وجه
الاحتلال
الإسرائيلي "نداء عاجلا" إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة، لمساعدته في
غزة، بعد أن وصلت العملية العسكرية إلى مدينة
رفح آخر منطقة وصل إليها النازحون
الفلسطينيون من جميع مناطق القطاع، بمحاذاة الحدود مع مصر.
ما هو المهم في هذا؟
اعتبر
الاحتلال الإسرائيلي الذي تجاهل جميع ملاحظات المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية والأممية، وقرارات
محكمة العدل الدولية، أنه "حان الوقت" الآن بعد أكثر من أربعة أشهر، للمجتمع الدولي
لتقديم المساعدة في حماية المدنيين في غزة، على حد تعبيره.
وهذه هي المرة الأولى التي ينتقل فيها الاحتلال من مهاجمة منظمات
الأمم المتحدة، إلى طلب مساعدتها صراحة.
وقد ينظر إلى
هذا الطلب الإسرائيلي من زاويتين؛ الأولى أن الاحتلال عاجز عن إقناع المدنيين بالنزوح
من رفح المتخمة بـ 1.7 مليون فلسطيني يعيشون أوضاعا سيئة،
ما قد يرفع عدد الضحايا المدنيين في العملية العسكرية التي بدأت هناك مساء الأحد، وأثارت
جدلا واسعا وتحذيرات دولية من مجازر جديدة.
من زاوية
ثانية، قد يرغب الاحتلال بالتخلص من اللوم بشأن الضحايا المدنيين، وإلقاء اللوم
على الأمم المتحدة في غزة والتي لا تملك أي مقومات لوجستية على الأرض.
وكان الصليب
الأحمر قد صرح سابقا أنه لا يستطيع أن يضمن سلامة أي نازحين خلال الانتقال من مكان
لآخر، وأنه لا يرعى رسميا عمليات النزوح إلى المناطق التي أعلنها جيش الاحتلال
"آمنة" سابقا.
وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تلقت بالفعل طلبات للإخلاء من مستشفيات في شمال غزة، لكنها لم تشارك في أي عملية إخلاء، ولم تلتزم فرقها بذلك، بسبب الوضع الأمني على الأرض.
مؤخرا
وصلت العلاقات
بين الاحتلال الإسرائيلي والأمم المتحدة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر
الماضي، إلى أدنى مستوياتها، في خلافات وصفت بأنها "تاريخية" وغير مسبوقة
إلى درجة أن الاحتلال اعتبر أن سلوك المنظمة الأممية "وصمة عار" على
جبين المجتمع الدولي.
كما هاجم
الاحتلال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بعد أن استخدم المادة 99
من ميثاق المنظمة للفت انتباه مجلس الأمن إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية في
غزة من شأنها أن تفاقم التهديدات القائمة لصون السلم والأمن الدوليين، وحث المجلس على "الضغط من أجل تجنب كارثة إنسانية".
وانتقد وزير
الخارجية الإسرائيلي السابق إيلي كوهين، غوتيريش وقال إن ولايته على رأس الأمم
المتحدة تشكل "خطراً على السلام العالمي" وإن دعوة الأمم المتحدة لوقف
إطلاق النار في غزة لا تختلف عن عملية "طوفان الأقصى" ضد الاحتلال.
على جانب آخر،
تشن إسرائيل حربا كبيرة على أبرز منظمات الأمم المتحدة، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين "أونروا" التي تضطلع بالعمل الأبرز في غزة، إلى درجة وصفها
بأنها ناطقة إعلامية باسم "حماس"، وسط دعوات لحلها، وتجفيف التمويل
الدولي لها.
ماذا يقال حول
الموضوع؟
قال الناطق باسم
حكومة الاحتلال إيلون ليفي، في مؤتمر صحفي: "نوجه نداء عاجلا إلى المجتمع
الدولي، لقد حان الوقت لمساعدتكم في حماية المدنيين في غزة من حماس".
وأضاف:
"نحث وكالات الأمم المتحدة على التعاون مع جهود إسرائيل لحماية المدنيين من
حماس وإخلائهم من مناطق الحرب"، وفق تعبيره.
وتابع ليفي:
"لا تقولوا إن إخلاء المدنيين غير ممكن، وإنما اعملوا معنا على إيجاد
الطرق للتعاون".
من جانبه، قال
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الاثنين إن الأمم المتحدة
لن تشارك في عملية "التهجير القسري للسكان" في رفح، مكررًا أنه لا يوجد
"مكان آمن" في قطاع غزة لنقلهم إليه.
وردا على سؤال
عن احتمال مشاركة الأمم المتحدة في عملية الإجلاء هذه، شدد المتحدث باسم الأمين
العام أنطونيو غوتيريش على ضرورة "الاحترام الكامل للقانون الدولي وحماية
المدنيين".
وأضاف
"لن نشارك في التهجير القسري للسكان ... في الوضع الحالي، لا يوجد أي مكان
آمن في غزة".
وشدد المتحدث
على أنه "لا يمكن إعادة الناس إلى مناطق تملأها الذخائر غير المنفجرة، ناهيك
عن عدم وجود مأوى" يلجأون إليه، في إشارة إلى المناطق الشمالية والوسطى في
قطاع غزة التي شهدت دماراً هائلا.
على جانب
حقوقي قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، الاثنين، إن إجبار
إسرائيل 1.7 مليون نازح فلسطيني بمدينة رفح جنوب قطاع غزة على الإخلاء مجدداً
"غير قانوني، وستكون له عواقب كارثية".
جاء ذلك في
منشور للمنظمة الحقوقية على حسابها عبر منصة "إكس".
وأضافت
"رايتس ووتش" أن "إجبار 1.7 مليون نازح فلسطيني في رفح على الإخلاء
مجددا، بلا مكان آمن يأوون إليه، غير قانوني وستكون له عواقب كارثية".
الصورة الأوسع
يرى الاحتلال
أن توسيع العملية العسكرية نحو رفح التي يصفها بأنها آخر معاقل كتائب
حماس المقاتلة، هي الطريقة الأنجع من أجل تحرير الأسرى في القطاع.
ويدفع الجيش
بأن مزيدا من الضغط العسكري في رفح من شأنه الحصول على اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل
أسرى بشروط أفضل لتل أبيب.
فيما ترى حماس
أن أي عملية عسكرية قد تشنّها على مدينة رفح ستؤدي إلى "نسف مفاوضات"
التبادل بين الأسرى الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين.
وقال قيادي في
الحركة طلب عدم كشف اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية، إن "أي هجوم لجيش الاحتلال
على مدينة رفح، يعني نسف مفاوضات التبادل" بشأن الأسرى الذين تم احتجازهم
إبان هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ماذا ننتظر؟
يترقب العالم
الآن كيف سيتصرف الاحتلال بعد رفض الأمم المتحدة الطلب بمد يد العون له وإجلاء سكان مدينة رفح من أجل إفساح المجال لإكمال العملية العسكرية تحت ضغوط دولية كبيرة بشأن الضحايا من المدنيين.