نشر موقع "فوكس" تقريرا
تناول الأحداث المتعلقة بضربة الطائرة المسيرة التي وقعت في الأردن، وسلط الضوء
على أهم التأثيرات الجيوسياسية والاستراتيجية المحتملة لهذه الحادثة. وأشار
التقرير إلى الاستنتاجات والتحليلات التي قدمها الخبراء بشأن الهجوم وما إذا كان
له تأثير على استقرار المنطقة.
وقال الموقع إن الجيش الأمريكي اعتاد
على امتلاك السماء، وكان التفوق الجوي الأمريكي في الصراعات الأخيرة كاملا لدرجة
أنه لم يقتل أي جندي بري أمريكي على يد طائرة معادية منذ الحرب الكورية، التي
انتهت قبل أكثر من 70 عاما.
لكن اعتمادا على تعريفك لكلمة
"طائرة"، فإنه ربما تغير ذلك يوم الأحد، عندما قُتل ثلاثة جنود أمريكيين في
غارة بطائرة مسيرة على قاعدة أمريكية في الأردن بالقرب من الحدود السورية، وأصيب
أكثر من 40 جنديًا في الغارة، بحسب البنتاغون. وأعلنت المقاومة الإسلامية في العراق،
وهي مجموعة من المليشيات المدعومة من الحكومة الإيرانية والتي تعارض الوجود
الأمريكي في المنطقة ودعمها للاحتلال الإسرائيلي، مسؤوليتها عن الهجوم. ونفت طهران
تورطها، لكن نائبة السكرتير الصحفي للبنتاغون، سابرينا سينغ، قالت إن إيران تقف
وراء ذلك، وتعهد الرئيس جو بايدن بمحاسبة جميع المسؤولين في الوقت وبالطريقة
المناسبين.
وأشار الموقع إلى أن سينغ لم تحدد
السلاح المستخدم على وجه التحديد، لكنها وصفته بأنه "نظام جوي بدون طيار
للهجوم في اتجاه واحد"، ما يعني أنه مصمم للاصطدام بهدفه والانفجار، ويشير
هذا إلى أنها قد تكون مشابهة لما يسمى بـ"طائرات الكاميكازي المسيرة"
التي زودت إيران الجيش الروسي بأعداد كبيرة منها لاستخدامها في أوكرانيا. وبحسب ما
ورد فإن الطائرة قصفت بالقرب من أماكن نوم القوات، ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا. ويشير تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال إلى أن الطائرة التابعة للمليشيا ربما تكون
قد أفلتت من أنظمة الدفاع الجوي لأنه تم الخلط بينها وبين طائرة أمريكية مسيرة كان
من المقرر أن تعود إلى القاعدة في نفس الوقت.
وهذا الهجوم ليس الأول من نوعه؛ فمنذ
7 تشرين الأول/ أكتوبر، استهدفت الجماعات المدعومة من
إيران القوات الأمريكية أكثر من 150 مرة بطائرات مسيرة وصواريخ وقذائف، ما تسبب
في عشرات الإصابات.
وبحسب بول لوشينكو، المقدم في الجيش
الأمريكي والخبير في حرب الطائرات المسيرة، فإن ضربة قاتلة لطائرة مسيرة معادية
على القوات الأمريكية كانت مسألة وقت لا أكثر، لأن جميع الجيوش، بما في ذلك
الولايات المتحدة، معرضة لهذه القدرات.
ويعد الهجوم في الأردن أحد أكثر
العلامات دراماتيكية حتى الآن على التحول في الدور الذي تلعبه الطائرات بدون طيار
في ساحات القتال حول العالم، وعلامة على تأثيرها على توازن القوى العالمي.
العصر الثاني للطائرات المسيرة
وأفاد الموقع بأن الولايات المتحدة تمتعت
باحتكار تكنولوجيا الطائرات المسيرة في العقد الذي أعقب أول استخدام لها في الحرب
في أفغانستان في عام 2001؛ حيث استخدم الجيش الأمريكي، ووكالة المخابرات المركزية،
وعدد قليل من الحلفاء المختارين الطائرات المسيرة لمطاردة أو مراقبة الإرهابيين
والمتمردين خارج ساحات القتال المعلنة رسميا، ولتقديم الدعم الجوي للقوات البرية.
