تقترب الذكرى الـ22 لغزو
الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان، بهدف القضاء على تنظيم القاعدة وحركة
طالبان، في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر.
فبعد أسبوعين فقط على الهجمات التي تبناها تنظيم "القاعدة"، طلبت الولايات المتحدة من "طالبان" تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إلا أن رفض الحركة أظهر أن بوادر الحرب والغزو قد اقتربت.
وفي السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2001، قررت الولايات المتحدة والتي كان يرأسها جورج بوش الابن، ودول حليفة لها غزو أفغانستان، لتبدأ حقبة جديدة من الحروب دامت سنوات، سجلت فيها خسائر بشرية ومادية كبيرة جدا.
أعلنت الولايات المتحدة النصر على طالبان بعد نحو 3 أشهر فقط من الحرب، وعينت حامد كرزاي رئيسا جديدا للحكومة الانتقالية الموالية لها، إلا أن "القاعدة" و"طالبان" لم يستسلما بهذه السهولة، وبقيت الحرب مستمرة ولكن ليس بوتيرة واحدة، إلى حين الانسحاب الأمريكي بعد نحو عقدين.
في عام 2014، تخلت الولايات المتحدة عن دورها القيادي في أفغانستان، وبدأت عملية انسحاب تدريجي للقوات. ومع ذلك، فقد استمرت الحرب في البلاد، وعادت طالبان إلى السلطة في آب/ أغسطس 2021.
تكاليف باهظة
أشارت تقارير الحكومة الأمريكية، إلى أن تكاليف الغزو للفترة بين عامي 2010 و2012 وهي الفترة التي شهدت أكبر وجود عسكري أمريكي بلغت 100 مليار دولار سنويا، علما بأن عدد القوات الأمريكية حينها تجاوز حاجز الـ100 ألف عنصر.
وتراجعت هذه التكلفة بشكل كبير، حين بدأت القوات الأمريكية بتوجيه تركيزها نحو تدريب القوات الأفغانية، بدلا من شن عمليات هجومية.
في عام 2018، بلغ الإنفاق السنوي حوالي 45 مليار دولار، وهذا بحسب ما قاله مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، للكونغرس الأمريكي.
وفي عام 2019، وصل إجمالي الإنفاق العسكري إلى 778 مليار دولار بحسب وزارة الدفاع الأمريكية.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وهيئات حكومية أخرى أنفقت 44 مليار دولار، على مشاريع إعادة الإعمار.
وهذا يصل بالتكلفة الإجمالية في الفترة ما بين 2001 إلى 2019 - بحسب بيانات رسمية - إلى 822 مليار دولار. لكن هذا لا يتضمن أي إنفاق في باكستان، التي تستخدمها الولايات المتحدة كقاعدة لعملياتها في أفغانستان.
ووفقا لدراسة أجرتها جامعة براون في عام 2019، تناولت تكاليف الحرب في أفغانستان وباكستان، فإن الولايات المتحدة أنفقت ما يقرب من 978 مليار دولار، وتتضمن هذه الدراسة المال الذي رصد للعام المالي 2020.
وتشير الدراسة إلى أنه من الصعب تقييم التكلفة الإجمالية بدقة، لأن أساليب المحاسبة تختلف من هيئة حكومية لأخرى، وتتنوع هذه الأساليب من وقت لآخر ما يعطي في النهاية تقديرات مختلفة للتكلفة الإجمالية.
وأنفقت الولايات المتحدة نحو 88.32 مليار دولار - على بناء قوات الأمن الأفغانية، بما في ذلك الجيش الوطني الأفغاني وقوات الشرطة، وهما اللذان انهارا سريعا أمام "طالبان" صيف العام 2021.
وقُتل أكثر من 3500 من عناصر قوات التحالف في أفغانستان، من بينهم 2300 جندي أمريكي منذ أن بدأ الغزو في 2001.
طالبان تحكم أفغانستان
بعد 20 عاما على الغزو، والإنفاق الأمريكي الهائل، عادت حركة "طالبان" إلى حكم أفغانستان مجددا وذلك صيف العام 2021.
ومنذ نحو عامين تحاول "طالبان" كسب شرعية دولية لها، وأظهرت بوادر تغير في نهجها ومعتقداتها، بيد أنها تراجعت لاحقا عن بعض القضايا، إذ عادت لمنع المرأة من التعليم.
وتواجه الحركة تحديات داخلية عديدة، أبرزها وجود تنظيم الدولة "ولاية خراسان"، الذي ينفذ عمليات دائمة ضد عناصر الحركة.
وتسعى طالبان خلال الفترة المقبلة إلى محاولة إحلال سلام داخلي يمكنها من كسب شرعية دولية بهدف الحصول على مقعد في الأمم المتحدة، والتخلص من العقوبات الغربية المفروضة على البلاد بسبب تواجد الحركة في الحكم.
يشار إلى أن القطيعة الدولية لأفغانستان بسبب وجود "طالبان" في الحكم تسببت في أزمة اقتصادية كبيرة في البلاد، ودقت ناقوس الخطر لشريحة واسعة من الشعب الذي بات لا يقوى على توفير الطعام الكافي.