أثار إعلان الأردن عن ضبط كميات من الصواريخ والأسلحة القادمة من
سوريا، خلال اشتباكات خاضها حرس الحدود الأردني مع مجموعات مسلحة حاولت التسلل عبر الحدود الاثنين، تساؤلات حول دلالات هذا "التطور اللافت"، وما إذا كان يشي بتصاعد الأحداث والتوترات التي تشهدها الحدود الشمالية للمملكة.. خاصة أن الاشتباكات دامت ساعات، وهو السلوك غير المعتاد من شبكات التهريب، التي لا تُفضل الدخول في اشتباكات مع جيوش نظامية.
وكانت القوات المسلحة الأردنية، قد أعلنت على لسان مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة، أن اشتباكات مسلحة وقعت بين قوات حرس الحدود الأردنية ومجموعات مسلحة على الحدود الشمالية ضمن منطقة مسؤولية المنطقة العسكرية الشرقية، فجر الاثنين، مضيفاً أن الاشتباكات أدت إلى إحباط تهريب كميات كبيرة من
المخدرات والأسلحة الأوتوماتيكية والصاروخية.
وأكد المصدر العسكري مقتل وإصابة عدد من المهربين خلال الاشتباكات بين قوات حرس الحدود الأردنية والمجموعات المسلحة، كاشفاً عن هويات ثمانية من المهربين التسعة الذين تم القبض عليهم، مشدداً على أن القوات المسلحة الأردنية ماضية في التعامل بكل قوة وحزم، مع أي تهديد على الواجهات الحدودية، وأي مساعٍ يراد بها تقويض وزعزعة أمن البلاد.
في المقابل، أعلن المصدر الأردني عن إصابة عناصر من حرس الحدود بجروح خفيفة ومتوسطة من نيران المجموعات المسلحة، فيما جرى طرد عناصر المجموعات إلى الداخل السوري.
بدوره، طالب رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، الجيش الأردني بضرب "مجموعات التهريب المسلحة المنظمة بيد من حديد من أجل حماية الحدود والأمن الوطني للمملكة"، مشيراً إلى وقوف المجلس ونوابه صفاً واحداً مع الجيش الأردني والملك عبد الله الثاني في كل الإجراءات الرامية إلى حماية الأردن. وقال إن "قوات حرس الحدود تخوض أروع صور البطولة والفداء، في الدفاع عن أمن واستقرار الوطن على واجهتنا الشمالية، فمنذ ساعات فجر الاثنين، وهي في اشتباكات ضد مجموعات مسلحة، ما أسفر عن إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة الأتوماتيكية والصاروخية".
وليل الاثنين، تعرضت مواقع في الجنوب السوري لغارات جوية مجهولة يُرجح أنها أردنية، وذكرت مصادر محلية أن الغارات الجوية استهدفت أكثر من موقع في درعا والسويداء، موضحة أن الضربة الأولى كانت بالقرب من مدينة صلخد، والثانية بالقرب من قرية الشعاب.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مخابرات إقليمية قولها إن "الأردن شن غارات جوية داخل سوريا على طول حدوده ضد مخابئ لمهربي المخدرات المدعومين من إيران رداً على عملية تهريب كبيرة".
المجموعات انطلقت من مخافر تابعة للنظام
وعن تفاصيل الاشتباكات التي استمرت لأكثر من 10 ساعات، يؤكد المحلل السياسي صلاح ملكاوي المقرب من دوائر صنع القرار الأردني، أن مجموعات التهريب المسلحة انطلقت من مخافر حدودية تابعة للنظام، مشيراً إلى أن المنطقة فيها نقاط رصد وتجمعات لمليشيات مرتبطة بإيران و"حزب الله" اللبناني.
وتابع لـ"عربي21" بأن "الاشتباكات وعمليات التسلل لا يمكن أن تكون إلا بدفع أو بضوء أخضر من القوى السابقة وخاصة أنها جرت في مناطق مفتوحة وغير مأهولة مثل بادية الحماد".
وبذلك، يتهم المحلل السياسي الأردني النظام السوري وقوى إقليمية بالوقوف خلف الاشتباكات، لأن العمل في بيئة كهذه يستحيل بدون قرار القوى الموجودة، بهدف استنزاف الجيش الأردني وإشغاله، وابتزاز الأردن سياسياً من خلال شبكات التهريب.
أكبر من تهريب المخدرات
ويبدو من المعطيات التي يمتلكها ملكاوي، أن بعض أفراد المجموعات التي اشتبكت مع عناصر حرس الحدود، تلقوا تدريبات عسكرية لافتة، ما يتجاوز مسألة التهريب، وأن المهربين من "عشائر البدو"، وقال: "اللافت أن عدد المهربين كان كبيراً ( 150 إلى 200)، ويزيد على العدد المعتاد بكثير، وكانوا يريدون الدخول بالقوة تحت وابل النيران، وكأن المهربين كانوا مدفوعين للموت".
وعلى هذا النحو، يُحذر ملكاوي من نوايا مبيتة ضد الأردن في فترة الشتاء، ويقول: "نشهد عمليات ابتزاز سياسي بشكل لم نعتده سابقاً".
وفي حين استبعد ملكاوي أن تكون الاشتباكات بهدف إشغال حرس الحدود الأردني لإدخال شحنات مخدرات، يرجح الصحفي محمد الشيخ أن يكون الهدف الأول هو تمرير شحنات مخدرات كبيرة.
لكن في الوقت ذاته، يشير إلى "نوايا مسبقة لضرب هدف ما داخل الأردن"، ويقول لـ"عربي21": "هذا ما يمكن الجزم به من خلال نوعية الأسلحة التي جرت مصادرتها، والتي عرض الجيش الأردني صورها، وتحديداً الصواريخ".
وبحسب الشيخ، فإن عمليات التسلل والتهريب لن تقف عند هذا الحد، ويقول: "الواضح أن العمليات ستتصاعد بغض النظر عن الكلفة البشرية لشبكات التهريب، إذ يبدو أن حسابات المهربين وغالباً هم من عشائر البدو، بعيدة عن حسابات الأطراف والجهات التي تشغلهم".
وكان الجيش الأردني قد كشف عن ضبط صواريخ من نوع "روكيت لانشر" وألغام ضد الأفراد وبنادق قنص مجهزة بمنظار قنص.
المخدرات واجهة لتهريب السلاح
ويصف المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو نقطة لـ"عربي21" محاولة تهريب الصواريخ بـ"التطور الخطير"، ويقول لـ"عربي21": "من الواضح أن المخدرات لم تكن إلا واجهة لتهريب الأسلحة، والأمر تحول إلى استهداف لأمن الأردن الوطني".
ويلفت أبو نقطة إلى زيادة نسق عمليات التهريب ومحاولات التسلل إلى الأردن في الفترة الأخيرة، ويقول: "من الواضح أن الشبكات والمجموعات تحاول استغلال الظروف الجوية وأحوال الشتاء لزيادة نشاطها".