ووفقا لجيمس روجرز، خبير الطائرات
المسيرة ومدير معهد سياسات التكنولوجيا في جامعة كورنيل، فإن الأنظمة الجوية
المسيرة، مثل بريداتور وريبر وغلوبال هوك، أصبحت رمزًا لفترة ما بعد 11
أيلول/سبتمبر؛ حيث أصبحت الروبوتات العسكرية رأس الحربة في نشر القوات الأمريكية
والقوات المتحالفة معها.
وأوضح الموقع أن النقاش في هذه الفترة
حول الطائرات المسيرة ركز على أخلاقيات وشرعية الأداة التي يمكن للولايات المتحدة
استخدامها لضرب أي مكان تقريبًا بأقل قدر من المخاطر على جنودها. وبحلول فترة
أوباما، كان مصدر القلق الرئيسي يتلخص في أن الولايات المتحدة أصبحت تعتمد بشكل
مفرط على أداة جعلت الحرب أسهل بالنسبة للشعب الأمريكي، ولم تكن فكرة إمكانية
استخدام مثل هذا السلاح ضد القوات الأمريكية مدرجة على جدول الأعمال.
لكن عالم حرب الطائرات المسيرة أصبح
ديمقراطيا منذ ذلك الحين، ففي عام 2010، كان لدى حوالي 60 دولة نوع من الطائرات
العسكرية المسيرة في ترساناتها، وبحلول عام 2020، وصل العدد إلى 102، وفقا لتقرير
صادر عن مركز كلية بارد لدراسة الطائرات المسيرة. أربعون من هذه الدول كانت لديها
أو كانت في طريقها للحصول على طائرات مسيرة يمكنها شن هجمات مميتة، بدلا من طائرات
المراقبة المسيرة، ويكاد يكون من المؤكد أن الأرقام قد زادت منذ ذلك الحين.
وأضاف الموقع أن الولايات المتحدة لم
تعد أكبر مصدر للطائرات العسكرية المسيرة على مستوى العالم، فقد حلت محلها الصين،
التي استخدمت طائراتها بدون طيار في اليمن وميانمار وإثيوبيا. وتعد روسيا ودولة
الاحتلال وإيران وتركيا من المصدرين الرئيسيين أيضا، وقد حظيت الطائرة التركية
المسيرة بيرقدار تي بي2 بشعبية كبيرة في الأيام الأولى من الحرب الأوكرانية لدرجة
أنها ألهمت أغنية شعبية واسعة الانتشار.
وفي كثير من الأحيان لا تكون الطائرات
المسيرة الأكثر فعالية في الحروب اليوم هي الأكثر تقدما مثل بريداتور وريبر، ولكن
النماذج الرخيصة والقابلة للاستبدال، وتشمل هذه الطائرات طائرات شاهد
"الكاميكازي"، فضلاً عن المروحيات الرباعية الاستهلاكية الجاهزة
للاستخدام العسكري.
وتابع الموقع بأن تصور دور الطائرات
المسيرة تغير أيضا، فحتى وقت قريب، كان يُنظر إليها على أنها سلاح تستخدمه الدول
ضد الإرهابيين خارج مناطق الحرب التقليدية. والآن، في صراعات مثل الحروب الأهلية
الأخيرة في ليبيا وإثيوبيا، والحرب بين أرمينيا وأذربيجان، تم استخدامها من قبل
الجيوش التقليدية في ساحة المعركة، وفي أوكرانيا، كان استخدام طائرات المراقبة
المسيرة لاكتشاف تحركات قوات العدو وتوجيه نيران المدفعية فعالا للغاية لدرجة أن
القائد العسكري الأعلى في أوكرانيا يقول إنها جعلت المناورات البرية مستحيلة بشكل
أساسي لكلا الجانبين وساهمت في الجمود الحالي للحرب.
وكان هذا التحول واضحا للغاية حتى إن
كريس وودز، الصحفي الاستقصائي والمؤسس المشارك لموقع "إيروايز" لمراقبة
ضربات الطائرات بدون طيار، قال: "من الواضح أننا الآن في العصر الثاني
للطائرات بدون طيار، أي عصر الانتشار".
سلاح الضعفاء
وأشار الموقع إلى أنه وفقًا لدراسة
أجرتها القوات الجوية الأمريكية، فإن أول استخدام ناجح مسجل لطائرة مقاتلة بدون
طيار من قبل "جهة فاعلة عنيفة غير حكومية" جاء في عام 2013، عندما نفذ
حزب الله ضربة على الثوار في سوريا.
