أجمع ممثلو 25 حزبا إسلاميا من 16 دولة مختلفة حول العالم على أن بنية
النظام العالمي أحادي القطب بدأت بالتصدع وسط أحداث متسارعة تهز العالم بأسره، تنذر بحدوث متغيرات كبيرة على المشهد العالمي في ظل مساع حثيثة من بعض الدول لفرض تعددية الأقطاب.
وشدد المشاركون في مؤتمر الهيئة العامة لملتقى "
العدالة والديمقراطية" الذي أقيم السبت في مدينة إسطنبول التركية، على أهمية الاستناد إلى الشرعية المستمدة من الشعوب في عمل
الأحزاب الإسلامية لتنجب الارتهان للقوى الأجنبية.
وقال رئيس البرلمان التركي السابق، مصطفى شنطوب، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الملتقى، إن بلاده تتضامن مع المحن والأزمات الإنسانية التي تمر بها العديد من دول الجوار التركي والمنطقة العربية، مشيرا إلى أهمية التواصل وتبادل التجارب بين الأحزاب السياسية ذات الرؤى المشتركة لتجسد أصوات شعوب المنطقة وتطلعاتها في عالم يرزح تحت وطأة العديد من الحروب والمآسي.
وأضاف شنطوب خلال كلمته التي غطتها "عربي21" أن "حضارات عديدة برزت بعد قيام النظام العالمي خلال القرن الماضي، تنافست فيما بينها على الصعد العسكرية والسياسية والثقافية، لكنها لم تتمكن عبر النظام الجديد الذي أرسته من إحلال السلم والأمن في العالم.
وذكر السياسي التركي أن شعوبا عدة تضررت بسبب سياسات النظام العالمي التي أدت طوال نحو قرن من الزمان إلى حروب وأزمات اقتصادية خانقة. كما ذكر أن الدول
الغربية اعتقدت أنها ابتكرت أفكارا مثالية لصالح البلدان التي تقع خارج حدودها المشتركة، لكن فشل تلك الأفكار أصبح واضحا؛ لا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وعن الملتقى الذي شهد حضور شخصيات سياسية من نحو 16 دولة مختلفة، شدد شنطوب على أن بلاده تولي اهتماما بمثل هذه الملتقيات التي تهتم ببحث أزمات العالم الإسلامي وتبادل الرؤى والتواصل فيما بينها.
وأشار خلال كلمته أمام ممثلي الأحزاب إلى ضرورة بناء نشاطهم السياسي الهادف للوصول إلى سدة الحكم في بلدانهم عبر استمداد الشرعية من شعوبهم بشكل أساسي، موضحا أن الذين لا يبنون نشاطهم على الإرادة الشعبية ينتهي بهم الحال إلى الوقوف أمام أبواب الاستخبارات الأجنبية.
من جهته، تحدث الأمين العام لملتقى العدالة والديمقراطية، عزام الأيوبي، عن مساعي الدول اللاعبة على الساحة العالمية إلى إنشاء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب بعد أحادية القطب التي سادت عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، في وقت تسعى فيه الشعوب التي تعاني من الظلم والجور نتيجة ازدواجية المعايير العالمية إلى الانعتاق والتحرر واستعادة مستقبلها وثرواتها المنهوبة.
ومن أبرز الأحزاب السياسية التي شاركت في مؤتمر الهيئة العامة للملتقى: حزب العدالة والرفاهية من إندونيسيا، وحزب الجماعة الإسلامية من باكستان، وحزب أمانة من ماليزيا، بالإضافة إلى حزب الحرية والعدالة من مصر، وحزب العدالة والتنمية من
تركيا، وحزب جبهة العمل الإسلامي من الأردن، والحزب الإسلامي من العراق، وغيرها من دول عربية وإسلامية عديدة.
ويهدف الملتقى إلى مناقشة ورقتين أساسيتين خلال أعماله؛ أولهما تطورات النزاع الدائر في السودان، إضافة إلى ملف التعدد المذهبي في العراق وآثاره على المشهد السياسي الراهن.
وقال العضو في الاتحاد الإسلامي الكردستاني، مثنى أمين، ردا على سؤال طرحته "عربي21" حول أهمية تجربة الحزب الحاكم في تركيا بالنسبة للمشاركين بالمؤتمر؛ إن التجربة التركية ملهمة ومميزة عن تجارب العديد من دول المنطقة بسبب "تقاليدها الديمقراطية العريقة"، مستدركا أنها رغم ذلك لا تشكل سوى تجربة واحدة تسعى الأحزاب المشاركة إلى الاستفادة منها بجانب استلهامها من تجاربها الخاصة.
وأضاف أن الهدف الرئيسي للملتقى هو خلق منطقة مشتركة "في النور" تهدف لتعميق أواصر العلاقات بين هذه الأحزاب وتبادل الرؤى في ما بينها، مشيرا إلى أنها أدركت في نهاية المطاف حاجتها للتعاون والاستلهام من تجاربها بهدف تطوير ذواتها ودفعها نحو الأمام.
وشهد الملتقى حضور العديد من الشخصيات السياسية البارزة، منها الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية والأمين العام لمنتدى كوالالمبور عبد الرزاق مقري، والمستشار السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي.
يذكر أنه تم تدشين ملتقى العدالة والديمقراطية عام 2015 بمبادرة من المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين، وقام المشاركون فيه بتسجيله كهيئة غير حكومية في مدينة جنيف بسويسرا.
ويرى القائمون عليه أنه فضاء للتنسيق والتشاور، وإطار لتبادل الرؤى والتجارب السياسية وتعزيز الحقوق والحريات والعمل الديمقراطي وإطلاق المبادرات ودعم وحدة الأوطان واستقرارها ونهضتها، بحسب تعبيرهم.