقترح حماس ثلاث مراحل يستمر تنفيذ كل منها 6 أسابيع، يتخللها تبادل لأسرى وعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، وإعلان وقف دائم لإطلاق النار.

وبحسب القناة العبرية، فإن هدف الاحتلال هو التوصل إلى 42 يوما هدنة مقابل عودة 40 أسيرا من غزة.

ويأتي المقترح الجديد الذي قدمته الحركة، عقب فشل جهود التوصل إلى تهدئة خلال الأسبوعين الماضيين، بسبب تعنت الاحتلال، واعتباره أن مقترح حماس المقدم سابقا، غير قابل للتطبيق.

ويظهر الفرق بين المقترح الجديد والقديم في مدة كل مرحلة من المراحل الثلاث، وعدد الأسرى الممكن الإفراج عنهم خلال المرحلة الأولى، وموعد استحقاق شرط الوقف الدائم لإطلاق النار إضافة إلى تفاصيل أخرى.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع