أعلن سياسيون ومفكّرون ومثقفون وقيادات دينية وأدباء وفنانون
من أنحاء العالم، في إعلان مشترك، رفضهم "غضّ النظر عن
الجرائم الشنيعة ضدّ الإنسانية"
في
غزة، مؤكدين أن "هذا يمثّل تحدِّيا أخلاقيا للعالم أجمع".
وجاء في الإعلان
الذي صدر الاثنين: "نواكب، بأسى وغضب، فظائع رهيبة تستهدف أكثر من مليوني إنسان
من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، معظمهم من الأطفال والنساء. إنّ هذا يمثِّل تحدِّيا
أخلاقيا للعالم أجمع يستدعي يقظة إنسانية عاجلة ومراجعة مبدئية صارمة".
وضمّت قائمة
أوائل الموقِّعين أكثر من مائة شخصية من أنحاء العالم، من بينهم قادة دول وحكومات
ووزراء سابقون، وحائزون على جوائز دولية بارزة، وعلماء مسلمون وقادة كنائس،
ومفكِّرون وكتّاب وأدباء وفنّانون من بلدان عدّة؛ من العالمين العربي والإسلامي
وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأستراليا.
وأكّد الموقعون
على الإعلان الصادر بثماني لغات: "نرفض غضّ النظر عن الجرائم الشنيعة ضدّ الإنسانية
الجارية ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، التي تتخذ طابع الإبادة والتطهير العرقي،
ونستنكر بأقصى العبارات ما يحظى به ذلك من دعم عسكري وسياسي ودعائي متواصل من جانب
قوى دولية".
وقال الإعلان: هذه
الجرائم "كشفت أنّ عالمنا يعاني اختلالات جسيمة، وأزمة أخلاقية مُتفاقمة، ومعضلة
قيمية مُستعصية، وممارسات دعائية مضلِّلة"، محذرا "من العواقب التي يجرّها
تغييب المواثيق والشرائع وإسقاط القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؛ على السِّلم
العالمي ومصالح الشعوب".
وأكّد الإعلان
أنّ "دعم الاحتلال العسكري وسياسات القهر والاضطهاد وحملات الإبادة والتطهير العرقي
وجرائم الحرب بسرديّات تتذرّع بالأخلاق والمبادئ والإنسانية؛ هو تغليف مضلِّل يتّخذ
من الشعار الأخلاقي والمبدئي والإنساني أداة قتل وقهر واضطهاد".
ورفض الإعلان
"استدعاء القيَم والمبادئ والمواثيق أو تعطيلها بصفة انتقائية سافرة حسب أولويّات
السياسة واتجاهات المصالح"، مضيفا: "إنّ تناقُض مواقف القوى الدولية حسب
مصالحها واستقطاباتها؛ ينزع المصداقية عن مواقفها عموما".
وأشار الإعلان
إلى أنّ "العدوان الرهيب الجاري ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أفقد شعوبا وجماهير
حول العالم ما تبقّى لديها من ثقة بأخلاقيّات النظام الدولي، وبعمل العدالة الجنائية
الدولية، وبمفعول القيم والمبادئ والمواثيق والشعارات في الواقع".
وقالت
الشخصيات
في الإعلان: "من بواعث الفزع أن تحتفي منصّات دولية وسياسية وإعلامية بخطابات
مكرّسة لتبرير العدوان وتمجيد مقترفه ولوْم ضحاياه وتحميلهم المسؤولية عن مصيرهم المُرعِب
قتلا وسحقا وتعطيشا وتجويعا وتشريدا".
ورأى الموقِّعون
أنّ "ما يجري في فلسطين يُعيد إلى الأذهان فصولا مُرعبة من ذاكرة العهد الاستعماري.
إنّ هذا يؤكِّد أهمية فتح ملفّات الاستعمار ومحاكَمته أخلاقيا ومبدئيا واستلهام العظات
اللازمة منه للحاضر والمستقبل".
واستهجن الإعلان "وضع
بعض البشر فوق بعض في المرتبة والحقوق والاهتمام، وننبذ المساس بكرامة أيّ من الشعوب
والجماعات البشرية بصفة صريحة أو إيحائية"، وأكّد أنّ "الفظائع الجارية في
غزة مثال مُعبِّر عن عالَم يُعاني من اختلالات جسيمة على حساب جنوب الكوكب وشعوبه ومجتمعاته،
وهذا يتطلّب نهجا تصحيحيا عاجلا بلا هوادة".
وقالت الشخصيات
الموقِّعة على الإعلان العالمي: "نحذِّر من نهج احتكار الحقيقة ومصادرة القيَم
والمبادئ وتشغيلها انتقائيا حسب مصالح القوى الدولية، وفرض سردية أحادية على العالم
تقوم على التحيّز والغطرسة والتجاهل والتبرير".
