قال
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنه "منذ مقتل ثلاثة أمريكيين في هجوم على قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود الأردنية-السورية، بقيت الجماعات التي تُطلق على نفسها اسم "المقاومة" غير نشطة تقريباً، باستثناء شنها موجة من
الهجمات الوهمية والمحبطة وتلك التي تم التنصل منها، في إشارة إلى أمر من إيران بتهدئة الأمور".
وأضاف المعهد في تحليل لمايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران، "في 28 كانون الثاني/ يناير 2024، ضربت المليشيات المدعومة من إيران خمسة أهداف أمريكية في
العراق وسوريا والأردن، من ضمنها الهجوم الدامي بطائرة بدون طيار الذي أدى إلى مقتل ثلاثة أمريكيين وإصابة عدد أكبر في قاعدة "البرج 22".
ومنذ ذلك الحين، وفي ظل الزيادة المفاجئة في تصميم الولايات المتحدة على الانتقام، أوقفت الجماعات المدعومة من إيران بشكل شبه كلي الهجمات الفعلية، محوّلةً الهجمات المتبقية إلى سوريا بوتيرة أقل، ومتبنيةً على ما يبدو هجمات وهمية فقط داخل العراق، وفق المعهد.
وحتى قبل وصول قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، إلى بغداد في 30 كانون الثاني/ يناير، كانت "
كتائب حزب الله" وشبكة "صابرين نيوز"، الخاضعتان بشدة لسيطرة إيران، تخفضان حدة الصراع بين الولايات المتحدة والمليشيات.
ووفقاً لما أفادت به "الأضواء الكاشفة للمليشيات"، فإن مسألة تبني الهجمات على الفور أصبحت غريبة للغاية، حيث أظهرت بوادر الارتباك والانشقاق حول مواصلة الهجمات.
وفي 29 كانون الثاني/ يناير، يبدو أن حركة "
النجباء" نفذت "هجومين" آخرين، وأدى كلاهما إلى نتائج غريبة جداً.
فعلى الحدود بين العراق وسوريا، تم على ما يبدو إحباط عملية إطلاق صواريخ عيار 122 ملم عابرة للحدود يُعتقد أن حركة "النجباء" هي التي أطلقتها عندما تخلى طاقم الصواريخ عن المركبة بعد أن تعرض أفرادها للمضايقة من القوات العراقية.
وفي 30 كانون الثاني/ يناير، تحطمت طائرة مسيّرة من طراز "كي إيه إس-04" بعد وقت قصير من إقلاعها في منطقة كركوك دون اختراق المجال الجوي الكردستاني.
وتعد كلتا الحالتين غير عاديتين إلى حد ما، وكانت النتيجة النهائية أن إحدى الجماعتين - ربما حركة "النجباء" - آظهرت نية مستمرة لشنّ هجمات دون إنهائها فعلياً.
وفي 31 كانون الثاني/ يناير، أعلنت حركة "النجباء" (وليس "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق") مسؤوليتها عن هجوم آخر بطائرة مسيّرة على "قاعدة حرير الجوية" دون توفر أي دليل بشأنه، وقد تبرأت منه شبكة "صابرين نيوز"، ما أدى إلى خلاف بين "النجباء" و"كتائب حزب الله" والإغلاق المؤقت لشبكة "صابرين نيوز".
ونشر "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق" ملخصا تبنى فيه الهجوم على إسرائيل في الأول من شباط/ فبراير ثم قام بإزالته، وهو (مجدداً) تصرف غريب جداً، وفقا لتحليل المعهد.
وذكر المعهد، أنه بعد ذلك تغيرت إدارة حساب "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق" في 2 شباط/ فبراير، وفي تقييمنا أنها ما زالت تحت سيطرة حركة "النجباء" وليس "كتائب حزب الله".
وقال الكاتب، إن حركة "النجباء" وحدها ضربت القواعد الأمريكية وتلك الكائنة داخل سوريا ومن نقاط إطلاق سورية فقط منذ شن الولايات المتحدة غارات داخل العراق.
ويرى نايتس، في أعقاب قيام الولايات المتحدة بقتل اثنين من كبار عناصر "كتائب حزب الله" في بغداد في 7 شباط/ فبراير، والرد الأولي الخافت بشكل مفاجئ لـ "كتائب حزب الله"، يجدر تقديم النظرية التالية كنوع من الافتراض القابل للدحض.
وتساءل: "لتجنب ضرب إيران وتفادي الاستهداف الحركي لعناصر "كتائب حزب الله" المنتشرة عبر "قوات الحشد الشعبي" أو فرض عقوبات عليها، هل بعث "فيلق القدس" رسالة حازمة لوقف التصعيد ضد الولايات المتحدة، مغيراً مساره بعد عدة أسابيع من تخطيه الحدود عبر اتخاذه إجراءات محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد في كانون الثاني/ يناير؟".
وقال نايتس، إنه منذ 28 كانون الثاني/ يناير، تصرفت "كتائب حزب الله" وبتشجيع من قاآني بطريقة تتسم بالانضباط ونكران الذات، إذ قبلت إلقاء اللوم عليها وانتقادها لوقف الهجمات المعادية للولايات المتحدة، ثم تقبلت الأضرار المادية في 3 شباط/ فبراير والخسائر في القيادات في 7 شباط/ فبراير.
وسعت حركة "النجباء" خلال هذه الفترة إلى الاحتفاظ بحرية مهاجمة
القوات الأمريكية، وقد مُنحت هذه الحرية، طالما أنها تتم بوتيرة منخفضة، وبطرق غير استفزازية نسبياً، وتبقى داخل سوريا تماماً.
وبعد بضعة أيام من الجدال حول هذا الإعفاء، تم منح حركة "النجباء" زمام القيادة في العمليات المناهضة للولايات المتحدة في سوريا والسيطرة على حساب "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق".
إذا صحّ جزء كبير من هذه النظرية، فسوف تتجاهل "كتائب حزب الله" حتى ضربة 7 شباط/ فبراير على اعتبار أنها ثمن لا مفر منه لقتل الأمريكيين وطريقة مفيدة لإظهار تفانيها وانضباطها تجاه فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وختم نايتس: "بينما ستقوم حركة "النجباء" بشن ضربات أقل خطورة، وأقل استفزازية في الأراضي السورية فقط".