كشفت
أيام
الهدنة الإنسانية التي تم التوصل إليها بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش
الاحتلال عن حجم الكارثة الإنسانية التي حلت في قطاع
غزة بسبب الجرائم الوحشية
التي ارتكبها الاحتلال بحق سكان القطاع.
ونشرت
صحيفة
واشنطن بوست تقريرا مطولا تضمن شهادات لممرضين كانوا يعملون في مستشفى النصر
عندما أجبرهم الاحتلال على إخلاء المستشفى دون تأمين معدات وأجهزة لنقل الأطفال من
المستشفى عند إخلائه.
وروت
الصحيفة أن إحدى الممرضات كانت تعتني بخمسة أطفال رضع مولودين قبل الأوان في
المستشفى المحاصر، ومكان والديهم غير معروف، وقد واجهت الممرضة أصعب قرار في حياتها
عندما أجبر الاحتلال الكوادر الطبية على إخلاء المستشفى.
كان
ذلك في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية على شمال غزة الشهر الماضي، وكان مستشفى
النصر للأطفال منطقة حرب.
وفي
اليوم السابق، أدت الغارات الجوية إلى قطع إمدادات الأكسجين عن المنشأة بمدينة غزة وحاصرت
الدبابات الإسرائيلية المستشفى، وكان
جيش الاحتلال يتصل بالأطباء ويرسل إليهم
رسائل نصية يحثهم على المغادرة.
وأخبرت الممرضة الصحيفة بأن سيارات الإسعاف لم تتمكن من الوصول بأمان إلى المستشفى لنقل
الجرحى بسبب شدة القصف، ورفض الأطباء مغادرة المنشأة دون مرضاهم.
وكان
الأطفال الخمسة الخدج معرضين للخطر بشكل خاص لأنهم كانوا بحاجة إلى الأكسجين،
والأدوية التي يتم إعطاؤها على فترات منتظمة ولم تكن هناك أجهزة تنفس محمولة أو
حاضنات لنقلهم، كانت الممرضة تخشى أنهم لن
ينجوا من عملية الإخلاء.
وقال
مدير المستشفى بكر كاعود للصحيفة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجه إنذارا بأن علينا الخروج أو أنه سيقوم بقصف المستشفى. وفي الوقت نفسه، أكد مسؤول إسرائيلي
أنه سيتم ترتيب سيارات الإسعاف لنقل المرضى.
ولم
يجد الممرض الذي يعتني بالأطفال، وهو رجل فلسطيني يعمل مع منظمة "أطباء بلا حدود" ومقرها باريس، أي خيار آخر.
قام
بتقييم أوضاع الأطفال وجرعات الاكسجين المتوفرة وأخذ أكثر طفل من الأطفال الخمسة كان يعتقد أنه يمكن أن يتحمل انقطاعًا مؤقتًا في إمدادات الأكسجين، وترك
الأربعة الآخرين على أجهزة التنفس الخاصة بهم، على مضض، واتجه جنوبا مع زوجته
وأطفاله والطفل الوحيد من المستشفى.
وقال
الممرض، الذي تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته لحماية خصوصيته: "شعرت وكأنني
أترك أطفالي ورائي".
وأضاف لو
كان لدينا القدرة على أخذهم لفعلنا، ولكن لو قطعنا عنهم الأوكسجين فسيموتون فورا.
بعد
أسبوع من إخلاء المستشفى
سمح وقف
إطلاق النار والهدنة الإنسانية في غزة لصحفي من غزة بالمغامرة بالدخول إلى
المستشفى وفي وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، اكتشف
محمد بعلوشة هذا الاكتشاف المروع.
جثث الأطفال
الأربعة الذين تم تركهم في المستشفى أكلتها الديدان واسودت
بسبب العفن. وقال للصحيفة: "مشهد رهيب ومروع".
وأضاف بعلوشة:
"كان الناس يقولون لي إن القصة الأقوى موجودة في مستشفى النصر وأخبروني بأن
الأطفال في الحضانات تركوا في العناية المركزة وأنه من المفترض أن يتم إنقاذهم،
لكن مع توغل جيش الاحتلال لم يتمكن أحد من إخراجهم".
وتابع
الصحفي الفلسطيني الذي يعمل لصالح قناة المشهد الفضائية بحسب الصحيفة: "عندما
اقتربت من وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، بدأت أشم رائحة كريهة وقمت بتشغيل
كاميرتي والتقطت هذه المشاهد التي أظهرت جثامين الأطفال وهي متفحمة وتأكلها
الديدان".
وكان
هذا الاكتشاف المروع بمثابة تذكير بالخسائر الفادحة التي لحقت بالمدنيين خلال
الحرب الوحشية التي شنها الاحتلال إسرائيلي على قطاع غزة، ولم تستثنِ المستشفيات
ولا الأطفال داخل الحضانات.