نشرت مجلة "كريتر" التركية مقال رأي للكاتب تونش دميرتاش استعرض فيه التوقعات والمخاطر والفرص التي تواجه القارة الأفريقية خلال سنة 2024.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن قارة
أفريقيا ستشهد خلال سنة 2024 بروز قضايا في مجال الجيوسياسة والأمن والدفاع والأمن الغذائي والطاقة والإرهاب، مصحوبة بمجموعة من المخاطر والفرص.
امتحان الديمقراطية في أفريقيا
ذكر الكاتب أن 2024 ستكون سنة امتحان للديمقراطية لجميع أنحاء العالم. ستتوجه 40 دولة في جميع أنحاء العالم، بتعداد 3.2 مليار نسمة واقتصادات بقيمة 44.2 تريليون دولار، إلى صناديق الاقتراع.
وستكون أفريقيا أيضًا جزءًا مهمًا من هذا الامتحان الذي سيشارك فيه ما يقارب نصف سكان العالم.
من المقرر إجراء انتخابات في بلدان تشكل ثلث إفريقيا وستؤثر على أكثر من 335 مليون نسمة. وستقام هذه الانتخابات في: جنوب أفريقيا، وموزمبيق، وبوتسوانا، وناميبيا، ومدغشقر، وجزر القمر، ورواندا، وغانا، وبوركينا فاسو، وجنوب
السودان، وتشاد، ومالي، وغينيا بيساو، والسنغال، وموريتانيا، وتونس، والجزائر، وأرض الصومال.
أورد الكاتب أن جنوب أفريقيا والجزائر وغانا تتصدر هذه القائمة وذلك لأنها تمتلك اقتصادات أقوى من غيرها، وخاصة جنوب أفريقيا والجزائر. لهذا السبب، فإن من المحتمل أن تكون المخاطر السياسية في هذه البلدان مرتفعة.
ستنعقد انتخابات رئاسية خلال سنة 2024 في
مالي وبوركينافاسو وتشاد، التي تشكل محورًا عسكريًا بديلًا في منطقة الساحل. ومن المحتمل أن تتأثر تشاد بالنزاعات التي تدور حاليًا في السودان. واستمرار النزاعات في السودان وتأثيرها على المنطقة وزيادة عدم الاستقرار يشكل أيضًا عنصرًا خطيرًا.
وأوضح الكاتب أن التوتر الاجتماعي الذي تفرزه الانتخابات وحركة اللاجئين والنزاعات المسلحة المحتملة يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة. في هذه العملية، لا يُرى في الأفق تغيير ديمقراطي متوقّع لأن المرشحين المدعومين من الانقلابات العسكرية يسيطرون على مؤسسات الدولة. في المقابل، فإنه من المتوقع أن يتم تأجيل انتخابات جنوب السودان، التي كان من المقرر إجراؤها هذه السنة، إلى سنة 2025 نظرًا لأنها دولة جديدة نسبيًا.
التوقعات والمخاطر على الاقتصاد
وفقًا لبيانات البنك الأفريقي للتنمية، فإن من المتوقع أن يبلغ معدل النمو في أفريقيا 3.8 بالمئة، وتعتبر توقعات النمو واعدة بالنسبة لشرق أفريقيا بمتوسط يبلغ 6.3 بالمئة، أي ما يقارب ضعف نمو القارة بأكملها.
وأورد الكاتب أنه من المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي في سنة 2024 بطيئًا نسبيًا لأن انعدام الأمن الغذائي وارتفاع معدل تضخم أسعار الغذاء إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة واضطراب سلاسل التوريد العالمية والتطورات التي تحدث في النظام العالمي وتسبب عدم الاستقرار، تؤدي إلى ضغوط تضخمية.
ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في سنة 2024 أرقامًا مزدوجة في دول، مثل مصر وأنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وإثيوبيا والسودان وغانا.
ونبّه الكاتب إلى أن تصاعد التوترات الجيوسياسية الحالية في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة. ومن المتوقع أن ينتج عن هذا تفاقم الضغط التضخمي الجديد، ما يؤثر سلبًا على النمو العالمي. لذلك، فإنه يمكن أن يكون لهذا المسار تأثير مباشر على نمو أفريقيا، على الرغم من أنه ليس في المدى القصير، ولكن في المدى المتوسط والطويل.
بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن من الممكن أن تشعر العديد من الدول الأفريقية بآثار المشاكل المالية الناجمة عن الديون المفرطة والعبء المالي الثقيل. وعلى الرغم من أن زامبيا قريبة من إكمال إعادة هيكلة الديون، إلا أنه من الممكن أن يطول هذا الإجراء. وهذا الوضع يخلق حالة من عدم اليقين اقتصاديًا.
المخاطر والفرص للأمن الغذائي
بيّن الكاتب أن أحد أهم المواضيع التي يجب على الدول الأفريقية الانتباه إليها في سنة 2024 هو الأمن الغذائي. من المفارقات أن الدول الأفريقية التي تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وموارد المياه والقوى العاملة تحتاج إلى استيراد الغذاء من أجل تلبية حاجياتها. وببساطة، إذا لم تستطع الدول الأفريقية المستوردة للغذاء تحقيق هذه الواردات، فقد يواجه سكانها المجاعة والموت.
وقد عانت البلدان الأفريقية من مشاكل في استيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب بين البلدين، وانسحاب روسيا من الاتفاقية الخاصة بإنشاء ممر آمن لتصدير الحبوب من هذه البلدان، خاصة أن 25 دولة في أفريقيا تعتمد على روسيا وأوكرانيا لتغطية أكثر من ثلث وارداتها من القمح.
بعد انسحابها من اتفاقية ممر الحبوب، أعلنت روسيا أنها ستستمر في تقديم مساعدات غذائية أحادية الجانب لست دول أفريقية. وعدم تمكن الدول الأفريقية الأخرى من الوصول إلى الحبوب بشكل آمن يمثل مشكلة كبيرة. في هذا السياق، من المتوقع أن يتم إعادة تفعيل اتفاقية ممر الحبوب في سنة 2024 مرة أخرى. وهذا الوضع بمثابة درس مهم للدول الأفريقية.
يجب على الدول الأفريقية تثمين أراضيها الصالحة للزراعة الخصبة من أجل تقييم الفرص التي يمكن أن تساعدها على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتنفيذ إصلاحات زراعية، وزيادة إنتاج الحبوب. ومع ذلك، ولا يتطلب تقييم هذه الفرص التركيز فقط على البنية التحتية الزراعية والإصلاحات، بل أيضًا تخطيطًا شاملًا لعوامل مختلفة مثل نقل التكنولوجيا والتعليم والبنية التحتية.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)