ومنذ ذلك الحين، أصبح استخدام هذه
الجماعات للطائرات المسيرة سمة مميزة للحرب في المنطقة، واستخدم تنظيم الدولة
أسرابا من الطائرات المسيرة الرخيصة لتحقيق تأثير كبير، بما في ذلك حادثة وقعت في
عام 2016 أصبحت تُعرف باسم "يوم الطائرات المسيرة"، عندما استهدفت
القوات العراقية بأكثر من 70 منها خلال معركة الموصل.
وأكد الموقع أن إيران تعمل بشكل مطرد
على زيادة صادرات الطائرات المسيرة إلى مجموعاتها الوكيلة في جميع أنحاء المنطقة،
وربما لم تستخدم أي جماعة الطائرات المسيرة لتحقيق تأثير أكثر من الحوثيين في
اليمن، الذين نفذوا هجومًا جريئا بطائرات بدون طيار على منشآت أرامكو السعودية في
عام 2019، ما أدى إلى انقطاع حوالي 6 بالمائة من إمدادات النفط العالمية مؤقتا. ومنذ بدء الحرب في غزة، استخدم الحوثيون الطائرات المسيرة في العديد من هجماتهم
على الشحن في البحر الأحمر.
وقامت "حماس" ببناء ترسانة كبيرة من الطائرات بدون
طيار، والتي استخدمتها لتعطيل أنظمة المراقبة الإسرائيلية خلال هجمات 7 تشرين
الأول/ أكتوبر.
وبحسب تصريح الجنرال فرانك ماكنزي، قائد
القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، لصحيفة فايننشال تايمز عام 2022، فإن انتشار
طائرات "كوستكو" الرخيصة في أيدي الجماعات المسلحة جعل التفوق الجوي لدى الولايات المتحدة غائبا في بعض الوقت. وتوقع أن تؤدي حرب
الطائرات بدون طيار إلى "لحظة العبوات الناسفة" الجديدة للولايات
المتحدة، في إشارة إلى العبوات الناسفة التي قتلت أكثر من 2000 جندي في العراق
وأفغانستان.
سماء غير ودية
أكد الموقع أن الطائرات المسيرة تمثل
مشكلة صعبة يتعين على الولايات المتحدة أن تجد طريقاً للخروج منها، نظرًا لأن
ميزتها بالنسبة للمليشيات غير التابعة للدولة تكمن في مدى تدني مستوى التكنولوجيا
لديها.
ففي عام 2017، أخبر جنرال أمريكي الصحفيين بأن حليفا للولايات المتحدة، على
الأرجح دولة الاحتلال، أطلق صاروخ باتريوت بقيمة ثلاثة ملايين دولار على طائرة
كوادكوبتر "تكلفتها 200 دولار من موقع أمازون"، وهذا ليس استخداما
فعالا للموارد.
وقد أصبحت الجماعات المسلحة ماهرة في استخدام أسراب من الطائرات
المسيرة الرخيصة للتغلب على الدفاعات الجوية، وفي الآونة الأخيرة، أعلن البنتاغون
عن برنامج يعرف باسم "ريبليكيتور" العام الماضي يهدف إلى تطوير أسراب من
الطائرات الصغيرة بدون طيار "يمكن توزيعها" لاستخدامها في صراع محتمل مع
الصين.
ويرى لوشينكو أنه بدلا من التركيز على
إسقاط الطائرات بدون طيار في طريقها إلى أهدافها، ينبغي لسياسة الولايات المتحدة
أن تركز على تفكيك وتعطيل الشبكات وسلاسل التوريد التي تسمح لهذه الطائرات بدون
طيار، والمكونات المستخدمة في تصنيعها، بالانتشار، لكنه يعترف بأن هذا اقتراح صعب
سيتطلب الكثير من التنسيق والكثير من العمل البيروقراطي.
تصعيد تركي ضد الاحتلال.. عبر بوابة الاقتصاد
مدير "سي آي إيه": الشرق الأوسط أكثر انفجارا من أي وقت مضى.. "خيارات معقدة"
لماذا لا تنعكس قوة الصين الصاعدة على العدوان المتواصل ضد غزة؟