شبهت صحيفة "
فايننشال
تايمز" الأوضاع في
الشرق الأوسط بعلبة الكبريت القابلة للاشتعال، مشيرة إلى سلسلة من الحوادث في الأسبوع
الماضي التي وضعت المنطقة على حافة الهاوية.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن
"إسرائيل" وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر شنت هجوما مدويا ضد حماس في
غزة،
وسط مخاوف من أن يشعل النزاع حربا إقليمية. وبطريقة ما، فقد انتشر النزاع خارج
الحدود ومنذ البداية.
فقد شنت المليشيات المدعومة من إيران أكثر من 100
هجوم ضد القوات الأمريكية في المنطقة، وقام الحوثيون الذين تدعمهم إيران بسلسلة من
عدة هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر. وتبادل حزب الله، أهم حليف لإيران
في المنطقة، بتبادل إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية. وظلت المواجهات حتى نهاية
الأسبوع مضبوطة تحت السيطرة وداخل الخطوط الحمر. وربما تغير هذا الوضع، ما يرفع المخاطر
إلى مستويات جديدة من القلق.
ففي يوم الثلاثاء، قتل هجوم
بالمسيرات على بيروت، المسؤول البارز في حماس، صالح العاروري، وستة من أعضاء
الحركة، ولم تنف "إسرائيل" أو تؤكد مسؤوليتها عن الهجوم، لكنها لم تخف
نيتها قتل قادة حماس بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر وملاحقتهم أينما كانوا.
ولأن الهجوم حدث في الضاحية
الجنوبية، معقل حزب الله ونظر إليه كاستفزاز، أقسم الحزب بالرد عليه. وبعد يومين
قتلت القوات الأمريكية قياديا عراقيا في مليشيا تدعمها إيران في غارة على بغداد،
فيما قالت واشنطن إنه رد على الهجمات ضد القوات الأمريكية. وشنت الولايات المتحدة
عدة غارات ضد المليشيات العراقية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكنها المرة الأولى
التي تستهدف فيها قياديا بارزا في العاصمة العراقية.
وبين عمليتي الاغتيال قتل تفجير
انتحاري قرب مزار القيادي في الحرس الثوري في كرمان، قاسم سليماني أكثر من 80
شخصا، وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنه، وهو ما يؤشر إلى أن التنظيم يحاول الاستفادة
واستغلال الوضع بالمنطقة.
وفي أماكن أخرى، حذرت الولايات
المتحدة و11 من حلفائها الحوثيين في اليمن بأنهم قد يواجهون تداعيات عملياتهم
التي تعرقل حركة الملاحة التجارية العالمية. وتحدى الحوثيون التحذير، واستهدفوا
قاربا دون حماية، مع أنه لم يتسبب بأضرار للسفن المارة.
وتعلق الصحيفة بأن توسع الهجمات
من عدة لاعبين قد زادت التوترات، ويطلب من كل الأطراف ضبط النفس.
وعولت الولايات المتحدة منذ
بداية
الحرب على الردع والتحذير لمنع اندلاع نزاع واسع، ومنعت "إسرائيل"
من شن ضربة وقائية ضد حزب الله بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وفي الوقت نفسه،
استعرضت إيران عضلاتها من خلال جماعاتها الوكيلة لكي تظهر أنها لا تتجاهل الهجوم
الإسرائيلي ضد غزة، لكنها ألمحت للولايات المتحدة أنها لن توسع مشاركتها في
الحرب.
وتجد واشنطن نفسها وبشكل متزايد
منجرة إليها، فقواتها تتعرض لهجمات في العراق، ودمر دعمها الثابت لـ"إسرائيل" سمعتها في العالم العربي
الغاضب على دمار غزة.
وأدت حرب "إسرائيل"
في غزة لدمار كارثي ومقتل أكثر من 22,500 شخصا، حسب وزارة الصحة الفلسطينية. وبدأت
تثير مخاوف من مجاعة في القطاع. ودعت الصحيفة واشنطن إلى مضاعفة جهودها لخفض
التوتر على الحدود الإسرائيلية- اللبنانية، وهي الجبهة الأكثر أهمية، التي يمكن أن
تندلع منها حرب شاملة.
ويحاول المسؤولون الأمريكيون إقناع
الطرفين الالتزام بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بعد حرب تموز/ يوليو 2006. ويعني تطبيقه سحب حزب الله قواته بعيدا
عن الحدود ووقف التوغلات الجوية الإسرائيلية داخل لبنان، ما سيحل الخلاف الطويل
حول المناطق المتنازع عليها.
وتقول الصحيفة إن الحل
الدبلوماسي ليس مضمونا، لكنه يستحق الجهد، فالواقع القاسي لن يؤدي إلى تلاشي مخاطر
الحرب الواسعة، ولن تختفي طالما ظلت إسرائيل تقصف غزة المحاصرة.