وأضاف الإعلان: "عالم يُقرِّر تشغيل قيَمه ومبادئه ومواثيقه بصفة انتقائية، ولا تتكافأ فيه أرواح البشر أو
تتساوى فيه حقوقهم وحريّاتهم وكرامتهم؛ هو عالم جائر يزرع الغضب في صفوف أجيالٍ تلحظ
الفجوة بين شعارات نبيلة وممارسات مروِّعة".
وحذّر الإعلان من
أن "الرضوخ لخطابات تبرير الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب التي سُمعت من
منصّات دولية وثقافية وإعلامية يمثِّل تهديدا للإنسانية جمعاء وليس للشعب الفلسطيني
وحده"، كما حذّر من "إسباغ أوصاف "الحضارة"
و"التحضُّر" و"الإنسانية" و"الخير" و"النور"
على سياسات الإبادة وجرائم الحرب، ومن تبرير الفظائع عبر نزع الإنسانية عن الشعوب المضطّهَدة
وتسميم أجواء التعايش الإنساني والتفاعل الثقافي في عالم متنوِّع".
ونبّهت الشخصيات
الموقعة إلى أنّ "عالمنا يفتقد سُلطة مُساءلة أخلاقية تقف في وجه الغطرسة والسطوة
وانتهاك المواثيق والشرائع وسياسات الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب والاضطهاد"،
وقد "صار مُلحّا خوْض نقاش فلسفي وفكري وثقافي عالمي للتحقُّق من مدى جاهزية عالمنا
المبدئية والأخلاقية للامتثال للمواثيق الإنسانية والدولية والتصدِّي لحملات الإبادة
والتطهير العرقي وسلب حقوق الشعوب وحريّاتها"، بحسب الإعلان.
وحثّ الإعلان
العالمي روّاد الفلسفة والفكر والثقافة والأدب والفنّ وقادة المجتمعات الدينية والمدنية
على "النهوض بدورهم المبدئي والأخلاقي في إنصاف الحقوق والعدالة والحرية وكرامة
الإنسان في فلسطين وفي كلّ مكان، وفي التصدِّي للظلم والقهر والاضطهاد والإبادة والتطهير
العرقي والسياسات العنصرية".
وشدّد الإعلان
على أنّه "يتعيّن إعلاء صوت الضمير الإنساني بشجاعة وقبل فوات الأوان، فالجرائم
ضدّ الإنسانية انتهاك للبشرية جمعاء وليس فقط لضحاياها المُباشرين الذين تُسلَب حقوقهم
في الحياة والأمان والحرية والكرامة في فلسطين".
وأكد الإعلان أنّ
"عالما يُحدّد موقفه من الفظائع والانتهاكات طبقا لهُويّة الجاني وهُويّة الضحية؛
هو عالم لا أمان فيه ولا حقوق ولا عدالة، ولن تتورّع دوله وجيوشه عن الفتك ببعض البشر
لتمكين بعض السياسات التي تُقدِّم مصالحها على التزاماتها المُعلنة".
ومن أبرز
الموقعين على الإعلان؛ الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، ورئيس الوزراء التونسي
الأسبق حمادي الجبالي، ورئيس الحكومة المغربية الأسبق عبد الإله بنكيران، ووزير الخارجية
الماليزي السابق تان سيري سيد حامد البار، والحقوقية العربية الحائزة على جائزة نوبل
للسلام توكل كرمان، ودان كوفاليك؛ أستاذ القانون الدولي في جامعة بيتسبرغ الأمريكية،
والمحامي الشرفي البلجيكي جورج أونري بيوتي، ومحققة جرائم الحرب من نيوزيلندا جوليه
ويب بولمان، وعضو مجلس الشيوخ الكولومبي فؤاد راباغ، وعضوا البرلمان الإيطالي السابقان
ستيفانو أبوزو وتاتيانا باسيليو، ومرشّح الرئاسة المصري الأسبق أيمن نور.
كما ضمّت القائمة
أسماء أخرى بينها: المفتي العام للجمهورية العربية السورية أسامة الرفاعي، وداتو ويرا
سيخ عبد الغني شمس الدين، رئيس أمانة جمعية العلماء لآسيا- ماليزيا، ومحمد عزمي عبد
الحميد، رئيس المجلس الاستشاري الإسلامي الماليزي، والمطران عطا الله حنّا من فلسطين،
وياسين أقطاي، الأستاذ في الأكاديمية التركية للعلوم- تركيا، وعبد الكريم بكار، الأمين
العام لمنظمة متحدون ضد التعصب الطائفي- سوريا، عبد الرزاق قسوم، أستاذ في جامعة الجزائر-
الجزائر، وظفر الإسلام خان، الرئيس السابق لمفوضية دلهي للأقليات في نيودلهي- الهند،
وعبد الرزاق مقري، الأمين العام لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة- الجزائر، والأب
ميغيل توماس كاسترو، راعي كنيسة باوتيستا إيمانويل بالسلفادور، وداتو سيري شيخ أحمد
أوانغ، رئيس تحالف المساجد العالمي للدفاع عن الأقصى- ماليزيا.