نشر موقع "
بي بي سي" بنسخته التركية تقريرًا بيّن فيه أسباب انخفاض قيمة
الليرة التركية مقابل الدولار وبقية العملات الأجنبية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن قيمة الليرة التركية مستمرة في الانخفاض بوصول سعر صرف الدولار مقابل الليرة الجمعة إلى مستوى قياسي جديد عند 30.40، وبلغ سعر صرف اليورو 33.30، وسعر صرف الجنيه الإسترليني 38.76.
وأضاف الموقع أن قيمة الليرة التركية انخفضت بأكثر من 30 بالمئة مقابل الدولار العام الماضي، وانخفضت قيمتها بنسبة 1.6 بالمئة في أول 12 يومًا من هذا العام.
ورفع البنك الاستثماري الأمريكي جيه بي مورغان توقعه لسعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية عند نهاية العام من 34 إلى 36. وقال البنك في مذكرة إلى عملائه الأربعاء، إن ارتفاع قيمة الليرة التركية سيعتمد على "الالتزام بعملية خفض التضخم ووتيرة تراكم الاحتياطيات الدولية".
انخفاض صافي احتياطيات البنك المركزي
وفقًا للبيانات التي نقلتها وكالة رويترز الخميس، انخفض صافي الاحتياطي الدولي للبنك المركزي التركي بمقدار 1.7 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 5 كانون الثاني/ يناير، إلى 32.36 مليار دولار.
وذكر الموقع أن صافي الاحتياطي، الذي انخفض إلى مستوى تاريخي سالب 5.7 مليار دولار قبل الانتخابات الرئاسية في أيار/ مايو، بدأ بالارتفاع اعتبارا من بداية حزيران/ يونيو. وبعد أن بلغ أعلى مستوى له منذ كانون الثاني/ يناير عام 2020 عند 40.09 مليار دولار في 22 كانون الأول/ ديسمبر، تراجع مرة أخرى.
ويؤكد البروفيسور إرينش يلدان، عضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد في جامعة قادر هاس، أن نسبة الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي إلى إجمالي الدين الخارجي قصير الأجل هي إشارة مهمة للمستثمرين الدوليين. وأضاف أن هذا المعدل يُعتبر مقياسًا لإمكانية امتلاك
البنك المركزي احتياطيات كافية لتقليل علاوة المخاطر في حالة حدوث أزمة في ميزان المدفوعات.
وتابع يلدان بأن معدل احتياطي
تركيا المتاح (نسبة إلى إجمالي الدين الخارجي قصير الأجل) قد اقترب أو تجاوز حتى مستوى البلدان التي دخلت في الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 وحتى مستوى تركيا قبل الأزمة عام 2001.
وأوضح أن المستثمرين المحليين والدوليين يلاحظون ذلك. وقد كان لدى تركيا القدرة على جذب مبالغ كبيرة من الأموال الساخنة من الخارج طوال فترة البرنامج الاقتصادي ما بعد عام 2001، ولكن لا يوجد مثل هذا التدفق النقدي الساخن في العالم حتى الآن.
لماذا يرتفع الدولار مقابل الليرة التركية؟
وفقًا لبيانات البنك المركزي التركي، كان سعر صرف الدولار في السوق في الأيام الأولى من عام 2018 حوالي 3.7 ليرة. وخلال السنوات الخمس الماضية، فقدت الليرة التركية ما يقارب 80 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي.
في المقابل، كان البنك المركزي التركي يتبع سياسة فائدة منخفضة منذ أيلول/ سبتمبر 2021، إلى أن بدأ رفع أسعار الفائدة في اجتماعه في حزيران/ يونيو الماضي للمرة الأولى منذ 27 شهرًا.
وأورد الموقع أنه في اجتماع لجنة السياسة النقدية برئاسة الرئيسة الجديدة للبنك المركزي التركي، حفيظة غاية أركان، تم رفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار 650 نقطة أساس من 8.5 بالمئة إلى 15 بالمئة. ومع ذلك، فلم يلب هذا الارتفاع التوقعات، وشهد سعر
الصرف ارتفاعًا حادًا بعد القرار.
وأفاد البروفيسور يلدان بأنه تم إنشاء صورة لعودة السياسات النقدية الأرثوذكسية، ولكن لم يتم اتخاذ إجراءات بسرعة وثبات كافيين لتجسيد ذلك بالفعل، لتلبية توقعات مستثمري رأس المال الأجنبي والمضاربين. وأضاف أنه لم تكن ظروف الاقتصاد العالمي مواتية لذلك أيضًا، وبالتالي فيبدو أن الزخم فقد تأثيره تدريجيًا.
من ناحية أخرى، يلتقي فريق الاقتصادي التركي برئاسة وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك بالمستثمرين الأجانب من دول الخليج إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة منذ توليه منصبه. كما قدمت رئيسة البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان عرضًا في اجتماع في نيويورك يوم الخميس حضره أيضًا شيمشك عبر الإنترنت.
وقال شيمشك في تصريح صحفي لوكالة الأناضول في 10 كانون الثاني/ يناير، إن قيمة التمويل الخارجي الذي تم توفيره لقطاعات مختلفة في تركيا من قبل المنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية ومؤسسات الائتمان للتصدير والمقرضين التجاريين، قد بلغ 8.8 مليار دولار العام الماضي.
وأضاف شيمشك أن هذه الموارد تمثل "دليلًا على الثقة في تركيا وبرنامجنا القائم على مبادئ الشفافية والاتساق والمساءلة والقدرة على التنبؤ".
"الاقتصاد يتطور في اتجاه المضاربة"
ذكر الموقع أن التضخم المرتفع لا يزال يُنظر إليه على أنه مخاطرة كبيرة إذ تشير مذكرة جيه بي مورغان إلى أن التقديرات المنخفضة للتضخم موضع شك، ويجب انتظار النصف الثاني من العام.
وقال الاقتصادي تيموثي آش، إن سعر صرف الدولار مقابل الليرة لا يزال أحد أهم المجالات التي تكافح فيها إدارة شيمشك، وهو أيضًا اختبار لإمكانية تحقيق الاستقرار.
في المقابل يعتقد البروفيسور يلدان أن الاقتصاد يحتاج إلى "قاعدة صلبة" بدلاً من "نمو المضاربة". وأضاف أنه في الوقت الحالي، كانت توقعات إدارة الاقتصاد في حزب العدالة والتنمية هي جذب تدفقات رأس المال المالية الأجنبية، وتشجيع تدفقات الأموال الساخنة، وخفض سعر صرف العملة، وتجنب هبوطها قدر الإمكان حتى تتمكن تركيا من تجاوز صدمات التضخم المتوقع أن يصل إلى ذروته في أيار/ مايو 2024.
وتابع يلدان بأن ذلك لا يحدث لأن الاقتصاد ليست لديه قاعدة صلبة للقيام بذلك، فالاقتصاد يتطور بشكل مضاربة بناءً على تدفقات الأموال الساخنة واتجاه الأموال الساخنة.
وقام البنك المركزي التركي في كانون الأول/ ديسمبر بتحديث توقعاته للتضخم لنهاية عام 2023 عند 65 بالمئة ونهاية عام 2024 عند 36 بالمئة. كما ذُكر أن متوسط قيمة سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السنوات الثلاث القادمة في البرنامج متوسط الأجل لعام 2024 هو 36.8 ليرة، وفي عام 2025 عند 43.9 ليرة، وفي عام 2026 عند 47.8 ليرة.