نشر موقع "بي بي سي" في نسخته التركية مقال رأي للكاتبة سيلفا ديمير ألب بيّنت فيه ما إذا كانت الزيادة الأخيرة للبنك المركزي في سعر الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس فعّالة لمكافحة
التضخم.
وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن البنك المركزي التركي قام في الأسبوع الماضي بزيادة أسعار الفائدة للمرة الثالثة منذ آب/ أغسطس 2023، حيث ارتفعت بمقدار 500 نقطة أساس. وفي البيان السياسي للبنك المركزي، تم التنويه إلى أن استمرار التوتر في منطقة الشرق الأوسط قد يشكل مخاطر تضخمية مع ارتفاع أسعار النفط.
وذكرت الكاتبة أنه لو بدأت زيادات أسعار الفائدة في حزيران/ يونيو بنسبة أعلى ثم تم تخفيض النسبة تدريجيًا، لأمكن أن تكون أكثر فاعلية من حيث إدارة توقعات التضخم، ويمكن أن تؤدي في النهاية إلى عملية تنتهي بزيادة أقل في أسعار الفائدة. مع أن هذا الإجراء تأخر قليلًا، إلا أن تبني البنك المركزي التركي موقفًا حازمًا في سياسته النقدية المتشددة يعتبر أمرًا قيمًا للغاية.
وقال وزير المالية والخزانة محمد شيمشك، في تصريحات أدلى بها قبل القرار: "إننا نقترب من سعر الفائدة الحقيقي الإيجابي. وبالنظر إلى توقعات التضخم لنهاية 2024 من قبل البنك المركزي التركي البالغة 33 بالمئة، يمكن القول إن سعر الفائدة الذي وصل إلى 35 بالمئة أصبح إيجابيًا بشكل واقعي".
وتابعت الكاتبة: "وفقًا للتقديرات التي أجريناها مع زملائي من جامعة كوتش، فإن التضخم في نهاية 2024 سيظل عند مستوى الـ50 بالمئة. وإذا كان البنك المركزي جادًا في هدفه بشأن التضخم، فإنه يجب أن يواصل رفع أسعار الفائدة من أجل الوصول إلى نقطة سعر الفائدة الحقيقية الإيجابية".
تصحيح في سياسة التواصل
أشارت الكاتبة إلى أن كلا من محمد شيمشك وإدارة البنك المركزي يحاولان إقناع لاعبي الأسواق المحليين والأجانب بأننا سنستمر في السير مع السياسات الأرثوذكسية بعد تجاوز العقبات الأولية. لكن الخوف من وقوع "حادثة ناجي أغبال الثانية" (محافظ البنك المركزي السابق الذي تم إقالته بسبب رفعه لسعر الفائدة) في السوق هو مصدر قلق داخلي للإدارة الاقتصادية أيضًا.
وأفادت الكاتبة بأن سبب القلق هذا هو اللغة المستخدمة عند وصف اتجاه السياسة النقدية وتوجيهها شفهياً. يمكن استخدام مصطلح "السياسة النقدية المشددة" بدلاً من الزيادات في أسعار الفائدة من الناحية الفنية لأن تشديد المعروض النقدي يعني أيضًا زيادة سعر المال وهو سعر الفائدة.
نعلم أن البنك المركزي في بلدان مثل
تركيا يبتكر مسارات بديلة بسبب عدم قدرته على زيادة الفائدة بمقدار كافٍ في العديد من الحالات، على الرغم من أنه تم التعبير عن تفضيل واضح من قبل السلطة السياسية لزيادة الفائدة. وعلى الرغم من أن مصطلحات مثل "الاحتياطات الاقتصادية" و"نظام السوق المالية" تُستخدم أحيانًا تحت مسميات مختلفة، إلا أن هذه المسارات البديلة تقلل من فعالية السياسة النقدية. لهذا السبب، أشكّ في أن عبارة "السياسة النقدية المتشددة" هي مجرد محاولة أخرى لإيجاد طريق جانبي.
وأضافت الكاتبة أنه لفحص المخاوف بشكل أكثر تحديدًا، تم تحليل اللغة واختيار الكلمات التي استخدمها محافظة البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان في ثلاث تصريحات منذ توليها منصبها في حزيران/ يونيو. مقارنة بما يفعله محافظو البنوك المركزية في البلدان المتقدمة، فإن تواصل محافظ البنك المركزي في تركيا مع الجمهور محدود للغاية. أما أعضاء مجلس السياسة النقدية، فلا يصدرون أي بيانات. لذا، تزداد أهمية اللغة المستخدمة في الفرص النادرة للتواصل.
وأكدت الكاتبة أن تواصل البنك المركزي، إذا تم استخدامه بشكل صحيح، يمكن أن يكون سلاحًا قويًا لزيادة فعالية السياسة النقدية، بالإشارة إلى الاتجاه الذي ستسلكه الأسواق وحتى تقليل تكلفة الوصفة الصعبة (التشديد النقدي). وعند النظر في عدد مرات استخدام الكلمات التي يمكن أن تكون أساسية لموقف السياسة النقدية في محادثات أركان، نلاحظ ما يأتي:
أن "الفائدة"، وهي الأداة الأساسية للسياسة النقدية، تم استخدامها 43 مرة. ومن ناحية أخرى، لا تحمل كلمة "الفائدة" معنى واحدًا. يمكن استخدامها أيضًا للإشارة إلى القنوات الفرعية اللازمة لآلية نقل الأموال مثل فائدة الودائع أو فائدة القروض.
عندما نتعمق أكثر ونبحث عن مجموعات الكلمات التي تعبر بشكل أوضح عن موقف السياسة النقدية، مثل "زيادة الفائدة" أو "سعر الفائدة"، فإن العدد الإجمالي ينخفض إلى 21 فقط.
تم استخدام كلمة "تشديد" 35 مرة، بينما تم استخدام كلمة "تدريجي"، والتي تشير إلى أن زيادة الفائدة ستكون بطيئة (ومع ذلك، تنتهي في النهاية بزيادة كبيرة على عكس المتوقع)، 18 مرة.
تم استخدام كلمة "شاملة" وهي تحمل معنى دعم زيادة الفائدة من خلال سياسات الحذر الكلي، 9 مرات، وهذا يمثل مرتبة أعلى من "سعر الفائدة".
أشارت الكاتبة إلى أنه في بلد مثل تركيا حيث ليس من السهل على البنك المركزي تنفيذ زيادة في سعر الفائدة بالجرعة المطلوبة، نظرًا للطريقة التي يتم بها التعبير عن التفضيلات السياسية بشأن معدل الفائدة، يمكن أن تكون سياسة التواصل سلاحًا مكملًا للبنك المركزي الذي ليس لديه يد حرة في ما يتعلق بزيادة الفائدة. لهذا السبب، فمن الضروري جعل سياسة التواصل التي ظلت في الخلفية في تركيا حتى الآن في المقدمة، مثل الأمثلة الغربية، واختيار الكلمات المستخدمة بعناية.
من المهم تقديم التوجيهات المتعلقة بسعر الفائدة الأساسي للسياسة النقدية بطريقة واضحة وشفافة، وعدم الاختباء وراء التعبيرات الضمنية مثل "السياسة النقدية المتشددة" عند إعطاء إشارة لزيادة أسعار الفائدة. فإذا تم ذلك، فإنه سيكون من الممكن تعزيز رسالة الرئيس رجب طيب
أردوغان بدعم البنك المركزي، وحينها يمكن تقليل القلق في السوق.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)